X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
فنجان ثقافة
اضف تعقيب
30/05/2021 - 11:16:18 am
معين بسيسو.. البُركان الَّذي ظلَّ متفجِّراً حتَّى النِّهاية

معين بسيسو.. البُركان الَّذي ظلَّ متفجِّراً حتَّى النِّهاية

بقلم:سعود قبيلات

يذكِّرني معين بسيسو بأسد محمَّد قاسم، وتقترن صورة كلٍّ منهما لديَّ بصورة الآخر؛ مع فارق أنَّ معين حظي بمقدارٍ من الشّهرة والرَّواج أكبر مِنْ ما حظي به «أسد».

 بسيسو وقاسم قضى كلٌّ منهما عمره تقريباً في المنافي، وتميَّزت قصيدة كلٌّ منهما بالبساطة والوضوح والمباشرة.. مِنْ دون أنْ تكون هذه الخصائص مقترنة – كما هو شائع – بالسَّطحيَّة والرَّكاكة والابتذال، بل هي، بخلاف ذلك، تقترن بعمق الفكرة واتِّساع الرّؤية المستندين إلى غنى التَّجربة الحياتيَّة والسِّياسيَّة، وتقترن أيضاً بغنى الثَّقافة الَّتي تثري كتابتهما الأدبيَّة والسِّياسيَّة.

 وهذا بالإضافة إلى امتلاك كلّ منهما للأدوات الفنيَّة الضَّروريَّة ومهارة التَّعامل معها واستخدامها بالصّورة الملائمة.

 وكلٌّ منهما نشأتْ تجربته الفنيَّة ونمتْ وازدهرتْ في أثناء كفاحه في إطار الحركة الشّيوعيَّة العربيَّة والعالميَّة على السَّواء.

 وفِعلُ كلٍّ منهما اقترن بقوله، وتطابقتْ تجربته الحياتيَّة والسِّياسيَّة مع تجربته الشِّعريَّة.

 وكلٌّ منهما وجد نفسه، بعد مرحلة غنيَّة من الانخراط في العمل الحزبيّ (الشّيوعيّ) المباشر، يتحرَّك سياسيّاً (وأدبيّاً) بصورة مستقلَّة في الهامش المتاح إلى جانب الحركة الشّيوعيَّة وبالتناغم معها.

كما أنَّ كلّاً منهما وجد نفسه في مرحلة لاحقة يعمل موظَّفاً في إحدى مؤسَّسات «منظَّمة التَّحرير الفلسطينيَّة» مع احتفاظه بهويَّته الفكريَّة والسِّياسيَّة الأصليَّة وبمسافة خاصَّة من البعد عن حلبة الصِّراعات الدَّاخليَّة (والبينيَّة) لفصائل «المنظَّمة».

 بل إنَّ كلّاً منهما شعر هناك بنوعٍ من الغربة تجاه بعض السّلوكيَّات وآليَّات العمل المناقضة لما يؤمن به ولما اعتاد عليه خلال تجربته السِّياسيَّة السَّابقة.

 وفي هذا المجال، فلأسد محمَّد قاسم بعض القصائد الَّتي تقطر مرارة وألماً تجاه بعض الأشخاص وبعض الممارسات السَّلبيَّة في «المنظَّمة»؛ مثلما هو الحال في قصيدته «القدس والسَّفير»، الَّتي يقول فيها إنَّه بينما كان يحدَّث أحد سفراء فلسطين (الَّذي يُفتَرض أنَّه محسوبٌ على الثَّورة والثّوّار) عن القدس والمخاطر الَّتي أصبحت تهدِّدها في ظلّ الاحتلال، يفاجأ به (السَّفير) يقاطعه مِنْ أجل همومٍ أخرى هي بالنِّسبة له أكثر أهميَّة من القدس ومصيرها:

«ليسألني عن الأسعار

في البورصة

وعن صحَّة ما يروى من الأخبار

إذ قالت

لقد زلَّت مساءَ الأمس رِجْلُ المارك فانخلجت

وطالت إثر عرجته كثيراً قامة الدّولار.

ولا يُخفي سعادته ما قد صار فكلّ رصيده الثَّوريّ الوافر بالدّولار».

في حين أنَّه مشهور عن معين بسيسو قوله، عندما ترشّح مع بعض الأدباء الفلسطينيّين البارزين لانتخابات اتِّحاد الكتَّاب والصَّحفيّين الفلسطينيّين وفشلوا جميعاً لأنَّهم لم يرشّحوا أنفسهم ضمن القائمة الفصائليَّة الرَّسميَّة، بأنَّه لو كان المتنبِّي، نفسه، قد ترشَّح لتلك الانتخابات لفشل!

ولقد عُرِفَ كلاهما (بسيسو وقاسم) بنظره إلى القضيَّة الفلسطينيَّة في سياقها الطَّبيعيّ الصَّحيح على المستوى العربيّ والمستوى الدّوليّ، باعتبارها قضيَّة تحرّر وطنيّ، ما يقود إلى التَّعامل مع كلّ قوى التَّحرّر الوطنيّ، في العالم العربيّ وفي العالم أجمع، كصديق للشَّعب الفلسطينيّ وحليف له في نضاله مِنْ أجل نيل حقوقه؛ والتَّعامل مع كلّ قوى الاستعمار الاستيطانيّ حيثما وُجِدتْ كعدوّ له ولقضيَّته.

 ولذلك فقد كثر في شعر كلٍّ منهما التَّغنِّي بنماذج الكفاح والمقاومة الَّتي كانت تخوضها الشّعوب المختلفة ضدّ الاستعمار والتَّسلّط والقهر.

 وكلاهما مزج في شعره وفي مواقفه ما بين متطلَّبات الصِّراع الوطنيّ وضروراته وبين متطلَّبات الصِّراع الاجتماعيّ وضروراته، باعتبار أنَّ الاستعمار الدَّوليّ إنَّما هو في النِّهاية تعبير عن حالة التَّفاوت (والصِّراع) الاجتماعيّ على المستوى الدَّوليّ، كما أنَّ التَّفاوت والتَّناقض الاجتماعيّ في مستواهما المحليّ يعملان ويتفاعلان في إطار هيمنة آليَّات التَّفاوت والصِّراع الاجتماعيّ وتأثيرها في مستواها الدَّوليّ.

 وبالإجمال، فقد كانا (أسد ومعين) يمثِّلان مدرسة مغايرة للمدرسة الأدبيَّة والسِّياسيَّة الفلسطينيَّة الرَّسميَّة الَّتي كان شعارها في السَّبعينيَّات وما بعدها (يا وحدنا!)، وساهمتْ في النِّهاية (تحت ستار «يا وحدنا») في إيصال القضيَّة الفلسطينيَّة إلى المشهد المأساويّ الَّذي نراه الآن.

وبالنِّسبة لي، فقد تعرَّفتُ على شعر معين بسيسو، في مرحلة مبكِّرة مِنْ حياتي، مِنْ خلال قصيدته المعروفة «المعركة»:

«أنا إنْ سقطتُ فخذ مكاني يا رفيقي في الكفاح

وانظر إلى شفتيَّ أطبقتا على هوج الرِّياح

أنا لم أمتْ! أنا لم أزل أدعوك مِنْ خلف الجراح».

ثمَّ بعد ذلك رحتُ أتابع مقالاته الأسبوعيَّة في مجلَّة «الأسبوع العربيّ» اللبنانيَّة. وقد أعجبني فيها، آنذاك، وضوح موقفه السِّياسيّ والفكريّ، وحرارة لغته، وتدفّق مشاعره، وسلاسة تعبيره.

 كنتُ، آنذاك، أوفِّر قسماً مِنْ مصروفي المدرسيّ لأشتري به «الأسبوع العربيّ»، وأقرأ فيها مقالات معين بسيسو، ونزار قبَّاني، وغادة السَّمَّان، والصَّادق النّيهوم، والمقدَّم الهيثم الأيوبيّ. وجميعهم كانت لهم، آنذاك، مقالات أسبوعيَّة ثابتة في تلك المجلَّة.

 ولا أزال أذكر، بوجهٍ خاصّ، الرِّسالة الملتهبة الَّتي وجَّهها معين مِنْ على منبره ذاك إلى الأديب السّوفييتيّ سولجنستين عندما انشقَّ عن بلاده وهاجر إلى الغرب.

وبعد ذلك، كان لي لقاء مع شعر معين بسيسو مِنْ خلال التَّجمّعات الطّلابيَّة الحزبيَّة في الجامعة الأردنيَّة، سواء أكان ذلك عن طريق تداول دواوينه وقراءتها أو عن طريق ترديد الأناشيد الثَّوريَّة الحماسيَّة المصاغة مِنْ بعض قصائده.

 وبالتَّالي، فقد كان معين بسيسو واحداً مِنْ أبرز الأدباء الَّذين ساهموا في صياغة وجداني ووجدان الكثيرين مِنْ أبناء جيلي.

وفي تلك الفترة، نفسها، قرأتُ كتابه «دفاتر فلسطينيَّة» الَّذي يسرد فيه بعض جوانب تجربته الأدبيَّة والسِّياسيَّة؛ فازددتُ معرفةً به ومحبَّةً له.

 ثمَّ وجدتني مهتمّاً، بعد ذلك، بالتَّعرَّف على تفاصيل كفاحه القديم في غزَّة ومصر، بالاستفسار عنها مِنْ بعض رفاقه (ورفاقي) القدماء، ومِنْ خلال مطالعة ما كان يتوفَّر لي مِنْ كتابات في هذا المجال.

 وتشكَّلتْ في ذهني، بالمحصِّلة، صورة رومانسيَّة لإنسان صاحب مبدأ، يتمسَّك بشدَّة بقضيَّته الفكريَّة والسِّياسيَّة والوطنيَّة، ويبدي استعداداً دائماً للعمل مِنْ أجلها والتَّضحية في سبيلها.

وهنا، أريد أنْ أعود قليلاً إلى الوراء لأستعرض بعض جوانب حياته:

وُلِد معين بسيسو في مدينة غزَّة في العام 1927، ونشأتْ تجربته الشِّعريَّة والسِّياسيَّة هناك في سياق الصِّراع مع المشروع الاستيطانيّ التَّوسّعيّ الصّهيونيّ.

 ومِنْ أبرز المعارك الكفاحيَّة الَّتي خاضها مع شعبه في تلك الفترة هي المعركة الَّتي كان هدفها إحباط المشروع المشبوه الهادف لتوطين اللاجئين الفلسطينيّين في صحراء سيناء.

 وفي ما بعد، وخصوصاً أثناء درسته في الجامعة في القاهرة، التحم بالحركة السِّياسيَّة والثَّقافيَّة المصريَّة، وعلى الأخصّ منها الحركة الشّيوعيَّة. فمن المعروف أنَّ غزَّة كانت – آنذاك – تتبع إدارياً لمصر، وقد ظلَّتْ كذلك إلى أنْ تمَّ احتلالها مِنْ «إسرائيل» في العام 1967.

 وإذا كانت علاقة معين بسيسو بالحركة الشّيوعيَّة المصريَّة تتميَّز بالوضوح والثَّبات، فقد كان الأمر بخلاف ذلك في ما يتَّصل بعلاقته بنظام الرَّئيس جمال عبد النَّاصر الَّتي كانت أكثر مراوحة وتعقيداً؛ فهو مِنْ جهة تعرَّض للاعتقال أكثر مِنْ مرَّة، على يد أجهزة ذلك النِّظام، وزُجَّ به في السّجون مع الشّيوعيّين المصريّين لسنواتٍ طويلة، ولكنَّه، مِنْ جهة أخرى، وقف (شأنه شأن الشّيوعيين المصريين) بكلّ وضوح وصلابة وحزم ضدَّ العدوان الثّلاثيّ الَّذي شنَّته فرنسا وبريطانيا و«إسرائيل» على مصر عبد النَّاصر، بعد قيام الزَّعيم المصريّ، آنذاك، بتأميم قناة السّويس.

وقد اشتُهرتْ لـ«معين» في هذا المجال أكثر مِنْ قصيدة، منها، على سبيل المثال، قصيدة «المتاريس»، ويقول فيها:

«قد أقبلوا فلا مساومة

المجد للمقاومة

لراية الإصرار شاهقة

للموجة الحمراء مِنْ صيحاتنا المعلَّقة

على الشَّوارع الممزَّقة

ولليد المكبَّلة

ولليد الطَّليقة المناضلة»

ويقول أيضاً:

«وبورسعيد بندقيَّة البنادق

وخندق الخنادق

شمس من الجراح تسمَّرتْ في الليل

فوق جبهة المحارب

يا بورسعيد.. الفجر طالع،

هذا صياح الدّيك يوقف الرَّصاص في البنادق

والرِّياح في الحرائق

وأوشك الصَّباح أنْ يمسَّ راية المحارب

يا بورسعيد ليس روحك الوهَّاج،

وحده يقاتل

ولا مدينتي وحيدة تقاتل

لك الشّعوب رفرفتْ بنادق

وسرحت لكِ البحارُ السَّحائب»

وفي ما بعد، ذكر «معين» الرَّئيس عبد الناصر، في قصائده، أكثر مِنْ مرَّة، بشكلٍ إيجابيّ، كما أنَّه رثاه حين مات بقصيدة حارَّة عبَّر مِنْ خلالها عن تقديره لمواقفه وانجازاته. وبهذا فهو عبَّر في الوقت نفسه، وبصورة غير مباشرة، عن تساميه على الجراح الَّتي أصابته وأصابت الحركة السِّياسيَّة الَّتي ينتمي إليها، على يد نظام الرَّئيس عبد النَّاصر.

ومعروف أنَّ معين بسيسو كان له دورٌ نشيط في تأسيس الحركة الشّيوعيَّة في غزَّة، وهي حركة تختلف في ظروفها وعلاقاتها عن الحركة الشّيوعيَّة في بقيَّة أنحاء فلسطين؛ إذ مع أنَّها في الأصل حركة سياسيَّة فلسطينيَّة إلا أنَّها كانت ترتبط بعلاقات كفاحيَّة وتنظيميَّة خاصَّة مع الحركة الشّيوعيَّة المصريَّة، وعلى نحوٍ أوثق ممَّا كانت ترتبط به مع الحركة الشّيوعيَّة الفلسطينيَّة والعربيَّة.

وفي ما بعد عمل معين بسيسو مدرِّساً في العراق، وقد انخرط هناك فوراً في الحياة السِّياسيَّة العراقيَّة النَّشيطة، وحركتها المحتدمة، في زمن رئيس الوزراء العراقيّ الشَّهير نوري السَّعيد.

 وبالنتيجة تمَّ طرده من العراق. وقد تحدَّث لاحقاً عن ظروف تلك التَّجربة الإنسانيَّة والسِّياسيَّة الغنيَّة في كتابه المعروف «دفاتر فلسطينيَّة». كما أنَّه فعل ذلك في العديد مِنْ قصائده الَّتي كتبها في تلك الفترة:

«سيظلُّ يحرسه العراق

سيظلُّ يخفق في العراق

في ظلّ أقواس المشانق والرَّصاص

قلب المقاومة العنيد، والخلاص

جنباً إلى جنب يدقّ مع القلوب

في جبهة السِّلم العريضة والشّعوب».

ويتميَّز معين بسيسو، بصورة واضحة وملفتة، بمحبَّته لرفاقه، واعتزازه بهم، سواءٌ أكانوا عرباً أم مِنْ مختلف بلدان العالم الأخرى. ففي العديد مِنْ قصائده نجده يتغنَّى بأمجادهم وبطولاتهم، ويردِّد أسماءهم بمحبَّة وفخر؛ ومِنْ هؤلاء، على سبيل المثال: «فهد» (مؤسِّس الحزب الشّيوعيّ العراقيّ، الَّذي أُعدِمَ في العهد الملكيّ وواجه لحظة موته ببسالة نادرة)، و«أبو خالد» (فؤاد نصَّار، مؤسِّس الحزب الشّيوعيّ الأردنيّ)، و«زيَّادين» (الدّكتور يعقوب زيَّادين، الأمين العامّ الأسبق للحزب الشّيوعيّ الأردنيّ).. الخ.

«جبل النَّار

يا صوت "زيَّادين" الهدَّار».

وقد خصَّص إحدى مسرحيَّاته لتناول مأساة غيفارا، كما أنَّه خصَّص أحد كتبه للحديث عن الاتِّحاد السّوفييتيّ، وهو بعنوان «الاتِّحاد السّوفييتيّ لي»، وقد كتبه في العام 1983؛ أي قبل وفاته بسنة تقريباً.

وفي إحدى قصائده، وهي بعنوان «تحدِّي»، يعبِّر معين بسيسو عن موقفه الإيجابيّ، هذا، مِنْ رفاقه؛ فيقول:

«أنا لا أخاف ومَنْ أخاف ولي رفاق يا عواصف؟

قد أقسموا والشَّمس ترخي فوقهم حمر الضَّفائر

أنْ يطردوا مِنْ أرضنا الخضراء تجَّار المقابر

ويحرِّروا الإنسان مِنْ قيد المذابح والمجازر

ويحرِّروا التَّاريخ مِنْ قلم المغامر والمقامر

فنحقِّق الوطن الكبير لنا ونزرعه منائر».

ومِنْ ناحية أخرى، فإنَّه ما مِنْ وصف ينطبق على معين بسيسو أكثر مِنْ وصفه بأنَّه شاعر مقاتل. فهو مقاتل بالقصيدة، وبالكلمة بوجه عامّ، ومقاتل بمواقفه الشّجاعة الصّلبة، ومقاتل بوجوده الفعليّ في خنادق القتال إذا ما تطلَّب الأمر منه ذلك. بيد أنَّ القصيدة (والكلمة عموماً) كانت هي سلاحه الأساسيّ الَّذي كان يتمنطق به طوال الوقت ويشهره ضد أعدائه باستمرار، دفاعاً عن شعبه ومبادئه وقيمه ورفاقه، متصدِّراً الصّفوف دائماً، لا يهدأ ولا يستكين ولا يعرف طعماً للهدنة.

وللشعر عنده دور آخر مهمّ لا ينفصل عن دوره «القتاليّ»، ألا وهو دوره التنويريّ:

«يا لمجد الكلمة

حينما تغدو عناقيد ضياء

 في أيادي الشّعراء».

بيد أنَّه يدرك أنَّ الحالة الشّعريَّة الَّتي يمثِّلها تعبِّر بمجملها عن وضع معقَّدٍ وظرفٍ خاصّ:

«فمك المكبَّل بالحديد وفمي المكبَّل بالنَّشيد

صوتان للحريَّة الحمراء في وطن العبيد

متكسِّران تكسّر الأمواج فوق الزَّورق

متعاظماً بحطامه وكأنَّه لم يغرق

قيدان في هذا الطَّريق يتطلَّعان إلى الحريق

كالشَّاطئ الرَّاسي يحاول سحبه نفس الغريق».

وهذا لا يعني، مطلقاً، أنَّه كان يقلِّل مِنْ أهميَّة التَّجربة الشِّعريَّة والإنسانيَّة والسِّياسيَّة الَّتي خاض غمارها خلال القسم الأعظم مِنْ حياته؛ بل إنَّه، على النَّقيض مِنْ ذلك، كرَّس نفسه لها وكان يمنحها ما تحتاجه كلّ تجربة فنيَّة حقيقيَّة مِنْ الصّدقيَّة والأصالة والعمق.

وفي النِّهاية، فإنّ معين بسيسو كان ابن زمنه وابن ظرفه، وقد تفاعل معهما وعبَّر عنهما على أحسن وجهٍ كان ممكناً بالنِّسبة له.




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت