X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أخبار عبلين
اضف تعقيب
17/03/2021 - 11:22:06 am
نساء من بلدي عبلين الحاجة الرفيقة فاطمة محمود فارس نجمي ام الفهد

نساء من بلدي عبلين

الحاجة الرفيقة فاطمة محمود فارس نجمي - أم الفهد

تحرير الأستاذ جاسر داوود 

بمناسبة شهر المراة والثقافة

(الحلقة الثانية)

بمناسة شهر المرأة والثقافة سننفرد في هذا الشهر بكتابة أربع مقالات عن نساء من عبلين ، نعرّف عليهنّ وعلى عملهنّ من أجل بلدتنا على مرّ التاريخ .

لم تعش الطفلة فاطمة حياة الطفولة، كما كانت تتمناها مثلها مثل جميع أطفال العالم، الذين يعيشون في بلاد آمنة وبسلام، بل عاشت ورأت وشاهدت بأم عينيها كيف تمزج الأم والأخت والزوجة دماء قريبهم، ليتحول هذا مع التراب كالخضاب، وكأنها تزف الواحدة منهن قريبها في عرسه.

كانت تشاهد هذه المناظر التي تقشعر لها الأبدان، وهي ابنة عشرة أعوام في حارة " البيض " التي تعيش فيها مع أهلها وأقاربها في مدينة حيفا، حين كانت القوات الصهيونية المدججة بالأسلحة المختلفة والتي أسمها الهاجاناة، وكان أفرادها يلبسون القبعات الحمراء، تقوم بإطلاق الرصاص على الأحياء العربية، ومنها حي الحليصة القريب من الحارة التي يسكن بها أهل الفتاة الصغيرة فاطمة محمود فارس وأقاربها.

هذه الأحداث، احداث الإحتلال الصهيوني لبلاد فلسطين، منعت الطلاب من التوجه إلى مدارسهم خوفا من القتل على يد أفراد هذه القوات، كما وأدخلت الرعب في قلوب الكبار قبل الصغار من العرب العزل آنذاك، ولم تكن تفهم هذه الطفلة ما معنى الإحتلال، وإخراج الأهل والمواطنين من ديارهم، وسلب حقوقهم الشرعية من الحياة بكرامة وسلام وطمأنينة في بلادهم، إلا بعد أن هُجِّرت هي وأهلها وأقاربها وجيرانها من حيهم في حيفا ولجوئهم للسكن في قرية عبلين، بعد ان قامت قوات الهاجاناة الصهيونية بإطلاق رصاص الرشاشات على البنايات التي كانت تسكن بها هذه الطفلة مع عائلتها وأقاربها ، هذا الشعور المأساوي الصعب غرس بقلب هذه الطفلة الصمود مستقبلا أمام تحديات الدهر، وعدم الخضوع بسهولة لتهديداته ومصائبه.

الفتاة الصغيرة إبنة العشر سنوات لا تنسى الحادثة التي أدت بوالدتها حسنة عبد نجمي إقناع الزوج محمود بالرحيل إلى عبلين، إلى أقاربها لفترة زمنية، ثم العودة إلى حيفا. لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، بالوضع الأمني آنذاك لم يسمح للعائلة النازحة والمهجرة من حيفا أن تعود إليها ، بالرغم من أن قريتنا الوادعة عبلين لم تكن بها مقاومة، إلا ان السكان بما فيهم الفتاة الصغيرة فاطمة وعائلتها المنتقلة رغما عن إرادتها من حيفا إلى عبلين، قد رحلوا عن البلدة، حين سمعوا لعلعة الرصاص، وصوت ضرب قوي لطائرة على بيت أحد السكان في مدينة شفاعمرو المجاورة لعبلين جنوبا.

في إحدى المرات توجهت فاطمة الفتاة الصغيرة إلى عيادة الطبيب موفق دياب في شفاعمرو مع بعض اخوتها، لسبب صحي بسبب تناول اكل معين، فرأت ما يشبه ما رأته في حيفا من ترحيل لأبناء شعبها الفلسطيني عن دياره، رأت وشاهدت المصابات من النساء اللواتي صرخن على جنود الهاجاناة، حين كانوا يخرجون الشباب والرجال من بيوتهم بالقوة، ونقلهم بسيارات الشحن إلى الحدود الأردنية لترحيلهم عن البلاد وأهاليهم. رأتهم يأتون إلى العيادة، وقسم كبير منهن مغمى عليه، بسبب تصرف الجنود الغير إنساني .

هذا المشهد اعاد لذهن هذه الفتاة الصغيرة ما رأته في بلدتها حيفا، كيف قام جنود قوات الهاجاناة بتدمير الدار التي بجانب بيت أهلها، إذ دحرجوا برميلا كبيرا مليئا بالمتفجرات، مما أدى إلى تدمير الطوابق الثلاث، التي كانت فوق الشارع الرئيسي، أما الطابق الاول والذي كان تحت مستوى الشارع فلم يهدم، وشاء القدر أن يحمي الفتاة الصغيرة فاطمة واهلها وبعض الأقارب، الذين إختبأوا به قبل تفجير الطوابق العلوية. أما أخوها إبراهيم فكان يعمل بالإسعاف، وساعد بإخراج ١٣ جثة من بين الأنقاض، غير المصابين بالكسور والجرحى.

كل هذه المشاهد المليئة بالدم والقهر والظلم أثّــر على الطفلة، لكنها صبرت، وأدى هذا بها مستقبلا إلى عشق اللون الاحمر، ولكن ليس لون الدم والظلم، بل لون الحرية والعيش بأمان وسلام لكل الشعوب.

كبرت الفتاة الصغيرة، وتزوجت من الشاب راجي حسن نجمي سنة ١٩٥٤م، والذي عانى الكثير أيضا من أحداث ١٩٤٨م. لكنه صمد أمام هول المصائب والدمار الذي لحق بأبناء شعبه الفلسطيني جراء هذا الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين .

عاشت السيدة فاطمة في بيتها الزوجي، تتقاسم فيه الصبر والعزيمة على الإستمرار بنبذ العنف والإضطهاد، الذي يلحق بأبناء شعبها إن كان هذا في عبلين أو خارجها ، وفي أوائل الستينات من ألقرن الماضي، إنضم زوجها راجي - أبو الفهد إلى صفوف الحزب الشيوعي، وهذا الإنضمام زاد التضييق على مصدر رزق العائلة، أذ كان الرفيق الزوج راجي مجبرا بأخذ تصريح من الحاكم العسكري في شفاعمرو، والذي كان مكتبه قريبا من عيادة الطبيب موفق دياب .

كان على الرفيق راجي الحصول على تصريح من هذا الحاكم مرة بالأسبوع، وكان ينتظر ساعات مثله مثل بقية المواطنين العرب للحصول عليه، وبهذا كان يخسر يوم عمل، لكن إصراره على الحصول على لقمة عيشه وعيش عائلته بكرامة، ومساندة زوجته الرفيقة الشيوعية فاطمة، أدى به إلى الصمود أمام هذه التضييقات والضغوطات وقفت الرفيقة فاطمة إلى جانب زوجها، وساندته، ورفضت مثله الخضوع لهذه الضغوطات، مما زاده وهي على التحمل والصبر من أجل بناء عائلة قوية، تتحمل كل مشقات الحياة دون الخضوع للذل وللحياة الذليلة .

ان مبدأها أن كل شعبنا الفلسطيني الذي تبقى في بلاده يعاني نفس المعاناة، التضييق عليه من كل الجهات، وتنغيص حياة ابنائه، لهذا رأت أن من واجبها وبعض الرفيقات الشيوعيات بالبلدة عبلين العمل على تنظيمهن بإطار من خلاله يقمن بفعاليات تخصهن، وتخص بعض الصديقات لهن، فتداولن بينهن هي وأم أنطون نصري المر، وأم عايد وديع خوري وأم مالك فوزي حاج في مسالة تأسيس فرع لحركة النساء الديمقراطيات بالبلدة عبلين، ومن خلال هذا الإطار يقمن ببعض الفعاليات الثقافية – التربوية أسسن الفرع، وانضمت إليهن النساء الرفيقات، ونساء صديقات لهن، وعملن على أن يؤسسن ويفتحن إطار للأطفال في سن الطفولة المبكرة، فافتتحن روضة للأطفال في بيت توفيق طعمة غبريس، ثم نقلت إلى منطقة الجلمة، وكانت تضم أطفال الرفاق وبعض أطفال الاصدقاء للحزب الشيوعي بالبلدة، اما المعلمة فيها فكانت جميلة صالح سليم ، ثم طلبن من المسؤولة عن حركة النساء الديمقراطيات بالمنطقة العمل على إقامة دورات تخص الفتيات ومنها الخياطة والتطريز، فانتدبت السيدة سميرة ابو غزالة من شفاعمرو، لتقوم بتعليم الفتيات. كما وكانت الرفيقات العبلينيات وبعض الصديقات يقمن بالمشاركة في فعاليات الحزب الشيوعي والجبهة، مثل مظاهرات أول أيار ومظاهرة التنديد بالحرب الأمريكية على فيتنام، والندوات في مناسبات مختلفة مثل يوم المرأة العالمي وغيرها من الندوات .

رافقها اللون الأحمر في شبابها، حملت علمه بفخر واعتزاز، لكن هذا اللون يختلف عن اللون الأحمر الذي شاهدته بطفولتها بمدينة حيفا مسقط رأسها، وفي عبلين مكان سكناها قبل وبعد الزواج من رفيق دربها الرفيق راجي حسن النجمي، الذي حمل نفس اللون، فاللون الأحمر بطفولتها كان لون الطقيات الحمراء التي لبسها جنود الهاجاناة الصهيونيين، الذين قتلوا بحارتها العديد من الأشخاص الأبرياء، الذين لم يرتكبوا اي ذنب سوى انهم عرب أبناء هذه البلاد. أما اللون الأحمر الذي اختارته بشبابها، فهو اللون الذي يدعو الإنسان إلى احترام أخيه الإنسان، وحقه بالعيش بحرية وكرامة واحترام. نعم هذا جزء مما كانت تطلبه حركة لينين الأممية – الشيوعية نشاطها بين النساء في بلدتها عبلين والبلدات الأخرى، إدى بالمسؤولين الشيوعيين إلى اختيارها مع ٧ نساء، ثلاث عربيات، واربع يهوديات، ليسافرن إلى ألمانيا الشرقية وعاصمتها برلين آنذاك، وذلك سنة ١٩٨١م، ليتعرفن على حياة الشيوعيين وثقافتهم وغيرها بالبلاد التي تسير بنظام شيوعي أممي ، زارت هي والوفد المرافق لها المصانع، واستقبلتهن النساء العاملات بها بالورود، الممزوجة بدموع الألم، لأنهن كن يعرفن كيف يعيش العرب الفلسطينيون ببلادهم تحت حكم الصهاينة، وكن يشجعهن على الإستمرار بالنضال من أجل العيش بحياة كريمة وحرة كما والتقين ببعض اعضاء الحركات النسائية المختلفة، وتحدثن معهن حول أمور كثيرة سياسية وغيره.

عادت الرفيقة فاطمة والمرافقات لها من ألمانيا، وأخذت تشترك بندوات في القرى المجاورة، لتشرح لنساء الحركة الديمقراطية عن انطباعها والفوائد التي زودتهن بها هذه الزيارة .

إستمرت الرفيقة فاطمة بالعمل والاشتراك بنشاطات حزبية وجبهوية متنوعة داخل عبلين وخارجها، ولم تتوقف حتى هذا اليوم، فهي تغذي الصبايا الرفيقات والصديقات لهن في حركة النساء الديمقراطيات بزوادة العمل والاستمرار به من أجل حياة أفضل لهن ولعائلاتهن ولأبناء شعبهم الفلسطيني في هذا الوطن، الذي لا وطن لنا سواه .

رغم تقدمها بالسن، إلا انها ما زالت تشارك في فعاليات النسوة بمركز المسنين القريب من دوار فانوس رمضان، وتسدي النصائح لعضوات حركة النساء الديمقراطيات، وآخرها كان الاحتفال بعيد المرأة العالمي، والذي عقد بمقر الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة في عبلين ببناية أبي مازن - أحمد طلب نجمي، وناقشت وأبدت رايها ببعض نقاط البحث .

كما وما زالت تشارك بالاجتماعات واللقاءات التي تقام بالبلدة عشية الانتخابات للكنيست، لشعورها بواجب المسؤولية الملقاة على عاتقها وبقية النساء، كي يقمن بدورهن إلى جانب الشيوعيين ومناصريهم من أجل الحصول على حقوقهم المشروعة، ودون منة أو حسنة .

هذه هي الحاجة الرفيقة أم الفهد، أمد الله بعمرها، كي تفيد من تجاربها بالحياة غيرها من النساء والرجال في بلدتنا الغالية على قلبها، وقلب كل من يشعر بالإنتماء البلدي - الوطني لهذا الوطن الصغير

نتمنى لأم الفهد دوام الصحة والعافية والعطاء .













Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت