X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
فنجان ثقافة
اضف تعقيب
21/11/2021 - 10:19:08 am
هوى الوديان  - جبل أبو مدوّر وكشاف وفسيلة كلّها حياة في عبلين

20.11.2021

هوى الوديان  - "جبل أبو مدوّر" وكشاف وفسيلة كلّها حياة في عبلين

د. إلياس زيدان

شاركتُ مع ابني رازي بتاريخ 13.11.2021 في مسار مشي ليلي "هوى الوديان" حول جبل أبو مدوّر في عبلين، حيثُ وُلِدتُ وقضيتُ فيها أجمل أيّام الطّفولة والشّباب. لجبل أبو مدوّر زاوية دافئة في قلبي كما في قلب كلّ العبلينيّين. في هذه المسيرة سنحت لي الفرصة بالعودة إلى الجبل الذي زرته آخر مرّة قبل أكثر من أربعين سنة. أمّا من ناحية ابني رازي، المولود في حيفا، فكانت فرصة للتعرّف على هذا الجبل الذي طالما حدّثته عنه.

منذ اللحظة الأولى التي وصلنا فيها إلى نقطة التّجمّع تَكَشّفَ لنا انّنا لسنا بصدد جولة عاديّة. جمعيّة فسيلة حياة وسرّية الكشاف والمرشدات الأرثوذكسيّة والشّباب والصبايا والأطفال المتطوّعين نجحوا في جعل الجولة رحلة جبليّة شائقة: في الجغرافيا والتّاريخ والعمران والإرث الحضاريّ والطّبيعة والتّكافل الاجتماعيّ والموسيقى واللعب... والكرم العبلّينيّ... ومن الأهمّيّة بمكان أن لا ننسى البطاطا السّاخنة (وسوف أحدّثكم/نّ عنها بعد قليل).

كانت نقطة التجمّع في ساحة بيت الأخ خالد عودة حيث التّرحيب العبلينيّ المعهود من قبل أهل البيت ومن قبل المنظّمين -وهناك كان الأستاذ ياسر حسن أحد قياديّي جمعيّة فسيلة حياة، وهناك كان الأستاذ جاسر عوّاد أحد قياديي سريّة الكشّاف والمرشدات الأرثوذكسية - مع عصاته المعهودة، وهناك كان الحشد من الأطفال والشباب والشباب الأكبر سنّا (وأنا شخصيّا أنتمي إلى هذه الفئة الأخيرة!). في هذه الوقفة القصيرة تعرّفنا على عدد من الشباب والصّبايا "اللي بِرْفعوا الرّاس". وهل يكتفي أهل عبلين بالتّرحيب والابتسامات وتبادل التحيّات؟ "حاشا وكلّا"! فالطاولات كانت "مفرودة-ممدودة" وعليها التّضييفات بأصنافها المختلفة... أمّا عن الكمّيات فحدّث ولا حرج.

خلال دقائق أصبح الجمع جمهورا كبيرا وصل في نهاية الأمر إلى حوالي ال 200 مشاركة ومشارك. حينما بدأ هذا الجمهور سيره أضحى طابورا طويلا لا يمكن مشاهدة بدايته ونهايته خلال مسارنا المتعرّج. كان المشهد في غاية الجمال، جمال الوجه المُشرِق لعبلين المتمثّل بجميع الحارات والفئات والتّنظيمات والأجيال. كان لمشاركة جيلين أو ثلاثة أجيال من نفس البيت "نكهة خاصّة" فكنتَ ترى الأب والأم يسيران جنبا إلى جنب مع الأولاد، لا بل أكثر من ذلك، فخلال المسيرة كانت إحدى بنات صفّي تسير مع أخواتها وأخيها وقد عرّفتني بابنتها وبحفيدتها... ما أروعه من مشهد... ثلاثة أجيال في قمّة السّعادة. في كلمته التّرحيبيّة-التّوضيحية اللطيفة للمسار شدّد الأستاذ ياسر على أهميّة الشّراكة الحقيقيّة بين الجمعية والكشاف وأثنى على الكشّاف، وقد قام الأستاذ جاسر بالمثل. جذبني مشهد مشاركة العديد من النّاشطين والنّاشطات من الأطر والمنظّمات المختلفة في عبلين. كم نحن بحاجة إلى هذه الروح، روح التّعاون وبناء الشراكات الحقيقيّة بين النّاس وبين المنظّمات. الأمور لم تقف عند هذا الحدّ، ففي مرحلة معيّنة تكشّف لي أن المسيرة لا تقتصر على العبلّينيّين، فقد شارك فيها أخوات وإخوان من البلدات المجاورة، وهكذا أصبحت المسيرة جليليّة بامتياز.

نجاح المنظّمين في استقطاب هذا العدد الكبير من المشاركين يُثبتُ أن عبلّين الخير وعبلّين العطاء وعبلّين التّكافل ما زالت منتصبة شامخة. أثبت المنظّمون أنّه بالإمكان استقطاب النّاس (هذا مع التذكير انّ الجولة كانت متاحة للأطفال من سنّ ال 12 سنة فقط)، ولكي تنجح في تحقيق ذلك عليك أن تكسب ثقتهم وتخطّط البرامج التي تخاطب عقولهم وقلوبهم، وعليك أن تتقن عمليّة التّخطيط والتّنفيذ. هذا ما شهدته على أرض الواقع في هذه الرحلة. لَفَتَ انتباهي مستوى تنظيم هذا البرنامج وبالعامّيّة أقولها "الجَماعة فكّروا في كل اِزْغيرة وِكْبيرة من طَق طَق وحتّى السّلام عليكم". مع وصول كلّ مشارك يقوم المنظّمون بتسجيل اسمه ويحصل ذلك المشارك على رقم ويتمّ وضع الرّقم بواسطة ورقة لاصقة على ثوبه. وهكذا فعند العودة يتمّ التّأكّد من عودة كلّ المشاركين سالمين غانمين، لا مجال لأن يضيع أحد. قبل الانطلاق كان المسار واضحا وكان توزيع الأدوار جليّا بين المنظّمين-المتطوّعين، وهم كُثر؛ عَرَفْنا نحن المشاركين مَن منهم يسير في المقدّمة ومن يكون في نهاية الطّابور، من هم المسعفون (مع "عِدّة" الإسعاف الأوّليّ)، من يقوم بالحراسة، من يقوم بتوزيع المياه... ومن يقوم بالتّصوير، وكان الأخ العزيز زرياب سلمان يتسلّق هذه الكومة من الحجارة أو تلك البقعة المرتفعة لالتقاط الصور. 

  بدأنا مسارنا مع غروب الشّمس وبسرعة كبيرة "أسدل الليل ستاره" وبِتنا نسير في "العتمة" والقمر يطلّ علينا خجولا بعض الشّيء لوجود بعض الغيوم والغبار بينه وبيننا. الحشود تسير زرافات زرافات، وكان بالإمكان سماع "الخراريف" و"القهقهات" و"خبطات الأرجل" من كلّ حدب وصوب. جوٌّ من السّرور والمرح في مرتفعات جبل أبو مدوّر تتخلّله وقفات تثقيفيّة مع الأستاذ جاسر يحدّثنا فيها عن تاريخ الجبل، عن أشجاره وشجيراته وعن المحاجر التي ما زالت آثارها قائمة، إذ كان أهل عبلين يقتطعون الحجارة من هناك لغرض بناء البيوت "والتصاوين". وكان يُنوّرنا بخصوص التعرّف على الجهات خلال الليل وعلاقة ذلك بالقمر... إلى أن وصلنا حدّ إغلاق أعيننا لهدف الاستماع إلى موسيقى الرّيح والجبل وكانت موسيقاه جميلة.

في لحظة غير متوقّعة ذكر المنظّمون انّه لن نستطيع إشعال النيران "وَشَوِي البطاطا" وذلك بسبب التّعليمات الصارمة من طرف الجهات الرّسميّة المختصّة. لكن "ربّك حميد" فقد قاموا "بشوي البطاطا في الفرن" وتغليفها "بورق الفضّة" في وقت مبكّر من اليوم، وهي ستكون في انتظارنا في المحطّة الأخيرة من رحلتنا. يبدو أن مقولة "عند البطون تضيع العقول" صحيحة بعض الشّيء. فبعضنا، وبشكل خاص الشّباب الأكبر سنّا (ذكرت سابقا أنني واحد منهم!)، أصبح موضوع البطاطا شغلنا الشّاغل، نصغي حينا لكلام الأستاذ ياسر والأستاذ جاسر، ونتساءل بصوت عالٍ عن البطاطا أحيانا أخرى!

بعد أن وصلنا إحدى قمم الجبل بدأنا مرحلة النّزول. كان أحد المقاطع خطرا بعض الشّيء ولكن لا خوف فجماعة المنظّمين على أتمّ الاستعداد للتوجيه وإسداء المساعدة. صعدنا الجبل من الجهة الشماليّة وبدأنا الهبوط نحو الجهة الجنوبيّة الغربيّة إلى أن وصلنا الناحية القريبة من بيوت البلد. كانت المنطقة مجهّزة على أكمل وجه لاستيعابنا، فجلسنا هناك على شكل دائرة وبدأت التّضييفات... الشاي الساخن، المياه... وأخيرا وصلت البطاطا. كنتُ على اتّفاق مع رازي أن نقتسم "حبّة" واحدة "من باب الزّوق" لأن "كمّ النّاس" أكبر من "كمّ البطاطا". وهكذا كان. لِحُسنِ حظّنا أن "حبّتنا البطاطا" كانت كبيرة من حجم "إِكْسترا لارج" فاقتسمناها مناصفة بيننا، لكن لسبب أو لآخر كان نصفي أكبر من نصف رازي!

نعم... فختام البرنامج مسك... بعد التّضييفات بدأت أمسية تولّت عرافتها الأستاذة حنين عودة بطريقة سَلِسة مُنسابة. وكانت كلمة الأستاذ ياسر النّابضة بالحياة وبالتفاؤل، مؤكّدا على أهداف هذا المشروع وعلى أهميّة الشراكة بين المنظّمتين. وهل بالإمكان إنهاء برنامج كهذا من دون مطربتنا "رنا إدريس" وعازفنا "صافي دعيم" وأغنية وديع الصّافي "هوى الوديان" بمشاركة الجميع... عند بداية مرحلة الألعاب والجوائز اضطررنا ترك البرنامج بسبب التزاماتنا الأخرى...

شكرا لكم/نّ إخوتنا وأخواتنا في جمعيّة فسيلة حياة وفي سرّية الكشاف والمرشدات الأرثوذكسيّة على هذا النّشاط الرّائع. شكرا للمتطوّعين وللمتبرّعين على كرمكم وعلى كرم أخلاقكم. بفضلكم جميعا أضحى المسار "رحلة عمر". نأمل أن تُصبح هذه الشراكة وهذه البرامج "طريقة حياة" في عبلين وفي مجتمعنا عامّة، فبهذه الطّرق ترتقي المجتمعات وبهذه الطّرق ترتقي الأمم.

دُمتم جميعا ودام البلد بخير.  







Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت