X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أدب وشعر
اضف تعقيب
13/01/2012 - 03:40:43 pm
شاعرٌ لم يَشِخْ قلمُهُ بقلم جاسر الياس داود
موقع الغزال

دُمْتَ أُمَمِيًّا يا شاعرَ الشاغورِ في قلبِكَ الدَمُ يَجري أحمرَ

لم تحنِ هامتَكَ للسيفِ يوماً لولا العناد ما كنتَ أجبرَ

رموكَ بأسهم لا حدَّ لها أبدا وبقيتَ صامداً كالصخرِأعصرَ

ابراهيمُ حاربَ الأصنامَ بجلدٍ ويوحنا قارعَ البطشَ والزنا أكثرَ

فَعِشْ سعيداً حتى الألفينِ والقدرِ فأملُ الحياةِ فيكَ يتجدّدُ أخضرَ

تعود بي الأيام الى الوراء،حين كنت أشاهد مقابلة وحواراً بين شاعر وفنان،هذا يدافع بكلمته الشعرية عن شعبه،واصفاً همومه ومشاكله ومنادياً أبناءه بالصمود أمام نوائب الدهر:

فإذا انتهى أمري فأنقذ موقعك

واليوم جئتُ اليكَ أعرض نجدتي

ما في يدي حجر ولا في جعبتي

إلاّ قصائد أشتهي أنْ تنفعَك

(نشيد للناس ص 14)

وذاك فنان آمن بالكلمة على المسرح،آمن بأن الفنان هو الذي يحمل هموم شعبه ليعرضها أمام الجمهور،هادفاً من هذا، التأني في ايجاد الحلول البسيطة لهذه الهموم. وما يجمع بين هذين المبدعيْن هو حبهم لبلدهم البعنة الحمراء ولشعبهم،الشعب الذي قاسى وما زال يقاسي من المتاعب والمصائب والمشاكل،منها:مصادرةالأراضي،هدم البيوت والحرمان من المسكن،التمييز بكل أنواعه ومنه التمييز في استيعاب الأكاديميين العرب في الوظائف الكبرى في الوزارات المختلفة،وغيرها من المتاعب. نعم،إنه شاعر الشاغور الصامد برغم تقدمه بالسن(العمر كله) وهذا الشيب من ذاك الجلل والاحترام،إنه ابن البعنة الحمراء والتي سطّرت قصصاً يُفتَخرُ بها وبالذين لعبوا أدوارهم فيها،إنه الشاعر الصريح وصاحب القلم الجريء حنا ابراهيم،من جيل الثلاثينات من القرن الماضي،الجيل الذي عاش أحلك الأيام والليالي،عانى الكثير والكثير،جاع واضطهد، ولكنه بقي صامداً عنيداً ومقاوماً كصخور وجلمود البعنة. أما المحاوِر له فهو أيضاً من أبناء القرية الحمراء الفنان محمد صالح بكري،رفيق درب شاعر بلدته هذا،والذي جمع بينهما اللون الأحمر،اللون الذي حمل علمه معهما أحد مؤسسي الحزب الشيوعي في هذه البلاد،إنه طيب الذكر الرفيق توفيق طوبي-أبو الياس- رحمه الله. جلست أمام الشاشة الصغيرة، أشاهد واستمع للحوار الذي أشعرني وكأن المحاوِر هو ابن أو حفيد الشاعر،وذلك من خلال صراحته واحترامه وتبادل المشاعر بينهما، وخاصة حين قال الشاعر:أنا أمميٌّ وأنا شيوعيٌّ وسأبقى،حينها نظرت أتفرس ملامح وجه الفنان محمد بكري فوجدتها ملامح وجه طفل يستمع الى حديث جدٍّ عن أيام زمان. لم يُخْفِ الشاعر مشاعره وشعوره،فقد ردَّ على أسئلة المُحاوِر له بكل صراحة وصدق دون تلون ومحاباة،فكان السائل جريئاً بأسئلته والمُجاوِب أجرأ،وهو القائل: والأرض تعصب بالتراب جروحها

والأرض لا تخشى الضياع ولا الزوال والأرض تعرف ريح أهليها

وتأنس حين تسمع لعظهم شاعر فلسطيني مرَّ بتجارب مريرة بكثرتها حلوة بقلّتها،وهذا ما أثّرَ عليه في بعض أجوبته لأسئلة المُحاوِر له،وخاصة الأسئلة التي لها علاقة بالقضية الفلسطينية،فقد كان الألم بادياً على وجهه ساعة الأجوبة،بالرغم من أنّ المحاوِر كان بعكسه،وكان يحاول دبَّ الأمل في قلب شاعرنا،الذي قال في قصيدته "نشيد الشباب"ص 29،من كتابه الشعري" نشيد للناس": لك الدنيا ولي خفقات قلب

تذكرني بأن الرأس شابا وبالأمل الذي ضيعت عمراً

عليه وبعد طول اللأي خابا حسبت سذاجة أني وجيلي

الى الفردوس من قوسين قابا فعذراً أستميح إذا تركنا

لكم دنيا معبأة صعابا

الأوضاع التي آلت بأخوتنا الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة،أثّرَت كثيراً على نفسية شاعرنا،فبدت المرارة في عينيه وفي قلبه الحزين،ولكنك أيها المشاهد المستمع تراه أحياناً ينتفض بهدوء،وهذه الإنتفاضة ذكّرتني بالرفيق الشيوعي العريق إبن عبلين ورفيق درب الشاعر في النضال من أجل حقوق شعبه الفلسطيني،طيب الذكر المرحوم نصري أنطون المر - أبو أنطون- رحمه الله،حين كان يجزع من حديثٍ مع أحد المحاورين له أو المتحدثين إليه،فكان يردّ بردّة هذا الشاعر الجسدية ثم يعود الى هدوئه المعهود. هكذا جبلتهم الحياة بعجلاتها التي لا ترحم،داروا مع الزمان بأيامه القليلة الحلاوة،ولياليه الحالكة المرّة،هكذا تعلّموا على جلدهم، أن المغامر والمقارع لا يخسر كرامته ووطنيته وارتباطه بالأرض وبنضاله الى جانب إخوته الوطنيين،إذا كان صادقاً أولاً مع نفسه ثم مع الآخرين. هكذا كنت يا ابن البعنة الحمراء صادقاً مع نفسك ومع المحاور ومع المشاهدين والمستمعين الى هذا الحوار. ما أعجبني ولفت نظري في كلام الفنان محمد بكري وهو من الجيل الثاني بعد جيل حنا ابراهيم(زمنياً)،أنه لم يفقد الأمل في تغيّر الأحوال لأمتنا الفلسطينية في الداخل وفي الخارج،فقد كان يحاول مراراً التخفيف من ألم الشاعر الذي لم يهرم بحسب قوله"العكازة تساعدني على المشي بسبب الآلام في ظهري"ولكن مَنْ نظرَ في عينيه يقرأ أسطراً وصفحات من تاريخ شعبنا المناضل منذ القدم وما زال،نقرأ في عينيه المحطات الكثيرة التي وقف في ساحتها ينتظر هذا الراكب ويودع ذاك،وهو يسير برباطة جأش علّهُ يصل الى المُراد. نعم، مرَّ شاعرنا الذي أتمنى له الحياة لأكثر وأبعد من سنة 2020م،التي شدّدَ عليها الفنان محمد بكري قائلاً له:راح تعيش وتوصل لسنة 2020م،فضحك الشاعر طالباً في قرارة نفسه تحقيق ما يتمناه له المحاور،وفي نفس الوقت تراه يتنهد بهدوء كطبيعته،شاكاً في تحقيق هذه الأمنية. ولكن أودُّ أن أذكّر شاعرنا ابن هذا الشعب بقوله في روايته بعنوان "موسى الفلسطيني " والتي نشرت وصدرت عن دار المشرق شفاعمرو سنة 1998م ص 106:" إذا جابت المرأة ولد سموه باسمي،وإذا كانت بنت سموها فلسطين...أو لا بلاش فلسطين.لأن الانسان مهما طال عمره يموت.وما بدي ييجي يوم ويقولو ماتت فلسطين.تعيش فلسطين". نعم،أنا لم أقل هذا ولم يَقلهُ غيري،بل أنتَ يا بعناوياً أحمر قلته،فأين أنت من هذا؟!!ألعلّ العجز والشيب أشاخكَ قبل أوانك،أمْ أنّ قواك الجسدية ضعفت؟!! لا يا شاعر الشعب،لا ولن تهرم ما دام هناك مَنْ يحمل الرسالة من بعدك وبعد أمثالك،رسالة حفظ والمحافظة على الأرض والكرامة،والتكاثف مع أبناء شعبنا العربي الفلسطيني في مِحَنِهِ وتطلعاته المستقبلية. نعم،خانتكَ بعض وسائل الإعلام في سنوات سابقة،بقصد أو بدون قصد.فأنا أقول لكَ يا شاعرنا هذا مصير غالبية أو أغلب المجاهدين والمناضلين في الساحات والميادين المختلفة والمتنوعة،فهناك مَنْ يصوره (المناضل-المجاهد) بصور كثيرة ومستمرة،وهناك من يصوّر سيناريو واحد أو اثنين له،ثم يأتي مَنْ لا يعرف بمقدار هذاالشاعر أو ذاك،ويتغنى بالشُوَيْعريين!!! لا تحزَن يا شاعراً شامخاً كسنديانة الشاغور،فكثيرون أمثالك حاولت بعض وسائل الإعلام طمسهم وطمس انتاجهم الأدبي أو تجاهلهم فلم تنجح،لأن كلمتهم لم تخترق الورق بل اخترقت الصخور ووصلَتْ الى آذان مَنْ أحبوا سماعها،وتفاعلوا معها بمشاعرهم ،فمَنْ لا يعرف الشاعر والأديب حنا أبو حنا - إبن الرينة- والشاعر والأديب جمال قعوار - إبن الناصرة- والشاعر والأديب فهد أبو خضرة- إبن الرينة- التي أخرجت من سهولها ووديانها وجبالها أصحاب الصوت الجميل الشعراء الزجليين الشعبيين أبو احمد الأمين وغيره. هذا حدثَ مع أبناء جيلِكَ أيضاً،ومنهم أستاذي المربي الأديب والشاعر طيب الذكر المرحوم جورج نجيب خليل،إذ أرادوا إبطال أو الغاء شعره وانتاجه الأدبي فلم ينجحوا،رغم ما مرَّ عليه من عثرات ومشاكل مختلفة،لكنه بقي صامداً في شعره ومشاعره ولم يَحِدْ عن الطريق طريق الشعب،طريق الحق والكرامة.وهناك الكثير من الأمثلة. هذه هي بعض وسائل الإعلام،التي لا تُقام على أسس علمية واقعية واعية،وهدفها عدم نشر ثقافتنا من خلال الإنتاج الأدبي المختلف والمتنوع للأقلام الفلسطينية،مهما كان انتماء هذا الأديب أو ذاك لطائفة أو لحزب أو لشريحة اجتماعية وغيرها. حبذا لو نصل الى المستوى الذي فيه ننظر الى الانتاج الأدبي الفلسطيني كأدب وابداع، دون الأخذ بالحسبان انتماء الأديب أو الشاعر أو الكاتب السياسي،الاجتماعي أو الاقتصادي. مَنْ مِنّا لا يذكرك أيها الشاعر بصوتك الجهور الرنان، تلقي القصائد الوطنية في المناسبات المختلفة، والعَلَم الأحمر يرفرف عالياً في أماكن هذه المناسبات !!! مَنْ منا لا يذكر أشعارك،تقارع بها ظلم وبطش جنود الاحتلال بإخوتنا الفلسطينيين في القطاع والضفة الغربية والقدس الشرقية!!! ولكن كفانا أن نسمعك أيها الشاعر المخضرم،تقول للفنان محمد بكري في نهاية اللقاء:إذا لم أصل في عمري الى سنة 2020م،تذَكَّر في هذا اليوم(أي بداية سنة 2020م)أن تزور قبري وتضع فوقه "زر ورد أحمر". هذه الجملة تمنع وتقف حاجزاً أمام بعض وسائل الإعلام،التي أرادت تهميشك أو التقليل من مقدارك الشعري ومن مقدار مَنْ عاصروك من المناضلين البعناويين،- للمثال لا للحصر- المربي الشيوعي ورجل الأعمال إبن جيلك طيب الذكر المرحوم ابراهيم انطونيوس بولس - أبو يعقوب- وغيره. نعم،كنتَ تقف كالمارد تصدح بصوتك ما خطّهُ يراعك من شعر في المهرجانات المختلفة،تدافع به عن أبناء شعبك العربي الفلسطيني،غير آبهٍ بالنتيجة وبدون خوف كشعبك الصامد أمام النوائب،وسيبقى هكذا،الى أن يحقق أمانيه وتطلعاته،ومنها إقامة دولته فلسطين بجانب دولة اسرائيل. فَلَكَ العمر كلّه يا شاعر الشعب،صمودنا من صمودكم،وصمود أبنائنا من صمودنا. فلكَ الحياة كل الحياة مع الخير والسعادة،وأتمنى أن أقول لكَ من القلب حين تحلّ سنة 2020م، كل عام والعام وأنتَ والبعنة وشعبنا بألف خير - آمين

عبلين 10/1/2012م




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت