X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أدب وشعر
اضف تعقيب
12/02/2012 - 02:43:26 pm
الفنّانون يبدعون بموتهم! حسن طه
موقع الغزال
وانقضى عام..وأتى آخر.. وكعادته لا المتأنّية يقضي علينا الموت..
الموت، القادم من لا مكان وزمان، يدقّ أبوابك متى شاء الله له أن يدقّها، لا ينتظرك إلى حين ترتب أوراقك أو حتى تطفئ سيجارتك..قد يأتيك على غفلة، ربّما.. وأنت تتمتع بارتشاف الشوربة من أناء نحاسي صغير في فصل الشتاء..
يا لها من ميتةِ..! ميتةَ تتصدر عناوين الصحف "أرتشف الشوربة فارتشفه الموت" ، ميتةٌ تتقاذفها الألسن "لمشحّر ملحقش يتهنى بكاسة الشوربة!"
"شوربة عدس؟ولا خضرة؟"
"بقولو حطّها ع الشباك منشان تبرد"
"من يوم يومو بحب الشوربة"
"انا بقول بما انه مات وهو يشرب شوربة، نصُب للضيوف شوربة بدل القهوة السادة"
يا لفظاعة السّخرية، تصبح الشوربة شغلا شاغلا وتمسي أنت هباءً منثورا.. فتنهض من تابوتك، مستطيلك الأخير، صارخا بوجه لاحقيك:
"ولكو يلعن الساعة الي فيها قلت لمرتي تطبخلي شوربة!"
هكذا نحن نمقت الموت ونحب الشوربة إذا ما استطعنا إليها سبيلا..
فارقنا في العام البائد فنّانون مسرحيَون(جوليانو، فرانسوا ومروان)، شاقّوا أنفسهم لدفع الحركة المسرحية والثقافية أماما، أبدعوا في حياتهم فأبدع بهم الموت عند دنوّ ساعتهم.. صحيحٌ أنّ الموت واحدٌ مهما تعددت أسبابه و"لكل نفسٍ أجل" ، ولكن حين يتخطف الموت من حيث لا تدري تصمت، تكفّ عن الكلام ربّما من هول الصدمة أو قضاءٍ مؤمن أنت به..
كما على خشبة المسرح يأبى الفنّان إلاّ أن يفاجئ محبّيه في موته..أو لعلّه يتقمّص أحد أدواره فيوغل ويوغل فيقع أسيرا حبيس شراك دوره فيدفعه ذلك إلى نهايته، فتكون نهايتان واحدة للدور وأخرى له.. يبدو لي أحيانا أنّ لا فاصل بين واقعيّة الممثّل ولعبته المسرحية..
حين زرنا الزميل مروان عوكل في المشفى ، وقد كان طريح الفراش، رحنا نمازحه ونداعبه ونعاتبه كي يكفّ عن مراوغتنا..أأنت مروان أم احد أدواره؟
"هيّا انهض وحدّثنا..ما هذا الاستقبال الفظّ؟يلّا اطلع من دورك!"
رغم أن المرض قد أنهكه، كان يستجيب لندائنا، فتارة يرفع يده وتارة أخرى يهزّ برأسه كأنه يقول لنا:
"لن يهزمني هذا الدور..سأنتصر وأعود إلى الخشبة وأرفع رايتي البيضاء هناك تحت الأضواء، هذه الغرفة معتمة..ثمّ أن صفير الأجهزة الطبيّة مزعج وقاتل! أحنّ إلى طنين وضجيج دخول الجمهور إلى القاعة.."
ولكن "وما تدري نفسٌ بأيّ أرض تموت.."
"قبل أكم يوم كان ينطّ على المسرح!"
قال أحد الزملاء فازعا..
وبما أنّي، كغيري، من عشّاق الشوربة بتركيباتها، أخشى أن تسقط ملعقتي "بنص كاسة الشوربة".. فليزرني ذلك الضيف وليمهلني بعضا من وقته( أعلم أن لا وقت لديه) إلى حين انتهي من شوربتي ففي قعر الإناء مذاق خاص..
لكل دور نهاية..
وكفى بالموت واعظا..
وبدي أشوف مين عاد يسترجي يشرب شوربة..



Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت