X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
فنجان ثقافة
اضف تعقيب
16/04/2020 - 01:54:57 pm
ثلاث قضايا عن الشعر... ورابعة بقلم مرزوق الحلبي

ثلاث قضايا عن الشعر... ورابعة

عن الوفرة من "الشعر" و"الشعراء"؟

بقلم - مرزوق الحلبي 

نقلا عن جدل 

القضية الرابعة نشأت من سؤال للصديقة رائدة حاج نصار عن كثرة الشعراء. وقد سألت مّن المسؤول عن تسمية هذا الكمّ الهائل من الناس "شعراء" و"شاعرات"؟ في الطريق إلى الإجابة على السؤال سأجيب، أيضا، على سؤال ـ من أين تاتي هذه الوفرة في "الشعر" و"الشعراء"؟ ولأن الإجابة طويلة سأضعها موجزة إداريًا في جمل مُقتضبة لا تغلق باب الاجتهاد بقدر ما تفتحه.

ـ الوفرة في الشعر هي انعكاس لوفرة مادية في كل شيء قياسًا بأزمنة مضت ـ خاصة في أعداد الذين يعرفون القراءة والكتابة. ولدينا وفرة في كل "المهن" الاجتماعية الاعتبارية والعملية.

ـ الوفرة تأتي من أهميّة الشاعر في الثقافة العربية تاريخيًّا خاصة عندما كانت ثقافة مسموعة ـ فالشاعر نبيّ وعالم وبطل وقائد ورمز ومُقاوم وصوت الناس ـ في الثقافة العربية الراهنة آثار لهذه المنزلة الرفيعة التي لا تزال حلم كثيرات وكثيرين.

ـ في الشعر والشاعرية حريّة مشتهاة غير متوفّرة في مجتمع محافظ وبطركي ـ حريّة تبدأ بصرف الممنوع وتسكين المتحرّك، أي من اللغة وقواعدها ـ وصولا إلى الغزل والحب والعشق العذري والإباحي، وكل المسافة بين أفلاطون وأبو النوّاس. في الشعر والشاعرية هامش من الحرية الشخصية ومساحة لممارسة فردانية في حدود ما بانعدام إمكانية ذلك في الحقيقة. اللغة المواربة تُتيح ما لا تُتيحه الأعراف في مجتمع تحكمه طبقات من السلطات المختلفة ـ الدينية والاجتماعية والسياسية والهويتيّة والجندريّة والجنسية والذكورية وما إلى ذلك مما نسمّيه "تابوهات" ومحرّمات. الشعر هو حيلة الناس في المقاومة.

ـ الشعر والكتابة عمومًا في هذا الزمن هي وسيلة اتصال اجتماعية هامة لفئات اجتماعية ترى في امتلاكها نعمة الكتابة امتيازا تُريد أن تستثمره إلى آخره في إقامة صلات ومنتديات وأمسيات وحلقات تحقّق فيها ذواتها الاجتماعية.

ـ الشعر هو من أهمّ أدوات المقاومة في المجموعات المستضعفة المقهورة. هو حقل لتجريب التعبير عن الذات وبناء اقتدارها.

أما مَن هو المسؤول عن تسمية هذه الكُثرة من الناس بـ"شعراء" و"شاعرت"، فهو المسؤول ذاته عن انتشار الألقاب الأخرى، ناشط، إعلامي، فنّان، علّامة، صحفي، كاتب، باحث، مدرّب تنمية بشرية، مستشار تنظيمي، شيخ، أستاذ، فيلسوف، مفكّر،مثقّف (ذكرتها بصيغة الذكور وتنسحب على الإناث). الأدب ـ يحميه النُقاد النُقاد إذا حضروا. حتى في حالة حضورهم ستظلّ الوفرة الاقتصادية تنعكس على شكل ظواهر اجتماعية كهذه أو كتلك. أقول هذا وفي ذهني أحد قوانين الماركسية وهو أن المال إذا طغى كقيمة وحيدة يُمكن أن يسطّح كلّ شيء ويُفقده معناه وبضمن ذلك الأدب والشعر والفنون الأخرى والأخلاق أيضا!

في نهاية المطاف، ليس كل مَن يكتب أديبًا ولا شاعرً وإن تسمّى بذلك المعنيون. فالألقاب كما أشرت تسطّحت تمامًا وفقدت معناها. والدال على ذلك مستوى النصوص المسجوعة والمفجوعة والجافة والمعلّبة والمهندسة على الشفرة والمقصوصة اللسان والمكرورة والمنقولة والفاقدة صلاحيتها والدالة على فقدان المعنى لا على حضوره. مسألة رافقت الإبداع منذ كان وكانت مستوياته، فهو يتحرّك دائمًا وأبدًا بين عالٍ لا يُطالُ وبين تافه في مستوى الأرض.

يستطيع النازل على ساحة الأدب أَن يشتري بالمال الوفير أو بغيره الناشر والناقد ومدير المنتدى ومسؤولة المركز الثقافي والمترجم وصاحب الجريدة أبو قرش ورئيس السلطة المحليّة أبو قرشين ونصّ ـ لكنه في رأيي لن يستطيع شراء القارئ خاصة إذا كان قارئًا فوق المتوسّط.

كلّي ثقة بالقارئات وبالقرّاء فوق المتوسّطين.

(نيسان 2020)

من تصوير الشاعر مرزوق الحلبي











Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت