قال تربوي عتيق، أنّ الوزير إلياس أبو صعب بقراره إعطاء الإفادات لطلاّب الشهادات وتحديداً المتوسّطة قد ساهم بدون تخطيط مسبق- دون فتح الباب على مصراعيه أمام واقع التعليم في العديد من مدارس الأنروا، ولا سيّما تلك المخصّصة للصبيان، ويتابع، متحسّراً على أيّام زمن مضى عندما كان يؤخّر مدير دائرة الجنوب في وزارة التربية اللبنانية إصدار النتائج إنتظاراً لنتائج مدارس الأنروا لرفع النسبة في محافظته.

اليوم، أقدمت وكالة الأنروا على إنجاز ورشة شاملة، يمكن أن نسمّيها ثورة في القاعدة اللوجستيّة للعمليّة التعليّميّة، إبتداءاً من إنهاء نظام الدفعتين وعودة ساعات العمل لتوائم وتزيد عن تلك المقرّرة رسميّاً في المنهاج التربوي التعليمي، كما تم تخفيف ضغط الإكتظاظ في الصفوف (الحدّ الأعلى 40 طالباً) ولتوازي وتقل أحياناً عن معدّل التلاميذ في أعرق المدارس الخاصّة لا سيّما في مدارس المدن والتجمّعات الفلسطينيّة "خارج المخيّمات"، أيضاً، تمّ حصر التعليم بالمدرّسين الحائزين على الشّهادات الجامعيّة والذين خضعوا ويخضعون دوريّاً لدورات تدريبيّة سيّما بعد إنشاء مركز التطوير المهني، إضافة إلى تأمين موارد ماليّة إضافيّة (من خارج الموازنة) لتغطية القرطاسيّة وغيرها من اللوازم التعليمية والتوضيحيّة.

إذن وكالة الغوث، قامت بالكثير مما تتطلّبه العمليّة التعليميّة ولا زالت النتائج ولا سيّما في الشهادة المتوسّطة تقارب 50% علماً أنّ معدّلها في لبنان 77%، أي أنّ نوعيّة التعليم لم تتحسّن بما يتناسب مع ما قامت به دائرة التربية والتعليم في الأنروا من تحسين وتطوير القاعدة اللوجستيّة للعمليّة التعليميّة سابقاً ، عندما يتم تناول موضوع التعليم، كانت الآراء كلّها تنصبّ على الأنروا ، ولنظام الدفعتين والإكتظاظ والترفيع الآلي... إلخ.. أما اليوم فلم تعد هذه الأسباب حقيقية وموضوعيّة- لإنتفائها من حيث الأصل، وبات من الضروري البحث الجدّي عن الأسباب الحقيقيّة وراء تدنّي مستوى التعليم في مدارس الأنروا مقارنة مع واقعه في المدارس الخاصّة والحكوميّة.

لا نقول أننا قادرين على الإجابة الشافية، أو ندّعي القدرة على الإحاطة الشّاملة بالموضوع، إلاّ أننا نفتح المجال، لنقاش موسّع ومعمّق وشامل ولا سيّما من قبل المعنيّين وأصحاب الخبرة. ومع ذلك، فإننا نعتقد، ولأسباب يطول شرحها تبتدىء بالثقة بالمستقبل الوطني، ولا تنتهي بالظروف المعيشيّة والإقتصاديّة والحرمان القانوني وتؤدّي فيما تؤدّي إليه إلى غياب حافز التعليم ولا سيّما لدى الشباب الذكور وحصر إهتمامهم بالهجرة، وما يؤكّد هذا الواقع، هو أنّ نتائج الإناث في الشهادة المتوسطة يفوق بالضعفين نتائج الذكور.

 سبب آخر، يحتلّ أهميّة محوريّة في تدنّي نوعيّة التعليم يعود إلى صعوبات التعليم التي يعاني منها ما يقارب 24% من الطلاّب الفلسطينيّين، وهي ترتفع بأكثر من 7 أضعاف النسب العاديّة، ويعود ذلك إلى أن أكثر من 33% من الطلاّب الفلسطينيّين في لبنان لم يلتحقوا بأي نوع من أنواع التعليم ما قبل الإبتدائي وهو ما يلحظه منهاج التعليم الرسمي، والإنعكاس الأساسي لهذه المسألة تظهر نتائجه في اللغة الإنكليزيّة، حيث يتبيّن أن 84% من الناجحين في الشّهادة الرّسميّة هم راسبون في اللغة الإنكليزيّة، ومحوريّة اللغة الإنكليزيّة وتأثيرها على المواد التعليميّة الرئيسيّة الأخرى (رياضيات- علوم).

إن معالجة ظاهرة صعوبات التعلّم تتطلّب معالجة جذريّة لموضوع التّعليم ما قبل الإبتدائي وضرورة ربطه عضويّاً في منهاج التدريس في مدارس الأنروا إما بشكل مباشر أو من خلال التنسيق مع الرّوضات الموجودة ودراسة قدرتها على استيعاب التّلاميذ وموائمة أقساطها مع الواقع الإقتصادي والإجتماعي.