X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أدب وشعر
اضف تعقيب
23/10/2014 - 08:36:32 am
رواية "بطعم الجمر" واالغتراب في الوطن لم تمت رباب
يهدي الكاتب أسعد األسعد روايته "بطعم الجمر" الصادرة عام 4102 عن دار الجندي للنشر 
والتوزيع في القدس إلى رباب التي سكنت زوايا ذاكرته، ويجعلها شخصية رئيسية في روايته،
يحكم عليها بالمرض العضال الذي يالزمها منذ أن تُذكر أول مرة في الرواية حتى نهايتها. 
يجعل القارئ يح س أنها ستلفظ أنفاسها األخيرة في أي لحظة، فيرسم صورة الموت على
وجهها، لكن الرواية تنتهي ورباب تبقى على قيد الحياة.
هل رباب هي الوطن؟ فالوطن ال يموت مهما ضعف! كانت رباب قوية حينما كانت تعين زيدا
على مقاومة االحتالل، ثم غدت ضعيفة عندما عاد زيد إلى أرض الوطن بعد توقيع اتفاقية
أوسلو. عاد ليجدها تعاني من ألم المرض، تماما مثل فلسطين التي حملت فوق رزء االحتالل
أوزارا ح ملها إياها أولئك الذين تهافتوا على توقيع أوسلو .
عاد زيد بعد اثني عشر عاما ليجد االحتالل ما زال يربض على صدر فلسطين كما تركه،
تقط أوصال الوطن، والكابتن روني ما زال يالحقه في كل مكان. وليجد فحواجزه ما زالت ع
فلسطين تثقل كاهلها سلطة هزيلة تك مل العمل الذي ترف ع االحتالل عنه .
عاش زيد في ظل االحتالل قبل إبعاده، لوحق وسُجن وعُذ ب، رأى قبح االحتالل ووعاه جيدا. 
رأى الدمار الذي ألحقه العدو باألرض واإلنسان بجالء ووضوح، لكنه في الوقت ذاته كان
يرى جمال فلسطين: أريحا ورام هللا التي عشقها وبحر غزة وعنبها. كانت فلسطين جميلة رغم
وشاح السواد الذي اعتراها .
عاد زيد من غربته خارج الوطن، ليعيش االغتراب داخل وطن يتظاهر بالحرية بينما يشل
الذل أوصاله، ليرى فلسطين كما كانت، ترزح تحت نير االحتالل، تطول يده كل بيت وحي،
وجنوده يالحقون صيادي غزة وفالحي رام هللا .
وفي هذه المرة، لم تكن فلسطين جميلة كما عهدها. لم ير زيد جمال الشاطئ وال وشموخ
الجبال، بل رأى الجموع التي تهرول نحو حاجز قلنديا بغير نظام أو احترام، رأى األغبرة التي
كانت تكسو المباني العشوائية المحيطة بمخيم قلنديا، والطرق الوعرة داخل الكسارات. رأىالمستوطنات تتضخم وتتمدد، ورأى الجندي الفلسطيني الذي يستميت لحمايتها! لم تكن فلسطين
جميلة، كانت هزيلة عليلة، تماما مثل رباب التي تصارع الموت .
يبث الكاتب أفكاره بأسلوب بسيط ولغة سلسة منسابة. يستخدم ضمير الغائب، ويشير إلى بطل
القصة بـ)هو( لدرجة أن القارئ يشعر أن زيدا بعيد هائم غريب، ثم يعمد إلى االلتفات لضمير
المتكلم، ويجري حوارا داخلي بين زيد ونفسه حتى ال يستطيع القارئ أن يفرق بين شخصية
الراوي وشخصية زيد، م ما يوحي له أن الكاتب يكتب شيئا من تجربته الشخصية.
زيد الذي عانى من أجل فلسطين وعشق أرضها وضحى بحبه من أجلها، وزيد الذي عاد
تحت بنود اتفاق هزيل ليجد فلسطين تتنكر ألبنائها الذين جاهدوا من أجلها، وتهب نفسها
ألولئك الذين سهل عليهم التنكر لها وخيانتها. هذه المفارقة بين شخصية زيد المناضل، وزيد
الذي نسي وطنه وارتمى في أحضان الغانيات في العواصم الغربية، حتى نسي أسماءهن
وأشكالهن لكثرتهن، ونسي رباب التي كانت تنتظره في رام هللا وترضع ولدهما سالم حب
الوطن، تعكس المفارقة بين المجاهدين الشرفاء وألئك الذين يرفلون في أثواب الخيانة
والخنوع.
لفت نظري اللقاء الفاتر بين زيد وأمه بعد غياب اثنتي عشرة سنة، كان لقاؤهما باهتا تماما
كلقاء زيد مع وطنه عند عودته. لم يشأ الكاتب، أو فاته، تصوير هذه اللحظات الوجدانية
بصورة توضح حميمية اللحظة التي وصل فيها إلى وطنه واللحظة التي قابل فيها أمه .
الكتاب يزخر باألخطاء المطبعية في كل صفحة من صفحاته، حيث نالحظ أن كثيرا من
األسطر تبدأ بفاصلة! وأن بعض الفقرات تنتهي بفاصلة بدل النقطة! باإلضافة إلى بعض
األخطاء اإلمالئية. كان األجدر بكاتب في مكانة األستاذ أسعد األسعد أن يراجع الكتاب بشكل
أفضل وأن يخرجه في أبهى حلة.
ينهي الكاتب الرواية بأن يجعل الشاب "سالم" يختار طريق المقاومة مبتعدا عن وهم السالم
المزعوم. أما زيد فيغيبه الوادي متماهيا مع أشجار الزيتون وأشجار البلوط والعليق. يغيب في
حضن وطنه ويعود إلى أصوله، وتعود إلى فلسطين بهجتها.
Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت