X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أدب وشعر
اضف تعقيب
12/02/2012 - 02:42:12 pm
ألحان عن الموت والحياة بقلم أبو أسعد محمد كناعنة سجن الجلبوع
موقع الغزال

   حينَ يُسألُ السؤال ومعهُ علامةُ استفهام.. ونقول عن حدثٍ مَرَّ من بوابةِ الزمن خاصتنا... لماذا؟ حينها قد لا نكون نبحث عن جواب ولا ننتظرُ الاجابة من أحد.. وقد يكون سُؤالنا جواباً لذات السؤال !
   ويقترب مني ساعي البريد، وهو سجينٌ كما أنا  ، ولكنّهُ أقرب الى ملامسةِ لهفة إنتظاري من أي إنسانٍ آخر، ويعلم حاجتي الى أكسجين الحياة من رسالةٍ تبعثُ في ملامحي البعث ، وحالتي حينها كصمتِ العائدِ من معركةٍ سلاحها الشوق والأمل واحتراقِ الزمن أو مُراوغتهِ ، نعم في حالتنا نحنُ نحترفُ مهنة تبديد سعادتنا بحرق سنة وراء سنة من غفلتنا في هذه الحياة، ليس لأنّ موعداً مع الحرية يقترب بل لأن موعداً مع الحياة يبدأ، وبسمةً على ثغرِ زهرةِ الربيع سوفَ تُزهرُ مع التلاقي والتَوَحُّد.
   ولكن في حالتنا هُنا يأتي السؤال من باب التمويه الذاتي، ما دُمنا نُدرك أن الاجابةَ  قد تكمُنُ في حواشي سؤالنا.. ويبقى الاستفهام سيّدَ الموقف في كل الحالات ..
 ولكن حقاً لماذا ؟
عفواً سيدتي الأرض ..
    أنا لا أبحثُ هُنا عن الاجابةِ.. ولا أكتُبُ لأُطفئَ ناراً أَشعلتها فراشاتُ الربيعِ المحلّقةُ في رحاب رسائلكَ ، بل أكتُب وأسألُ لأزيدَ مثل هذه النار اشتعالاً ، علَّ كلماتي تكون وقوداً وأوراقي حطباً في مبعثِ الدفءِ والنور هذا ، علَّ أنفاسي المنبعثة مع خصلات هذا اللهب تغدو شموعاً تُضيءُ ولا تنطفئ.
     في سؤال الموت والحياة نزيفٌ لا يتنهي ، وخيطٌ رفيعٌ يمُرُّ من هُنا الى هناك ، ويفصلُ بين الكلمات ويصلُ اللحنَ باللحنِ ويعزفُ على أوتارهِ السرمدية نار الحياة فهي الباقية لأنّ وقودها الحُبُّ ، والمحبّةُ نبتتها الجميلة التي تجعل من كلِّ شيء معناً جميلاً للحياة حتى تؤول الى حبل السُرّة بين الحياةِ والحياة.
عفواً سيّدتي..
     نحنُ ندري أو لا ندري.. نسألُ ولا نتوقع الجواب ، نُجيبُ عن السؤالِ بسؤال .. ونبقى أوفياء للفكرةِ ، ونَستَمِرُّ على ما نحنُ عليه ونكون ما نكون في حقلنا أو في عقرِ دارنا ، في عقلنا في ثأرِ نارنا من عارنا نكون ونبقى ما نحن عليه .. وقود ، حطب ، شموعٌ نحتَرِقُ  ونشتعلُ  ولا تنطفئ  ، كنارِ المجوس لا تَنطَفئ .
     نفرُش دربَ الموتِ بالزغاريدِ وجسدي المُسَجّى هُناك مُغطى بالجراح ينزفُ إسمكِ حرفاً حرفاً حتى الاحتراق.. ونرُشُ الطريق الى هناك بالوردِ والأزهار وعطر الياسمين.. نُطلقُ العنان لطقوس الوداع الأخير، نذرُف الدموع بخشوعٍِ إلاهي ،، نبكي بصمت ..
والهدوء يملأُ المكان صباحاً، دمعٌ وصمتٌ وخشوعُ العاشقين عزفٌ بلا أوتار والموت هو الموت.
لكنَّ الحياة ليست ذات الحياة..
      ثُمَّ نامت الفراشات وهدأ البحر عن الضجيج ومدّت النارُ ألسنتها الى عيوني وَسالَ الحُزن عندَ أطراف جفونها وقالت ملأ السماء والأرض : آهٍ أمي ، لماذا رحلتِ عني وتركتِ زُرقة السماء تملأ عُيوني من دونكِ ..
آهٍ أمي ...
    صرخةٌ من الوريد للوريد ، مزّقَ الصدى وعاد صوتها إليها يُردّدُ في ليلِ الغُرباءِ وصباحات الفُراقِِ وعداً كانَ : سأكون معكِ أينما كُنتِ وأنتِ ستبقين بينَ أجفاني كلؤلؤةِ البحرِ ..
    بالأمسِ بكينا الموت وَذرفنا الدُموع ووجوهنا عَبَسَتْ كأَنّ الدهر غابَ في لحظةِ عُمقِ الحُزنِ وكأنّ اللحظةُ نهاية النهاية ، وغداً نفرحُ للحياة، ونسألُ : ماذا عن اليوم ؟!
اليوم !؟
     اليومَ سَيّدتي هو حَبلُ السُرَّة ، هو خَيطُنا الرفيع ، اليوم نصل بينهُما بعزفِ ألحانِ الربيع، أليومَ نجمعُ الأمسَ بالغدِ بالحُبِّ.
     بالمحبة نصنعُ الحياة، بها ستبقى وبها ستدومُ .. بالمحبةِ نهدمُ حدودَ الضياع وبها نقبضُ على الكلماتِ والحروفِ وألسنةَ النارِ ، وبها نَسمو فوق شفارِِ السُيوف ، بالمحبةِ نُحطّمُ جدار الخوفِ ونفتخرُ ، رغمَ العتمةِ في بعض النوايا ، نَفتَخرُ أننا بشر..
     نبكي موتانا ونحزنُ ، نصرخُ بأعلى ما في الصوت من صمت .. لا يسمعُنا أحد ، إلاّ من كانَ لهُ مع الموتِ موعداً ومع الحُبِّ موعداً آخر.
      نحزنُ سيّدتي والهذيانُ سيداً في حالَتكِ ، وصدرُنا يعتمرُ بذكرياتٍ وشوقٍ دفين ، فالحزنُ فيهِ إستعادةٌ لحنان مفقود ، ولحظاتٍ حينَ نتذكَّرُها نشهقُ من اللهفةِ على ملمسها من جديد ، ونمضي لِنَعود .


 أبو أسعد محمد كناعنة
                                              سجن الجلبوع
                                             تموز 2005




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت