X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أخبار عبلين
اضف تعقيب
15/01/2016 - 12:08:01 pm
مواجع (1) بقلم يوسف حيدر "روحية ادريس "

مواجع (1) بقلم يوسف حيدر "روحية  ادريس "

هل حان الوقت؟

ام تأخر في بحثي عن بداية مواجع... ومشاهد عاشها ابطال مجهولون ... لحظات غالية وسعيدة وأخرى مبهمة وأخرى واضحة ولكن منسية مطوية بطيات الزمن اوكأنها مخبأة او محبوسة في قمقم النسيان ... تنتظر اليد التي تفركها .. يد امير ما .. ويفركها .. يفرك زجاجها من اجل ان تنطلق وتخرج لتسرد حجم وشكل معاناتها .. وتتندى من الحاضر بالذكرى ومن الماضي بالعبرة.. لمن يعتبر. انا لا ابحث عن الجذور وهذه ليست مفرداتي .. لأنني اخاف ان اتعفن وأنا انبش وألاحق شبكاتها المطمورة بوحل السنين وغبارها .. بل عن مسارات وانعطافات تغير وتشكل الآتي .. بل اجد طريقي الذي ارسمه بإرادتي .. كي اسير به متجاوزا كل المنعطفات الحادة والسهلة. والحق يقال انه ليس لدي في هذه الحالة سوى قلمي وبنات افكاري وهواجسي وأحاديث وأقاصيص الناس البسطاء كي ادلقها على اوراقي ألبيضاء ان مسها سحر فهو سحر الاثيرية والتسامي في ذكر مواجع من رحلوا ومن بقوا على صدر الدهر ختمة ووسام وتشكيلة ذكرى عطرة معطرة ساطعة. وطبيعتي المنقبة .. تأبى إلا ان "تنبش"وتتفحص الامر مرارا وتكرارا للتأكد من صدقه وحقيقته .. ودائما احث راوي الحادثة على الاسهاب في شرحه حول الحدث او تفاصيله حتى لو كانت طويلة ومملة.. ليتم كبسها في مكبس مختبري فتفرز الحقيقة الصافية ويذهب "طحملها " في مركب النسيان.

هل هذا السلوك الغريب يجد له تحليلا في لغة النافذين الى مكنونات النفس؟

وهل نبقى سادرين في جهلنا ... ونسيان ذاكرتنا ام انه تقاطعت مسارات اجدادنا معنا ... فصحونا من هول الحقائق الجديدة المكتشفة مذهولين خائفين؟

اكتب مواجعي وما زال في نفسي لوم قاسي.. لأنني تركت كل المسنين والكبار  في اسرتنا يرحلون الواحد تلو الاخر ولم اكلف نفسي عناء استجوابهم. وأخاف ان اقسم لأحمل نفسي حملا ثقيلا آخرا في تنبيش مساراتهم ومنعطفاتهم الحياتية الماضية ومنهم ما زال حيا .. احمله على الاستفاضة في الكلام والحديث عن مساراته ومسارات من سبقهم.

لكن حان الوقت

ان اكتب عن روحية ادريس

المرحومة روحية محمد ادريس التي غادرت الحياة عن عمر ناهز ال 105 سنة . كما ذكروا... لم اتعمد التأخير في الكتابة عن اكبر معمرة في تاريخ قريتنا عبلين "ام عاطف" روحية ادريس إلا لسبب واحد مهم، ان اجمع ما استطعت من اقاصيص عنها وجمعت وكذلك ان اعدد واعرف مواهبها الفطرية العديدة بعد السؤال والفحص والبيان. فهذه الكتابة هي ليست لإسداء معروف لشخص ما او لعائلة ما،انما اكتب منطلقا من مبدأ المحافظة على الذاكرة الشعبية  هذه الذاكرة التي اهملت وما زالت ... الذاكرة الشفوية لشعبنا ... والتي في لبها رسالة مهمة للأجيال القادمة التي تتنفس هواء بلادها اليوم بعد ان دفع الاولون ثمنا باهظا لهذا البقاء دفعه اجدادنا وآبائنا في تحمل المشقات والصعاب والمواجع ومقاومة التشريد والتمزيق والترحيل والجوع والعطش والحرمان وقطع الأرزاق لأجل البقاء والصمود فوق صدر الوطن الغالي مهما كانت الظروف وتغير الحاكم والمحتل والمستعمر.  فالبلاد ستبقى لأصحابها لمن لون بشرتهم من لون ترابها، ودمائهم التي تجري في عروقهم من رائحة عبقها وينابيعها وبحارها وأنهارها... وبريق عيونهم من بريق شمسها في صباحها الندي، وبريق رعودها الغاضبة الشقية الطيبة الهادرة.

فروحية قصة محيرة ... ان تبدؤها .. عليك من البداية ..

روحية رشوا الورود الحمراء الجورية على تابوتها البلوري ... وهي مودعة البيوت وأزقة وشوارع القرية التي احبتها واحتضنت جثمانها .. عندما تتحدث عنها... كأنك تتحدث عن احتلالات ثلاث حتى الآن لفلسطين الاحتلال التركي والاحتلال والانتداب الانجليزي وإسرائيل .

ففي غمرة التساؤلات في رحم المأساة الفلسطينية لا بد من الوقوف ولو لبرهة امام المشهد وفوته...

فلماذا روحية؟

لأنها ظاهرة فريدة في مجتمعنا وخاصة في المجتمع العبليني لما تحلت به من مواهب ومناقب اهلتها لا تصبح مرجعا وملجأ وحضن دافئ وحنون لكثير من النساء والناس. وهذه الظاهرة كانت منتشرة في عبلين لمسنات اضحين مرجعا ذوات مركز مرموق ومحترم من الصغير والكبير وهذا ذكرني بجدتي ام حمادي المازة حيدر اخت جدي علي محمد حيدر (ابو محمد) رحمهما الله وغيرهم من اركان ودعائم وعبق حياتنا وان كانت محافظة قروية عظيمة في بساطتها وبسيطة في عظمتها.

هؤلاء اجدادنا ... نعتز بهم .. خلفوا وخلفوا .. مثلهم وانبتوا اغصانا ريانة كثيفة يانعة غضة وصلبة فواحة مزهرة عطرة ... مثمرة الى ابد الداهرين.

وعندما تتحدث عن روحية ادريس عليك ان تتحدث شيئا ما عن فلسطين وعن ابناء وبنات فلسطين وعن زعامات ووجهاء فلسطين .

فهي بنت محمد عبد النجمي (ابو النعيم) امها من دار الخمرة من حيفا خالتها اسمها عائشة وخالها الدكتور عثمان الخمرة صاحب عيادة وصيدلية في ساحة الحناطير (ساحة الخمرة ) في جيفا قبل سنة 1948. وخالها الثاني المحامي انس الخمرة توفي سنة 1996 في رام الله وهو من مواليد حيفا. وكرم دار الخمرة على سفوح جبل الكرمل في وسط حيفا وكلما كانت تزور حيفا (كما روى ابنائها) كانت تحدثهم عن هذا الكرم انها "لسيدها" وتأكل منه.

خالها عثمان الخمرة الدكتور طرده اليهود حتى وصل الى جنين وترك العيادة والصيدلية التي مكانها بني الآن مطاعم وحوانيت. من جنين عاد مشيا على الاقدام الى حيفا وذهب لصاحب يهودي كان يعالجه وآواه وطلب منه البقاء في حيفا وليتوسط له عند سيف الدين الزعبي فلم يستطع سيف ابقائه في البلاد فطرد مرة اخرى وعاش في عمان الاردن.  وخالتها عائشة وابنها هاشم وحفيدها الدكتور ماجد الخمرة القاطن في حيفا. كان اسم امها حواء الخمرة  تزوجها محمد العبد النجمي وأنجب منها داود الذي تزوج من انيسة الخمرة الملقبة الخرسه وقطنت عبلين مكان بناية المجلس المحلي اليوم (دار محمد توفيق النجمي) وبعدها شرد الى لبنان وتوفي هناك ولم ينجب.

روحية تزوجت محمد حسن عبدالله ادريس من عبلين بعد ان تأخرت بزواجها وكانت تكبر زوجها محمد (ابو عاطف) بعشر سنوات فهو تزوج صغيرا . والده تزوج امه عفيفة سمعان الدعيم بعد ان اسلمت اخت ابراهيم الدعيم وعبوده الدعيم من عبلين وتم تجنيد والده حسن ادريس في الجيش التركي ولم يرى ابنه ... ولم يعد من وقتها ولم يعرف عنه شيئا حتى الآن.

بعد وفاة امها حواء تزوج محمد العبد النجمي انيسة قاسم آغا الخمرة (ام نعيم) وأنجبت له نعيم النجمي (ابو محمد) الذي ورد اسمه في يوميات اكرم زعيتر (الحركة الوطنية الفلسطينية) 1930 حتى 1939 اصدار منشورات اليسار ص 548" وفي تقرير من نعيم عبد النجمي قائد فيصل عبلين وصف لمهاجمة فصيله مستعمرة الارنبيات قرب مستعمرة ام البراغيث (كريات آتا) التي تبعد عن عبلين 16كم. وكيف اطلقت النار" ونحن في استحكاماتنا ثابتين. اما الدخلاء فقد اخذهم الرعب وكأنه يوم الدينونة واطفأوا  الانوار ورأينا اشارات النجدة ترتفع عاليا في السماء وابتدأ الغفراء يجيبون النار بالمثل. وبعد ساعة انسحبنا بسلام ولم نتمكن من معرفة اصابات المستعمرة .. وما كنا نسمع غير الضجيج والصراخ".

وفياض النجمي وعبدا لله وسليمان النجمي (رحمهم الله) . وعمرية في لبنان ورشدية وشمسه وبدرية.

وأنجبت روحية لمحمد ادريس (ابو عاطف) عاطف وعرسان ( والحسن والمأمون اللذان توفيا صغارا بمرض الحصبه) . وشهده ونوخه وفاطمه والمازه. توفيت روحية ولها من الاحفاد 210 حفيدا عند وفاتها كلهم شاهدتهم وباركت مولدهم.

ومحمد حسن ادريس تبارك بهذا الزواج فروحية قوية وجبارة وهو الوحيد المدلل المالك بإمكانها ان تعمل في ملكه وتحافظ عليه ..

(يتبع)

 



Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت