X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
حنين "نوستالجيا" هاي صورتي وهاي حكايتي
اضف تعقيب
20/09/2017 - 06:16:54 pm
وعادوا في كفن - سهام داود

وعادوا في كفن

سهام داود 

١٧ أيلول ١٩٨٢ -كانت جرت مجزرة صبرا وشاتيلا.. ولكن لا يعرف او لا يذكر الكثيرون هنا، وبالذات في العالم العربي، أن قبل ذلك التاريخ وفي اليوم نفسه -١٧ أيلول عام ١٩٦١، يعني قبل ذلك بـ ٢١ عامًا -كانت ارتكبت اسرائيل «مجزرة صغيرة» حيث نكّلت وشوّهت وقتلت بدم بارد خمسة شبان فلسطينيين في الداخل الفلسطيني، حتى هذا اليوم تتضارب المعلومات كيف حدث هذا.

كما لا يُعرف بشكل واسع ان القصيدة التي تحوّلت الى مرثية لكافة الشهداء في العالم العربي «وعاد في كفن» -والبعض يذكرها كـ «يحكون في بلادنا»، وهو بيتها الأول -كان كتبها محمود درويش -في عامه الأول في حيفا، ١٩٦١ -كتبها عن تلك «المجزرة الصغيرة»، بشبّانها الشهداء الخمسة، وهم ما دون العشرين جميعًا. ثلاثة منهم أبناء حيفا، وهم: ريمون يوسف مارون، وجورج سليم شاما، وجريس ذياب بدين. أما الشهيد الرابع فهو محمود عبد الأسعد جبارين -من مدينة أم الفحم، والشهيد الخامس فايز سيد أحمد من مدينة سخنين.

حتى هذا التاريخ، وبعد مرور ٥٦ عامًا، لم تُكشف بعد حقائق تلك المجزرة. ما يرشح هو ان «الحجة» كانت انهم خرقوا أوامر الحكم العسكري، وفي رواية أُخرى أنهم عزموا على تجاوز الحدود، عبر مصر !؟

حيفا برمتها كانت ودّعت شبان حيفا الى مكانهم الأخير - في المقابر التي قرب البحر في حي كفر سمير في المدخل الجنوبي لمدينة حيفا بأضرحة متجاورة - حيث انضم اليهم فيما بعد، وبمحاذاتهم تمامًا، جميع قادة شعبهم على التوالي : محامي الأرض حنا نقارة، المؤرخ إميل توما، صليبا خميس (مؤسس رئيس في «لجنة الدفاع عن الأراضي»، التي قادت «يوم الأرض»، والذي تحول فيما بعد الى «يوم الأرض» في كل أرجاء المعمورة)، الروائي المفكر القائد اميل حبيبي، عضو البرلمان لسنوات طويلة القائد توفيق طوبي، وعضو بلدية حيفا لسنوات زاهي كركبي، وغيرهم. وعلى مقربة منهم تمامًا، في المقبرة الاسلامية المحاذية: علي عاشور -نائب إميل حبيبي في «الاتحاد» لسنوات طويلة، الغزي الأصل، والشاعر المعلم عصام العباسي، رفاقي أساتذتي جميعًا وفيما بعد زملائي، وغيرهما.

أمّا المؤكد فإن أضرحتهم ما زالت باقية في حيفا تؤمها عائلاتهم وأبناء شعبهم، مطالبين بالكشف عن تفاصيل الجريمة.
وفوق هذا فقد خلّدتهم قصيدة محمود درويش الخالدة: «وعاد في كفن» / ديوان «أوراق الزيتون»، ١٩٦٦.

القصيدة:

محمود درويش

وعاد .. في كفن

(أحد الهاربين من الجحيم .. إلى الموت)

(1)

يحكون في بلادنا

يحكون في شجن

عن صاحبي الذي مضى

وعاد في كفن

كان اسمه...

لا تذكروا اسمه
خلوه في قلوبنا..
لا تدعوا الكلمة 
تضيع في الهواء، كالرماد..
خلوه جرحاً راعفاً..
لا يعرف الضماد 
طريقه إليه.. 
أخاف يا أحبتي..
أخاف يا أيتام
أخاف أن ننساه بين زحمة الأسماء 
أخاف أن يذوب في زوابع الشتاء
أخاف أن تنام في قلوبنا 
جراحنا..
أخاف أن تنام!!

(2)

العمر.. عمر برعمٍ
لا يذكر المطر..
لم يبك تحت شرفة القمر 
لم يوقف الساعات بالسهر..
وما تداعت عند حائطٍ يداه..
ولم تسافر خلف خيط شهوةٍ.. عيناه
ولم يقبّل حلوةً.. 
لم يعرف الغزل 
غير أغاني مطرب
ضيّعه الأمل 
ولم يقل لحلوة: الله
إلا مرتين
لم تلتفت إليه.. ما أعطته إلا طرف عين 
كان الفتى صغيرا..
فغاب عن طريقها 
ولم يفكر بالهوى كثيرًا !

(3)

يحكون في بلادنا 
يحكون في شجن 
عن صاحبي الذي مضى 
وعاد في كفن 
ما قال حين زغردت خطاه خلف الباب 
لأمه: الوداع
ما قال للأحباب.. للأصحاب
موعدنا غداً
ولم يضع رسالة.. كعادة المسافرين 
تقول: إني عائدٌ..
وتسكت الظنون 
ولم يخطّ كلمةً... 
تضيء ليل أمه التي..
تخاطب السماء والأشياء؛
تقول: يا وسادة السرير
يا حقيبة الثياب
يا ليل! يا نجوم! يا إله! يا سحاب! : 
أما رأيتم شارداً... عيناه نجمتان؟ 
يداه سلتان من ريحان 
وصدره وسادة النجوم والقمر 
وشعره أرجوحةٌ للريح والزهر
«
أما رأيتم شارداً 
مسافراً لا يحسن السفر
راح بلا زوّادة، من يطعم الفتى 
إن جاع في طريقه؟ 
من يرحم الغريب؟ 
قلبي عليه من غوائل الدروب
قلبي عليك يا فتى... يا ولداه! »

قولوا لها؛ يا ليل! يا نجوم
يا دروب! يا سحاب
قولوا لها: لن تحملي الجواب 
فالجرح فوق الدمع.. فوق الحزن والعذاب
لن تحملي.. لن تصبري كثيرا 
لأنه.. 
لأنه مات، ولم يزل فتى غريرًا!

(4)
يا أمه
لا تقلعي الدموع من جذورها
للدمع يا والدتي جذور، 
تخاطب المساء كل يوم:
تقول: يا قافلة المساء
من أين تعبرين؟ 
غصّت دروب الموت.. حين سدّها
المسافرون 
سدّت دروب الحزن.. لو وقفت لحظتين 
لحظتين
لتمسحي الجبين والعينين 
وتحملي من دمعنا تذكار 
لمن قضوا من قبلنا.. أحبابنا المهاجرين
يسقون بعد الموت من دموعنا ..
تذكار
يا أُمه !
لا تقلعي الدموع من جذورها 
خلّي ببئر القلب دمعتين
فقد يموت في غد أبوه.. أو أخوه 
أو صديقه أنا 
خلي لنا.. 
للميتين في غد لو دمعتين.. دمعتين!

(5)

يحكون في بلادنا عن صاحبي الكثيرا 
حرائق الرصاص في وجناته 
وصدره..
ووجهه..
لا تشرحوا الأُمورا !
أنا رأيت جرحه 
حدقت في أبعاده كثيرا.. 
«
قلبي على أطفالنا»
وكل أم تحضن السريرا !

يا أصدقاء الراحل البعيد 
لا تسألوا: متى يعود 
لا تسألوا كثيرا

بل اسألوا: متى 
يستيقظ الرجال!

(هذا النص أمين للطبعة الأُولى من «أوراق الزيتون»، بطبعته الحيفاوية)

في الصور: الجنازة في أيلول ١٩٦١ تجوب شوارع حيفا الرئيسة يتقدمها رجال الدين. / صور الشهداء الخمسة وأضرحة شهداء حيفا










Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت