X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
فنجان ثقافة
اضف تعقيب
10/11/2022 - 08:48:26 am
حكايتي مع عبد عابدي بقلم: ناجي ظاهر

حكايتي مع عبد عابدي

بقلم: ناجي ظاهر

ربطتني بالفنان الصديق المبدع عبد عابدي، علاقة اتصفت منذ بداياتها بالودية، وقد اتخذت هذه العلاقة شكل التعاون الفني، لتتطور رويدًا رويدًا، ولتثمر بالتالي تعاونًا بناءً سيكون له أثره الواضح في مسيرتي الأدبية، لعلّ ابرز ثماره تَصدُّر عدد من لوحاته لعدد من مؤلفاتي الادبية القصصية، لهذا كان من شبه المحتّم أن أقوم بالاتصال به، بعد فروغي من كتابة قصتي "ضبع صرطبة" القريبة من قلبي ونفسي، لأطلب منه أن يقوم بوضع رسمة لها، تربط ماضي التعاون البنّاء بيننا بحاضرنا الحبيب.

ولد الفنان عبد عبادي في مدينة حيفا عام 1942، واضطر للهجرة والمغادرة عام النكبة مع ذويه ليتشرّدوا مدة سنوات في القطر العربي اللبناني ومخيماته، وليعود بالتالي هو وأهله إلى مسقط راسه- حيفا، عام 1951، ضمن عملية لمّ شمل. تعلّم عبد الفنون بأنواعها المختلفة من تشكيلية ونحتية، وقد واصل دراسته العليا في مدينة درسدن الالمانية، وعاد إلى البلاد، عام 1972، حيث عمل مصممًا فنيًا في صحيفة "الاتحاد" ومجلة "الجديد"، وغيرهما.

في هذه الفترة كنت واحدًا من كتّاب هذين المنبرين الاعلاميين السياسيين الادبيين الهامين، ولفت نظري منذ البداية، ما تتصف به رسومات الصديق عبد من خصوصية، تجعلك تميّزها من بين سواها من اللوحات، وطالما تمعنت في تلك الرسومات التي تمزج بين الفني والسياسي بوعي عميق وذوق رقيق، لهذا ما إن وضع عبد رسومات لإحدى قصصي حتى انتابني شعور ناعم حافل بالاعتزاز والافتخار.

ومما اتذكره في هذا السياق، وأنا أروي تفاصيل من حكايتي مع العزيز عبد، أنني كتبت في تلك الفترة قصة استمددتها من حياة أبي المهجّر من قريته سيرين، ووضعت عنوانًا لها هو " الورقات الثلاث"، وأرسلتها للنشر في صحيفة الاتحاد"، وقد فوجئت يوم الجمعة التالي، بالقصة منشورة وإلى جانبها رسومات للأخ عبد.. ضاعف هذه المفاجأة أن واحدة من تلكم الرسومات أعادت إلي صورة أبي الراحل قبل سنوات، تلك الصورة التي طالما تاقت إليها نفسي دون أن تتمكن من تذكرها. المهم أن هذه الرسمة بهرتني حقيقة، فوضعتها على غلاف أحد كتبي، أذكر أنه "بحجم سماء المدينة"، وقد تصدّرت لوحة أخرى للأخ عبد غلاف مجموعة أخرى لي هي" حدث في ذلك الشتاء"، فيما تصدّرت لوحة تالية مجموعتي القصصية الاولى" أسفل الجبل وأعلاه"، التي أصدرها لي في حينها أول ناشر عربي في اسرائيل وأقصد به الصديق الراحل فؤاد دانيال.. طابت ذكراه.

وبالعودة الى رسمة عبد لوالدي، أقول إنني طالما تساءلت عمّا إذا كان عبد يعرف والدي، أو عرفه، كونه قضى جُلّ سنوات عمره عاملًا بـ " الفاعل"، وهي الاعمال الشاقة، في حيفا، وبقي هذا السؤال يلح علي دون أن أجد له جوابًا، إلى أن جمعتني جلسة طيبة بعبد، فسألته عمّا إذا كان عرف أبي في الماضي، فسألني عن سبب سؤالي، فرويت له عمّا شعرت به إزاء رسمته، فانفجر بالضحك، وواصله، حتى وجدت نفسي أسأله مُجدّدًا عن سبب ضحكة، وفوجئت به مرة أخرى يقول لي إنه إنما رسم أباه في الواقع، وجرى بعدها نقاش بيننا توصّلنا في نهايته إلى أن الفنان الحقيقي عندما يرسم أباه.. إنما يرسم كل الآباء.

بعدها التقينا بين الحين والآخر، وجمعنا أكثر من مجلس ولقاء، والطريف أننا كثيرًا ما كنّا نتباعد شهورًا وسنواتٍ، إلا أنني كنت أشعر أننا إنما افترقنا للتوّ والتقينا للتوّ أيضًا، وأعتقد أنه هو كان يشعر بمثل ما كنت أشعر به.. هل يعود هذا الشعور المتبادل إلى أننا نحن الاثنين ذقنا لسع سياط الغربة والتهجير وأوجاعهما؟ أعتقد هذا، بدليل أن عبد عندما أراد أن يصدر كتابًا يجمع فيه شمل قصص أخيه الراحل مُبكرًا الكاتب العامل المكافح ديب عابدي، طلب مني أن أكتب مقدمته، وقد كتبت تلك المقدمة بكلّ ما في قلبي من محبة لعبد، لذكرى أخيه ديب و.. للحياة.

بالعودة الى ما سبق وورد، أقول .. قبل فترة قصيرة من الزمن قمت بكتابة قصة طالما رجوت أن أفلح في كتابتها، هي قصة " ضبع صرطبة"، وما أن فرغت من كتابتها حتى تذكرت عبد ورسوماته العذبة، فبادرت للاتصال به عبر الماسنجر، فأخبرني أنه في الخارج، وعندما قرأ كلماتي عن الماضي التليد بيني وبينه والحاضر النامي المتجدد.. الجديد، حتى كتب لي ان وقته ضيق، إلا أنه سيجد اللحظات المناسب لوضع رسمة أنشرها إلى جانب قصتي، ولم يمض سوى أيام حتى فاجأني برسمة ألغت المسافة الممتدة بين الماضي والحاضر، لأجد اللحظات في براءتها الاولى، وكأنما الوقت لم يمض، بعد تلقي رسمة عبد، قمت بنشر قصتي وإلى جانبها رسمته، ولسبب فني مؤسف وغير مقصود، لم أتمكن من إرفاق الرسمة باسم صاحبها، الامر الذي أزعجه قليلًا، وهو ما دفعني للاعتذار له علًنا وللتأكيد أن العلاقة بيننا دائمًا كانت شرفًا لي.. ومصدرَ اعتزازٍ وفخارٍ.. وهو ما أود أن أقوله لكم ..إخوتي القراء.. الآن.

أخي عبد أرجو لك العمر المديد والعيش الرغيد.. لك الحياة

الفنان عبد عابدي


من اليسار ناجي ظاهر ومن اليمين عبد عابدي


لوحة عبد عابدي تصدرت غلاف مجموعتي القصصية حدث


Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت