X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
اجتماعيات
اضف تعقيب
07/11/2020 - 12:07:14 pm
كلمات في رحيل طيب الذكر الشاب رفيق نمر نخلة زياد شليوط

"أيموت ذو الخلق العظيم   لشدّ ما أقسى المنون"

كلمات في رحيل طيب الذكر الشاب رفيق نمر نخلة

زياد شليوط

أجل.. قساوة المنون تجلّت في وفاة صاحب "الخلق العظيم"، ألا وهو الشاب الشفاعمري الأصيل والنبيل المرحوم رفيق نمر نخلة (أبو نمر)، وهو في الربيع الواحد والأربعين من عمره الذي قطف على غفلة، وترك الأهل والأقارب والأصدقاء، بل كلّ انسان عرف المرحوم أو سمع بالخبر وصاحبه، في صدمة أودت برجاحة التفكير وخلخلت ميزان التقدير. يوم الاثنين الماضي في الثاني من تشرين الثاني رحل من لم يكن له ثاني. منذ زمن طويل لم أعاين ذلك الحزن العميق والحقيقي والصادق لدى أبناء بلدي في انسان رحل عن دنيانا وفارقها دون وداع، لأن موته جاء في غير ميعاده المؤمّل. ذلك الاجماع الشعبي في الحزن على راحل انما يؤكد بأن ذلك الراحل انسان عظيم. ليس عظيما بمركزه ومنصبه، وليس غنيا بأمواله وأملاكه، وليس كبيرا بسنه أو لقبه. لقد جمع العظمة والغنى والكبر بأخلاقه وبشاشته ولطف معشره وقربه من الناس كل الناس، هذا هو رفيق نخلة الذي كان وسيكون. ومن هنا صدق فيه قول الشاعر الفلسطيني حنا إبراهيم، الذي سبقه إلى دار الحق قبل أسبوعين   وكان قد نظم قصائد رثاء في معارفه واًصدقائه، وربما يكون بيت الشعر في عنوان المقال أكثر ما ينطبق على رفيق.

رحل رفيق يوم الاثنين يوم الموتى والصلاة من أجلهم الذي أحيته الكنيسة، وهو كان ابن الكنيسة فجاءت الصلوات ترحما عليه، وهو الذي واظب على الصلاة والقيام بالواجبات الدينية ومساندة الأعمال الخيرية والمشاريع الكنسية، كان غيورا على كنيسته وقد ورث ذلك من جده الذي حمل اسمه وسار في طريقه. وعمل بوصية معلمه الأول السيد المسيح، له المجد، حيث أكثر من الزّرع الصالح، فاستحق نعمة القيامة بقول بولس الرسول " إنّ ما تزرعه أنت، لا يحيا إلاّ إذا مات".  رحل رفيق وترك أسى في نفوس رفاقه وأصدقائه ومعارفه، ومع أنه لم يتسلم منصبا أو مركزا إلا أنه حمل فكرا وطنيا وهما إنسانيا وكان يهتم بأمور بلده وقضايا شعبه، كان صاحب رأي دون تجريح، وصاحب عقيدة دون تعصب، وصاحب فكر دون تحجر، فامتلك قلوب ومحبة وصداقة كل من عرفه، عملا بمقولة "الاختلاف بالرأي لا يفسد للود قضية". رحل رفيق وقد ترك فراغا كبيرا وفجوة عميقة داخل عائلته الصغيرة، التي تنازل ربما عن طموحاته الشخصية من أجل تمتين بنيانها وتقوية تماسكها وتعزيز دورها. رافق رفيق وسار مع جدته أم نمر ومع والده أبو رفيق وأعمامه –حفظهم الباري وأطال في أعمارهم جميعا- مشروع العمر وساهم في بناء المصلحة الاقتصادية التي نمت من نقطة الصفر، وبهمة عالية وعزيمة قوية، كان لرفيق دور كبير في نجاح وانتشار منتجات المصنع العائلي، دون تبجح أو مباهاة أو ادعاء، عمل بصمت وتواضع وكأني به يقول لعائلته ورفاقه في العمل بعدما أنهى شوطه، ما قاله جبران خليل جبران على لسان المصطفى: "فان حجبني الموت عنكم الآن وضمّني الصمتُ العظيمُ بين طيّاتِ سكينتهِ فإنّني سأنشدُ إدراككم مرة أخرى. ولن تذهب أتعابي في ذلك الحين عبثاً".

ربما كثيرون مثلي عرفوا رفيق ولم يعرفوه حقيقة في حياته، لكنهم عرفوه وتأكدوا من ميزة رفيق بعد رحيله. وصدقت فيه مقولة سليمان الحكيم "يوم الممات خير من يوم الولادة". أليس يوم ممات رفيق خير من يوم ولادته. فيه لمسنا حب الناس له واجماع الناس عليه، وفرح الناس بمعرفة هذا الانسان الذي غيبته مشاغل الحياة عنهم، واليوم عرفوا مدى الخسارة التي ألمت بهم، فجاؤوا من قريب وبعيد لوداعه، ومؤازرة أهله وإعلان الولاء لذكراه، رغم جائحة كورونا وما جلبته علينا من ويلات.

لن تستغرب يا رفيق حين أقول لك شكرا. شكرا على موتك الذي أعادنا إلى صوابنا. شكرا لموتك الذي أكد لنا بأننا أبناء بلد واحد مهما اختلفت معتقداته وانتماءاته. شكرا لموتك الذي ذكرنا بأننا أبناء شعب واحد ووطن واحد مهما تعددت توجهاتنا وتياراتنا، بعدما كادت تعصف بنا أهواء غريبة ودخيلة فكان موتك البوصلة التي أعادت المركب إلى وجهته السليمة. شكرا لموتك الذي أيقظ فينا الحياة وحب الحياة، ليس من أجل أيام وسنين أخرى نحياها، بل لكي نفهم معنى الحياة بانسانية ومحبة وأخوة. فلترقد بسلام مع الأبرار والقديسين.. آمين.




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت