X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
اجتماعيات
اضف تعقيب
18/08/2021 - 01:12:53 pm
محمود غنايم.. دارسًا جادًا وباحثًا مميزًا ناجي ظاهر

محمود غنايم.. دارسًا جادًا وباحثًا مميزًا

ناجي ظاهر

رحم الله الصديق الباحث الادبي الراحل محمود رجب غنايم ( 22 أيار عام 1949 وتوفي يوم الجمعة الماضي 13 آب عام 2021)، فقد كان دارسًا جادًا وباحثًا مميزًا، وزّع اهتماماته العلمية على جبهتين هامتين جدًا، هما: التعليمية والبحثية. في الجبهة الاولى تخرج على يديه البيضاوين السخيتين المئات وربما الالاف من الطلاب المتأثرين بمنهاجيته العلمية الصارمة، التي استقت نسغها من منهجية اخرى مميزة تمثلت في منهجية استاذه الصديق المرحوم ساسون سوميخ، وتنمّت عبر مجهود خاص تواصل طوال ايام حياته ولياليها لتطوير الذات ومدّ ابناء الاجيال الطالعة الجديدة بكل ما هو منهجي وعلمي.. لا يرضى بالقشور الخارجية للأشياء وانما يتغلغل في اعماقها ليكشف عن مكنوناتها وخفاياها، أما على الجبهة الاخرى فقد قدّم الراحل الكريم اجتهادات مميزة تمثلت في دراساته العلمية الرزينة التي حرص على اصدارها في كتب محبةً لها وخشية عليها من الا تصل الى عناوينها الصحيحة وربما رغبة في بقائها شاهدة على انه كان هنا واراد ان يُقدّم ما يفيد الناس مبتعدًا عن كل غثاء.

لن اتحدث هنا عن جبهته الاولى، فقد كفّى طلابُه من عارفي فضله ووفوا، ونشروا، منذ انتشار رحيله المؤسي، العشرات من الشهادات وكلمات الرثاء، وانما سأتحدث عنه دارسًا وباحثًا رافقته خلال مسيرته المديدة مع الدراسة والبحث، منذ بداياته الاولى في اوائل السبعينيات حتى لحظاته الاخيرة.

كما اسلفت، عادت علاقتي بالراحل الكريم إلى بداياته الاولى واذكر في هذا المجال انني كلما كنت ازور صديقي الشاعر الراحل ابن عمه محمد حمزة غنايم، كان هذا الاخير يقترح علي ان نتوجّه لزيارته في بيته القائم قريبًا من مدخل بلدته باقة الغربية، فكنّا نتوجّه إلى هناك لنلتقي بعدد من الاصدقاء منهم من رحل ومنهم من بقي ومنهم من اقعده المرض حاليًا، ونأخذ في التحدث في امور الادب والادباء حتى ساعات متأخرة من الليل، واذكر من اصدقاء تلك السهرات كلًا من الصديقين المرحومين فاروق مواسي وجمال قعدان – الاصمعي. منذ اللحظات الاولى لعلاقتي به ايقنت انني انما التقي انسانًا جادًا مجتهدًا ، ويبدو انه هو ايضًا رأى فيّ شيئًا مما رأيته فيه، ما وطد العلاقة بيننا اكثر فاكثر.

كتب فقيدنا واصدر خلال عمره العديد من الابحاث والدراسات، اشير اليها للشهادة والتوثيق نقلًا عن الموسوعة الالكترونية ويكبيديا .. هي: 1980 "بين الالتزام والرفض - دراسة في شعر عبد الرحيم محمود". * 1987 في مبنى النص": دراسة في رواية إميل حبيبي: "الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل"، *1992تيار الوعي في الرواية العربية الحديثة"- دراسة أسلوبية*. 1995المدار الصعب- رحلة القصة الفلسطينية في إسرائيل". *2000 "مرايا في النقد- دراسات في الأدب الفلسطيني". * "2004الجديد في نصف قرن- مسرد ببليوغرافي". * 2008 The Quest for a Lost Identity: Palestinian Fiction in Israel. * "2015غواية العنوان: النص والسياق في القصة الفلسطينية". * 2015- The Lure of the Title: Text and Context in Palestinian Fiction, 1948-2012.* بالإضافة إلى عشرات المقالات في المجلات المتخصصة بالعربية والعبرية والإنجليزية. نشر غنايم مقالاته حول الأدب العربي الحديث في العديد من الصحف والمجلات المحلية والعربية والعالمية: في صحيفة "الأنباء" و"الاتحاد" ومجلة "الشرق" و"الجديد" و"لقاء" و"مشاوير" و"الكرمل" (جامعة حيفا) و"المواكب" و"مواقف" و"مشارف" و"המזרח החדש" و"الناقد" و"أدب ونقد" وPoetics Today, Arabic and Middle" " Eastern Literatures وغيرها. كما شارك في تحرير عدة مجلات أدبية في فترات مختلفة، مثل: "الجديد"، "لقاء"، "الشرق". وبقي حتى يوم رحيله عضوًا في هيئة تحرير سلسلة "دراسات عربية وإسلامية"، التي تصدر عن قسم الدراسات العربية والإسلامية في جامعة تل أبيب ومحررًا لمجلة" المجلة" التي تصدر عن مجمع اللغة العربية في حيفا.

*بعد رحيل صديقي الشاعر محمد حمزة غنايم توقفت اللقاءات مع فقيدنا الغالي محمود غنايم، لتتواصل عبر هذا اللقاء الادبي او ذاك، وقد توزّعت على جانبين اعترف انهما اثلجا صدري واثارا سروري، احدهما خلال تولّيه منصب رئيس قسم اللغة العربية في جامعة تل ابيب عام 1985 خلفًا لأستاذه ساسون سوميخ طيّب الله ذكراه، والآخر عبر دراساته ومؤلفاته القليلة لكن كبيرة الفائدة، فقد وجّه في الجانب الاول العديد من طلاب قسم اللغة العربية لدراسة بعض مما انتجته في المجال السردي، وبرز من هؤلاء الطالبة الفنانة التشكيلية المجتهدة مها ابو حسين، اما في الجانب الآخر، فقد كان كثيرًا ما يفاجئني بالإشارة العارفة المطلعة والمدركة إلى وجودي كاتبًا قصصيًا مجتهدًا، وهو ما سبق واشار إليه في العديد من الدراسات والابحاث الصديق ساسوسون سوميخ، وقد كان من اوائل من التفتوا إلي وإلى انتاجي السردي، فكتب عن مجموعتي القصصية " جبل سيخ"، وخصّ قصتي "الكنز" بإشارة خاصة، لافتًا اليها الانظار، واذكر انه يوم اهداني كتابه " المدار الصعب"، وبعده بسنوات مديدة كتابه " غواية النص"، قال لي بالحرف الواحد، اقرأ هذا الكتاب ففيه لك نصيب الاسد.  

للتأكيد اكرر ان المرحوم كان في كل ما مكتبه دارسًا جادًا وباحثًا مميزًا، ولفت اهتمامي منذ اللحظات الاولى لقراءتي دراساته انه يواصل السير على خطى استاذه المرحوم الدارس المبدع ساسون سوميخ، لا سيما في رأيه ان العديدين من الساردين العرب في بلادنا انما يكتبون وعينهم على النقاد في العالم العربي، غير أنه ما لبث ان تعمّق في دراساته هذه فاستقل بآرائه المتوغلة في اعماق النصوص المدروسة ليستخرج منها ما يراه ملائمًا ومناسبًا من ملاحظات لا اخفي  انني كثيرًا ما اختلفت معه فيها، الا انني لم امتلك الا ان احترم اجتهاده المخلص الخاص، ومما اعترف بتقديري له من هذه الآراء واقرّ باختلافي فيه معه ايضًا، انه رأى في مجموعتي "جبل سيخ"( صدرت عام 1989)، نوعا من التقوقع في جرح التهجير الفلسطيني وهذا تعبيره حرفيًا، فيما ضمته المجموعة من قصص، وهو ما اختلفت معه فيه واذكر انني اوضحت موقفي منه في اكثر من مناسبة وكتابة وتمثل هذا الموقف/ الرد، في ان الكاتب لا يمكن ان يبتعد مهما حاول عن واقعه المحيط به وجراحه الخاصة بشخصه، اضف إلى هذا ان الكاتب لا يملك اكثر من حياة واحدة وتجربة واحدة ليكتب بعيدًا عن ذاته وهمومه الشخصية الخاصة به، وهو ما رد به الكاتب الامريكي المبدع ارنست همنجواي عندما واجه موقفًا نقديًا مماثلًا. اختلفت ايضًا مع الفقيد في رأيه حول الشعارية – نسبة إلى الشعارات- في "جبل سيخ"، ففي حين رأى هو أن المجموعة ضمت شيئًا من الشعارات، رأيت في المقابل انه ليس المهم أن ما ينطق به شخوص القصص يقارب الشعارات، وانما الاهم هو أن تكون تلك الشعارات، اذا صدقت الصفة، موظفةً في خدمة النص وفي سياقه، وقد اعتمدت في رأيي هذا على أن النص السردي يُعتبر في المجمل وحدةً واحدة واننا يُفترض عند دراستنا له وبحثنا فيه الا نبتعد عن هذا.

مهما يكن الامر، اجمل فأقول، إن المرحوم كان فعلًا لا قولًا فحسب، دارسًا جادًا وباحثًا ادبيًا مميزًا، لهذا جاءت خسارتنا له مضاعفةً وضربةً موجعةً. الراحل الغالي محمود غنايم. سيفتقدك طلابك، وسوف يفتقدك اصدقاؤك اكثر.. وانا واحد منهم.. فنم قرير العين.




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت