X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
اجتماعيات
اضف تعقيب
07/08/2021 - 09:50:41 am
ذكرى موجعة (ثلاث سنوات على رحيل  الصديق جميل عيلوطي)

ذكرى موجعة

(ثلاث سنوات على رحيل  الصديق جميل عيلوطي)

بقلم: ناجي ظاهر

تبرز بعض الصفحات في حياتنا اكثر من سواها خاصة اذا ارتبطت بأحداث كبار سبق وعشناها واكتوينا بنارها اللاسعة، ويمر الوقت لتنطوي هذه الصفحات، او بعضها للدقة، مخلفةً وراءها ذكريات واوجاع تستعصي على النسيان. امس الثلاثاء 3/8/2018، مضى على انطواء واحدة من هذه الصفحات، صفحة الصديق الراحل جميل عيلوطي ثلاث سنوات، وها انذا اعود إلى اوراقي من تلك الفترة لأستعيد تفاصيلها الصغيرة الحزينة لا سيما ما ارتبط منها بحياتنا العامة في اواخر الستينيات وما تلاها.

انتمى الراحل المرحوم جميل عيلوطي، إلى جيلنا.. جيل 1967 وهو الجيل الذي فتح عينيه على هزيمة او نكسة او نكبة او سمها ما شئت 67، التي دمرت اسرائيل بضربة استباقية مفاجئة.. خلال الساعات الست الاولى.. من الحرب.. القوة الجوية العربية محققة بذلك انتصارًا ساحقًا في حرب يصعب تسميتها حربًا، وتصح عليها صفة مجزرة، ذلك ان الجندي العربي حارب دون غطاء جوي يحميه.. اسوة بعدوه الاسرائيلي في المقابل.

كان من الطبيعي والحالة هذه ان يعيش جميل، آلام واجواء ما بعد الحرب القاهرة، علمًا انه ولد قبل النكبة الفلسطينية عام 1948 بسنتين فقط.. وقد جمعتنا به وبآخرين، منهم قريبه الشاعر سيمون عيلوطي. الشاعر مفلح طبعوني. الكاتب نبيل عودة. الفنان المطرب خليل حداد رجل الاعمال والاعلامي فيما بعد سهيل كرام وغيرهم.. العديد من المجالس، لعل ابرزها مجلس الصديق الراحل، قبل سنوات مديدة، حازم وديع زعبي. وجرت احاديث واحاديث عن تلك الحرب اللعينة. اختلفنا خلالها واتفقنا واجمعنا، بالمجمل، على أن امتنا العربية اصيبت في كبدها وانها مقبلة على مستقبل يكتنفه الغموض ويسربله الضباب.

مما اذكره، فيما يتعلق بجميل، انه كان محايدًا نوعًا ما في العديد من النقاشات.. يرسل الينا نظرات واهنة تختلط فيها السخرية بالتردد. والشك بالتشاؤم.. وما زلت اذكر، وهل انسى، انه كان يشعرنا بانه اكبر منا مع ان ما يفصلنا عن جيله لا يتعدى عدد اصابع اليد الواحدة الا بقليل. وانه يفترض به ان يطوّل روحه علينا.. وربما ان يحتضن بحنو وحنان ما نشعر به من وجع ممض وخيبة امل.. واتذكر انه فعل هذا احيانًا.

كنا باختصار جيلًا خبر الشعور بالضياع، ولعلنا كنا بهذا اشبه ما نكون.. بذلك الجيل الضائع الذي تحدث عنه الكاتب الامريكي البارز ارنست همنغواي في روايته الاولى "الشمس ستشرق ايضًا".

وتمضي بنا الايام والسنوات بين لقاء وفراق. ويسافر جميل إلى بلاد العم توم. يعمل هناك عددًا من السنوات ليعود الينا في ناصرتنا الحبية.. ولنستأنف معًا ما انقطع ببننا من مودة واحاديث.. اخذت.. رويدًا رويدًا.. تستعيد عافيتها وتستقي امالها من نهر الحياة.. دائم التدفق والحراك.

علاقتنا بجميل لم تنقطع وان مرت بسنوات من التباعد، وتواصلت اواصر مودتها طوال ايام عمره، ابتداء من بيته القديم في نزلة البتريس. انتهاءً ببيته الجديد في شيكون العمال العرب، مرورًا بجلساتنا في اماكن اخرى ضمت مقاهي في بلدتنا وغابات محيطة بها.

في السنوات الست او السبع الاخيرة، عاش جميل ايامًا وليلي صعبة وطويلة بسبب مرض السكري الذي هاجم جسده بشراسة لا تحتمل، مما دفعه للتردد على المستشفيات بكثافة دلت على ان النهاية دنت. وبقيت نهايته رحمه الله تقترب منه حتى اختطفته من بين اهله ومحبيه.. لتنتقل به الى مثوى محبين آخرين سبقوه.

برحيل جميل عيلوطي تنطوي صفحة اخرى من صفحات حياتنا. وتبدا صفحة اخرى حافلة بالذكريات والدموع. رحمك الله ايها الصديق الطيب المتواضع، المشاكس احيانًا، والهم اصدقاءك ومحبيك.. ونحن منهم.. الصبر والسلوان.

ودعنا اليوم، الجمعة الصديق الراحل جميل نعمان عيلوطي/ ابا امير، ابن مدينتنا الحبيبة المشتركة الناصرة. الوداع انطلق من قاعة بندكتوس للروم الكاثوليك وانتهى في مقبرة الموارنة القريبة من المبنى الجديد لبلدية الناصرة، ليوارى جثمان الفقيد هناك الى جانب قبور واضرحة احبائه الرحلين منذ سنوات مديدة وبينهم والداه.. امه وابوه.

جميل عيلوطي


Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت