X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
فنجان ثقافة
اضف تعقيب
24/09/2022 - 09:41:03 am
بين الواقع والتخييل مسافة.. إسمها القصة

بين الواقع والتخييل مسافة.. إسمها القصة

مقابلة مع ناجي ظاهر أجرتها: مي عودة

تضرب جذوره في قرية فلسطينية مهجرة منذ عام 48، تدعى سيرين. ولد في مدينة الناصرة بعد سنوات من تهجير أهله القسري. نما وترعرع في الناصرة. قاص وشاعر وصحفي عمل في الصحافة، الادبية خاصة، منذ شبابه الأول. متفرغ حاليًا للكتابة الادبية. ابتدأ الكتابة عام 1965 وهو لمّا يزل على مقاعد الدراسة إلا أنه يعتبر عام 1968 بدايته الحقيقية في عالم الكتابة. صدر له حتى الآن أكثر من ستين كتابًا. تُرجم عددٌ من كتاباته إلى لغات أجنبية. حصل على جائزة الابداع الادبي عام 2000. ناشط في الحياة الادبية والثقافية ويُعلّم الابداع الادبي للطلاب منذ سنوات بعيدة. إنه الكاتب الاديب ناجي ظاهر. يُعرّف فيما يلي بحياته الشخصية والعامة أيضًا ويُلقي المزيد من الاضواء على جوانب غير معروفة في حياته وتجربته.

- الحديث عن سنة ومكان الولادة، الاهل والعائلة، مكان السكن ...

* ولدت بعد سنوات من التهجير القسري لأبناء عائلتي من قريتهم الوادعة سيرين.. وأـشير إلى أن اسم قريتي مأخوذ من كلمة يونانية قديمة هي السارونة وتعني حورية الماء.. وهي امرأة نصفها سمكة ونصفها الآخر بشر. أما مكان الولادة فقد كان في الناصرة. تنقّلنا في أكثر من حي منها حي النبعة في سوق البلدة القديمة. والحي الشرقي وقد شهد شطرًا من يفاعتي وحي الصفافرة. قبل سنوات، بعد وفاة الوالدة تحديدًا، تشتّت أبناء أسرتي أيدي سبأ، فأقام كل منهم في واحد من أحياء الناصرة.. أقيم حاليًا في حي شنلر.

- من أين بدأت فكرة الكتابة لديك؟ كم كان عمرك؟ هل كان هناك من دعمك ؟ مَن هو ولماذا؟...

*في الطفولة الاولى كنت طفلًا شقيًا.. لم أعش طفولتي.. وكانت والدتي رحمها الله تطلق علي وأنا لمّا أزل في الثالثة او الرابعة صفة الختيار، فكانت تطلب من نسوة الحارة أن يصمتن عندما أدخل الغرفة. لاعتقادها أنني سأفضحهن وسأروي كل ما تحدثن به وتفوهن لأبناء الحارة. في البداية شاهدت عند الجيران كتلة خشبية تطلق أجمل الانغام. عرفت فيما بعد انها آلة العود.. فهِمتُ بها. إلا أن الحلم مات فور ولادته بسبب فقر الاهل. بعدها اكتشفت طاقة على التمثيل والاخراج، وكان هذا عندما كنت أروي ما استمع إليه من حكايات ترويها جارتنا قادرية الملا رحمها الله، لأبناء الحارة وكنت أوزع عليهم الادوار ليقوموا بتمثيل ما أرويه من قصص. عندما بلغت الثالثة عشرة من عمري طرق باب بيتنا من يستعطينا طالبًا المساعدة فردّت عليه أمي قائلة إننا فقراء ولا نملك شيئًا واقترحت عليه أن تعطيه رغيف خبز ساخنًا فهزّ رأسه موافقًا.. وضع رغيف الخبز في جيبه وانطلق غير ناظر إلى الوراء. تأملته وهو يمضي غير عابئ بما وراءه، انتابتني حالة قاتلة من الحزن فتوجّهت إلى اوراقي وأقلامي أبثها ما شعرت به من حزن وألم.. لكن على لسان ذلك الشخص الفقير. كانت تلك أول قصة كتبتها في حياتي. بعدها مررت بفترة اعتبرتها تمرينًا على الكتابة تواصلت مدة ثلاثة أعوام.. في عام 1968 كتبت قصتي الحقيقية الاولى.. ونشرت آنذاك كما يعلم الكثيرون في مجلة "الجديد" الحيفاوية. في طفولتي كنت وما زلت في كهولتي عاشقًا مُحبًا للكتاب. لهذا اعتقدت دائمًا وما زلت اعتقد أن محبة الانسان للكتاب تعني في بعض من جوانبها غرامه بالكتابة. وأن في داخل كل قارئ جاد مشروع لكاتب رائع. حبّي للقراءة كان المشجع الاول على الكتابة. لم يشجعني أحد. انا من شجّعت نفسي. وقد ترسّخ لدي منذ البداية أن الانسان هو من يُشجع نفسه وأن تشجيع الآخرين ما هو الا تتميم معاملة.

- ما هي مواضيع كتاباتك من البداية حتى الآن؟!

*أمس كنت أتناقش مع صديق مثقف. قلت له إنني أحب الكتابات الاجتماعية. فحاول إقناعي بأن الكتابات السياسية أهم. بعيدًا عن تفاصيل ذاك النقاش أقول أعرف أن السياسة يمكن أن تدخل في كل تفاصيل حياتنا. إلا أنني أرى انه يوجد هناك الكثير من الفرق بين السياسة والابداع الادبي وقد اختصرت هذا الفرق بما مفاده أن الادب استراتيجية ورؤية في حين أن السياسة تكتيك وتخطيط وشتان ما بين الامرين. منذ كتاباتي الاولى كما قد تلاحظين ركزّت على الجوانب الاجتماعية في الحياة ولم أكتب القصة السياسية بالمرة علمًا أن كل من قرأ قصصي لمس البعد السياسي الذي حضر ربما دون وعي مني. أنا مؤمن أن التقدم الاجتماعي هو الاهم وأننا عندما نتقدم اجتماعيًا لا بد أن نتقدّم سياسيًا لأن الانجاز السياسي في حالة التقدّم الاجتماعي سيكون تحصيل حاصل. لقد دفعت مقابل اختياراتي الادبية الواعية ثمنًا غاليًا تمثّل في عدم وصول كتاباتي إلى آفاق واسعة من القراء. وقد كنت أعرف منذ البداية أنه بإمكاني أن أنضم إلى هذا الحزب السياسي او ذاك فأعرف أكثر وتنتشر كتاباتي اكثر.. إلا أنني فضّلت أن أكسب استقلاليتي حتى لو كان مقابل ذلك محدودية الانتشار الذي يسعى إليه الجميع. لست نادمًا على اختياري هذا ولديّ شعورٌ أنني سأقرأ كما حلمت في المستقبل.. يسرني أن أقول إن العديد من أعمالي الادبية ترجم إلى لغات اخرى وأدخل في مناهج التدريس المقرّرة. . وفي هذا السياق أذكر أن مترجم كتابي القصصي "النبي المهجّر"، إلى الانجليزية أخبرني أن الكتاب يدرّس حاليًا في خمس أو ست جامعات امريكية.

- هل استعنت بشيء معيّن حلال كتاباتك ؟ (كتب، أشخاص، مؤسسات....)

*في طفولتي كنت أتصور الجنة مكتبة. وحتى هذه الايام ما زلت أرى أن الكتاب هو أجمل ما في حياتي وأكثر ما حبّبني بهذه الحياة. القصص الشعبية في الطفولة والكتب في مرحلة تالية من مراحل العمر الاولى كانت هي مدرستي. وما زلت حتى هذه الايام طالبًا مُجدًا في عالم الكتب. بالنسبة لتشجيع الاشخاص أقول إن الكثيرين شجعوني عندما رأوا اهتمامي الشديد بالكتاب وعالمه ولمسوه بأيديهم تقريبًا، وقد انطبق عليّ فيما يتعلّق بمسألة تشجيع الناس هذا ما قاله بول كويليو في روايته "الكيميائي"، ومفاده أننا عندما نريد شيئًا من أعماق قلوبنا فإن العالم كله سيتآمر معنا لنحقّقه وننعم به. هذا القول منقول بتصرف عن الكتاب المقدس/ الانجيل لا سيما عندما يذكر الايمان الحقيقي وحبة الخردل.. وهو ما يزيد في قيمته. فيما يتعلّق بالمؤسسات وتشجيعها أعترف أنني لم أسع إليها لعلمي أنها "لن تعطيني نعجتها إلا لتأخذ مني الثور والجملا"، كما اشار ابو العلاء المعري في قول شعري آسر. لقد فضّلت أن أربح نفسي على أن اكون تابعًا لهذه المؤسسة أو تلك. لقد ولدت حرًا ومستقلًا وسوف أبقي كذلك إلى آخر يوم لي على هذه الارض. التشجيع الحقيقي يأتي باختصار من داخل صاحبه أولًا وقبل كل شيء. ولا يأتي من الخارج بالضرورة.

- لمن كنت تقرأ في بداية مسيرتك ؟ أي من الشعراء/ كتاب / نقاد كنت تقرأ؟

*لم تكن في طفولتي كتب. وكثيرًا ما كنت أعثر على هذا الكتاب أو ذاك مُلقىً في هذا الشارع أو سواه. فكنت أطير به إلى البيت لأقرأه بنهم. ذات يوم أهداني بائع فلافل كتابًا شبه ممزق اكتشفت فيما بعد بمساعدة مدرّس اللغة العربية الاستاذ محمود كناعنة رحمه الله أنه كتاب "مثالب الوزيرين" لأبي حيّان التوحيدي، فقرأته قبل أن أعرف مَن هو مؤلفه وقد أذهلني وأدخلني في مطارحة غرامية ثقافية من نوع رائع مع صاحبه ما زالت دماؤها تجري في عروقي حتى هذا اليوم. وأذكر بالمناسبة أنني كرّست مجموعة شعرية كاملة لأبي حيّان التوحيدي حملت عنوان "قصائد إلى أبي حيّان التوحيدي"، وقد صدرت في أوائل الثمانينيات ضمن منشورات جامعة حيفا. بعد أن دخلت المدرسة مباشرة تقريبًا تعرّفت على الكاتب المصري العربي كامل كيلاني، فانبهرت به وبكتاباته وما زلت حتى هذه الأيام أعتبره الرائد الاول والحقيقي لأدب الاطفال في أدبنا العربي المعاصر. كان هذا قبل عام 1967 وقد اكتشفت في تلكم الفترة مكتبةً عامةً عامرةً في مجلس عمال الناصرة على أسم فرانك سيناترا، فأقمت فيها سنوات، أقرأ في مختلف الضروب الثقافية، في الفلسفة، الموسيقى والعلوم المختلفة. وأذكر أنني قرأت في هذه الفترة المئات من الروايات الاجنبية المترجمة إلى اللغة العربية. بعد عام 67 انفتحنا على العالم العربي المحيط بنا فتدفّقت علينا الكتب لتزيدنا علمًا. وقد كتبت عن هذا الانفتاح في كتابي " حياض غثيم- سيرة ذاتية من خلال آخرين". وبإمكانك العودة إليه للتوسع.

- هل كنت تقرأ مواضيع معينه حيث كانت تقرّبك من الكتابة أكثر؟ ما هي ؟

*قرأت في معظم المواضيع كما قلت لك.. إذا لم يكن في كلّها. كنت في تلك الفترة نهمًا شديد النهم للكتاب وعوالمه الرحيبة. بيد أن القراءات الاساسية انصبت منذ البداية على الفن القصصي والروائي. صحيح انني قرأت الكثير في الشعر وعنه، إلا أن قراءتي الاساسية تمحورت في فن السرد. اعتقد أن هذا يعود إلى ثقافتي الاولى في القصة الشعبية. فقد بهرتني هذه الحكاية وما زلت مبهورًا بها حتى هذه الايام. مؤكد أن قراءاتي هذه قرّبتني من الكتابة.. لا سيما قراءتي المتجدّدة دائمًا للسِفر الادبي الرائع "الف ليلة وليلة" وللكتب المقدسة كلها.

- كيف تقبّل المجتمع والعائلة موضوع كتابتك (في بداية مشوارك)؟

*قلت في أكثر من مقابلة وكتابة إنني نبتت في صحراء وأنني أشبه ما أكون بنخلة نبتت من نواة ألقى بها مسافرٌ لاهٍ في عرض الصحراء وسمقت دون ريّ أو ماء. لقد شققت طريقي بأظفاري، مشيت على الاشواك وما زلت وسوف أواصل إلى ما لا نهاية. فقد وقر لدي أنني صاحب رسالة وعليّ أن أمضي في طريق أدائي لها متحدّيًا كل العقبات والمصاعب. كان أهلي مهتمين بتوفير المطالب الاولية لنا. ولم يكن بإمكان أحد أن يهتم بالآخر. حتى أن أمي رحمها الله عندما لاحظت مدى اهتمامي بالكتاب سألتني عن السبب فقلت لها أريد أن أكون كاتبًا، عادت تسألني عمّا أذا كنت أريد أن أكون كاتب عرض حال أساعد الاميين في كتابة رسائلهم، فقلت لها لا أنا أريد أن اكتب القصص عنك وعن عذابات كل ابناء الاسرة. فقالت "والله ما انا فاهمة بس على الله يطلع من بيت المطبّلين مزمّر". عندما عُرفتُ كاتبًا وأصبح إسمي يتردّد في المحافل العامة والخاصة زهت أمي بي وأرسلت نحوي نظرة ذات معنى مفادها.. الآن عرفت ماذا عنيت عندما قلت نك تريد أن تكون كاتبًا.. إنني فخورة بك.

- أول كتابة لك نُشرت في مجلة "الجديد" الحيفاوية. كيف تم هذا؟

*كان عنوان تلك القصة " الكلمة الاخيرة"، وكتبتها عن مدينتي، أمي وحبيبتي، عبّرت فيها عن مشاعرَ وجلة بالمحبة لكل هؤلاء، بعد الفراغ منها شعرت أنني كتبت ما يستحق القراءة والبقاء، فأرسلتها إلى مجلة الجديد التي كانت آنذاك تصدر في حيفا ويحررها الشاعر سميح القاسم الذي سيغدو فيما بعد صديقًا غاليًا وأعتز به وبصداقتي له، وفوجئت في العدد التالي بقصتي تُنشر في موقع محترم من المجلة، عندها حملت المجلة وطرت إلى أمي لأريها إياها.. فابتسمت دون أن تردّ. كانت تلك القصة الاولى الحقيقية لي وقد مثّل نشرُها ذاك تحديًا ما زلت أعيشه كل ليلة وكل يوم وأكاد أقول كل دقيقة وكل ساعة. فقد أشعرني نشرُ القاسم لتلك القصة أنني اضحيتُ كاتبًا وأنني ينبغي أن أتحمّل المسؤولية كاملة.. منذ ذلك العام حتى هذه الايام بإمكاني أن أقول إنني لا انام إلا حينما يهدّني التعب وتملؤني القراءة. يهمني أن أقول إن تلك القصة انطلقت من مشاعر إنسانية صرفة لولد مهجر.. وإنها مثّلت الانطلاقة لمفهومي القائم على العمق الانساني في كتابتي القصصية. وما زلت سائرًا على هدي تلك القصة وسأبقى. الكتابة باختصار تحوّلت مع مُضيّ الايام إلى قدر لا فرار منه إلا إليه. علمًا أنني لم أعد نشر قصتي الاولى تلك في كتاب.. حتى الآن.

- من أين استوحيت كتاباتك؟

*من الحياة بالطبع. فقد قُيّض لي أن أعيش واقعًا أشبه ما يكون بالخيال. في كل مكان حولي كنت أواجه قصة جديرة بالكتابة، بيد أنني لم اتنازل ولا في أي من كتاباتي عن عنصر التخييل الذي يجعل العمل الإبداعي إبداعيًا.. مهما استمد مادته من الواقع اليومي المعيش.. إنني الآن وأنا في هذا العمر المتقدم نوعًا ما في السنوات.. الشباب إلى حد بعيد في المشاعر والاحاسيس، أنظر إلى الوراء فأرى حياتي مجموعة من القص كل منها تأخذ بيد الاخرى وتمضي في طريقها باتجاه قصة في ظهر الغيب تريد الحضور بأسرع ما يمكن من وقت.

- هل أبطال القصص هي انعكاس لواقعك أم متخيلة؟

*أبطال قصصي يولدون من رحم الواقع ويشبّون في عالم الخيال.. اذ لا كتابة قصصية أو شعرية.. وأنا بالمناسبة شاعر أيضًا ، بدون خيال أو تخييل، ولعلها مناسبة لأن أوضح أن من ينقل عن الواقع هو الصحفي وأن مَهمة الكاتب المبدع أن يُعيد صياغة الواقع بعد وعيه به وامتلاكه له جماليًا.. أضيفي إلى هذا أنني مؤمن أن التجربة الانسانية العميقة تختلف كثيرًا عن المُشاهدة التي يتصف بها الكثيرون. أنا كاتب يمرّ على الاشياء بعمق وتأمل ولا أمر عليها مرور الكرام.

- ماذا يميّز قصصك عن قصص الآخرين؟

*هذا السؤال يطرح قضية الأصالة والتجديد بكل ثقلها. ما يميّز قصصي عن قصص سواي هو أن قصصي لها مساحتُها الخاصة بها كابن لعائلة من المهجرين. وأنها تنطلق من رؤية صادقة جدًا. اؤكد أننا كلّما كنّا نحن بصدق وعمق كنا مميزين.. وأن التميّز لا يُقصد وإنما ينبع من أعماق رؤيتنا وفهمنا للعالم ولأشيائه المحيطة بنا. تريد أن تكون مميزًا باختصار؟ كن أنت.. أنت بكلّ ما لديك من صدق وعمق.

- ماذا تعني لك "سيرين" ؟

*إنها طفلة باكية في الخيال. أحاول دائمًا أن أزيل دمعتها لكن دون أن أفلح. طوال عمري وأنا أحاول أن ابعث الفرحة الهاربة في عروقها.. وسوف أتابع إلى اليوم الاخير.. إنها مسقط راس الاحباء وهي مرابع الطفولة المتخيّلة.. إنها جذوري وعالمي.

- ماذا تعني لك "الناصرة" ؟

*لأقل لك بداية إنني أحد العشاق المغرمين بهذه البلدة. أنا لم أطلع منها ولم أغادرها طوال أيام عمري. ولي جُملة أعتقد انها باتت معروفة هي:" انني صغرّت العالم حتى أصبح الناصرة وكبّرت الناصرة حتى أضحت العالم". الناصرة بالنسبة لي كما قال ناقد صديق تعتبر المكان البديل لسيرين الخالدة. كثيرًا ما قلت لمن التقيت بهم من ناس وطلّاب إن العالِم الاغريقي القديم ارخميدس عندما سئل أين مركز الارض أجاب سائله هنا حيث أقف، وأنا لو سألني أحدهم مثل هذا السؤال لأجبته هنا مركز الارض حيث أقيم في الناصرة. الناصرة بالنسبة لي ليست الطرقات والبيوت وإنما هي تاريخي الوجداني بكل ما حفل به من محبة وأمل. في كل من شوارعها وأماكنها الخفية توجد ذكرى ومحبة. هي باختصار عالمي كله ولا اتصور العالم بدونها.. إلا خرابًا. وهي تقيم فيّ أكثر بكثير مما أقيم فيها.

- ما هو عدد قصصك التي كتبت حتى الآن ؟

* لا اعرف. كتبت القصص طوال حياتي. ما يمكنني أن أقوله حاليًا هو أنني كلّما جلست إلى حاسوبي لأكتب قصصي أشعر أنها المرة الاولى التي أكتب فيها.. وكأنما أنا كاتب ما زال يتلمس طريقه نحو القصة الأحلى والأجمل التي لمّا يكتبها بعد.

- الراوي في القصص التي كتبت هي بلغة المتكلم "الأنا"، لماذا؟

*هذا الكلام ليس دقيقًا فقد كتبت بمختلف الضمائر( قد يكون أبرزها المضارع)، كما كتبت بمختلف الاساليب بدءًا من أسلوب الحوار مرورًا بأسلوب السرد العادي انتهاء بأسلوب الرسالة. وقد وصفني الناقد الصديق الدكتور نبيه القاسم بأنني كاتب تجريبي وأنا أعتز بأنني كاتب تجريبي. أما فيما يتعلّق بضمير الأنا فهذا يعود إلى سببين أحدهما أنه الضمير الأكثر حميمية والآخر أنني عشت جرحًا ما زال مفتوحًا وسيبقى.. هو جرح التهجير القسري من سيرين الحبيبة.




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت