X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أدب وشعر
اضف تعقيب
19/11/2017 - 10:47:13 pm
أدبنا الفلسطيني ما بين النقد المهادن والنقد االنتحاري
خلود فوراني سرية

أدبنا الفلسطيني ما بين النقد المهادن والنقد االنتحاري
خلود فوراني سرية


في كتابه "نقد العقل العربي" يقول الفيلسوف العربي المغربي محمد عابد الجابري"نحن ال نمارس النقد من أجل النقد، بل من أجل التحرر مما هو متكلس في كياننا العقلي وإرثنا الثقافي".إن كل نقد عند أية أمة هو صورة للنماذج الشعرية والنثرية عند تلك األمة. بحيث تتسع آفاق الناقد العربي إلى ما هو أبعد من القضايا التي طرحتها تلك النماذج مؤكدين على الدور الفكري لذاك الناّقد.
في محاولة لتحديد الاسبقية نرى للوهلة الاولى أن النقد لم يخلق شاعرا أو كاتبا، إنما إبداع الشاعر والكاتب هو الذي أوجد الناقد ولكن في حالتنا مع دراسات د.رياض كامل في األدب الفلسطيني نجد نقدا متطورا تنامى تأثيره مكونا عالقة دينامية ذات تأثير متبادل، ما حّول النقد إلى سبب قائم بذاته وأصبحت محاولة تحديد الاسبقية نوعا من السفسطائية.
من خلال دراسات متعددة وما بين نقد الفكر وفكر النقد نرى أن د. رياض قد تعامل مع إلابداع الادبي من منطلق ذاتي وليس من المنطلق الذي يقونن ذاك الابداع والذي فيه فذلكة أكاديمية ومحاولة لتحويل النص ألادبي إلى معادلة علمية. لقد برع د.رياض في التعامل مع ألادب كموضوع له مقاييسه النظرية، ألا ان ألادب هو الحياة، والحياة لا تخضع لمقاييس جاهزة، وكم بالحري حين يكون الكلام عن أدبنا الفلسطيني.قد قضى نقدنا الادبي مدة -في الفترة الممتدة بين الاصمعي وابن خلدون- وهو يدورفي مجال الانطباعية الخالصة والاحكام الجزئية التي تعتمد على المفاضلة والموازنة بين أديبين أو بين شاعرين وقد اعتمد شعرنا لقرون طويلة على الصوت وكان يكفينا ما يسمى ب ثقافة الاذن، وكان الناقد تابعا للكتاب في مراحل النقد الاولى مثل النقد الانطباعي والصحفي. أما اليوم فقد استقل الناقد من العيش في جلباب أبيه وأصبح شريكا فعليا فعال مؤثرا وموجها لرؤية الكتاب الابداعية. لقد انفتح نص المبدع الحديث على مصراعيه أمام القراءات المتعددة والتفسيرات المتعددة فبات للقارئ دور في إنشاء النص متسلحا بالذخيرة المعرفية. فجاء كتاب د. رياض يضم مجموعة من المقالات النقدية حول ألادب الفلسطيني، في مجال الرواية والشعر تحديدا. محاولا فيه استجلاء مكامن النص وفك شيفراته إيمانا منه أن النص ال يقوم بذاته، بل من خلال إقامة حوار بينه وبين المتلقي، فكل نص ناجح هو نص منفتح قابل للتأويل مع تعدد القُراء والقراءات.حينما نتحدث عن النقد األدبي بشكل عام، إنما نحن بصدد تناول محوره وهو الناقد ألادبي، لان الناقد ألادبي أصل عملية النقد. وثقافته واهتمامه هما ما يجعلنا نقيم المادة ألادبية.قام د. كامل في دراساته في ألادب الفلسطيني بعملية فرز بين عدد كبير من األاعمال ألادبية نثرا كانت أم شعرا، بهدف نقدها وتشريحها وتقييمها.ففي موضوع التوثيق والخيال التقينا عنده بالروائيين يحيى يخلف في "نجران تحت الصفر" و"بحيرة وراء الريح". وغسان كنفاني في "عائد إلى حيفا"،. معرجين على الناقد د. محمد هيبي في "نجمة النمر األبيض" ف "سيرة بني بلوط" للأديب محمدعلي طه، ثم لقاء جميل ب د. راوية بربارة وثورتها المهادنة. وطبعا محطة لا بد منها مع الكاتب إبراهيم نصر الله في روايته "شرفة العار" وسؤاله هل نشرف ببصرنا على ما حولنا أم نشرف ببصيرتنا على مآسينا-. ومن ثم وقفة أخرى في مواجهة الواقع في "ساحات زتونيا" لعودة بشارات.ومن القضايا التي دار حولها نقد د. رياض في دراسته، قضية اللفظ والمعنى وهو هوية اللغة في "فاطمة" محمد نفاع. قضية الدلالات في شعر شكيب جهشان. قضيةالتناص ومضامين خاصة في شعر سميح القاسم، والشاعر حسين مهنا في "هذا العالم ليس بريئا". الحزن التحريضي في "نزيف الظلال" للشاعر مفلح طبعوني. والخطاب الفلاحي في شعر سعود ألاسدي.
**
اكتشف بعض الروائيين عندنا مدى حاجة قضاياهم الملحة إلى المعالجة عن طريق الرواية لكونها -بخالف المقالة- قادرة على احتواء أماكن شاسعة وأزمنة وحوادث متعددة وتتسع ل"حيل" فنية يتخفى الروائي من خلالها ليبدو محايدا. يرى د. رياض أن الدافع األيديولوجي العقائدي يأخذ دوره في توجيه الاديب الفلسطيني حيث يرى المتابع لهذا الادب ميالا لتوثيق المكان والزمان نتيجة لما تعرض له الانسان الفلسطيني من تهجير وتشرد وضياع بعد أن فشل المؤرخون والسياسيون في ترسيخ روايتهم، ومن هنا سماه بالادب المؤدلج.يفرض علينا النص األادبي الفلسطيني تحديا ويحتاج إلى قارئ متميز والناقد في هذه الحالة يجب أن يدخل كوسيط إلضاءة هذه اللعبة اإلبداعية، ال لشرح معانيها، فمهما بلغت قدرة الناقد على التفسير والشرح فلن يستطيع أن يبدع في تفسيره أرقى من العمل الادبي نفسه.والنقد األدبي هو حوار دائم مع المبدع، يدخل إلى أقصى درجات العمل ألادبي خصوصية ويكشف أساليبه الفنية وزواياه وخباياه وما غفل عنه وال يكتفي بالجانب الموضوعي والمضامين، بل يهم الناقد قبل كل شيء كيف يعبر هذا العمل عن فكرته وما هي أساليبه التي استوحاها الكاتب وكيف أثرت هذه الاساليب على عملية التلقي والتأثير.وأختم بالقول إن الكثير من أدبائنا تكونت قيمتهم بانتمائهم وليس بأدبهم، فكنا نرى تفادي ذوي القدرات النقدية الولوج لمعترك الحياة األدبية ولست أبالغ إن قلت إن أدبنا المحلي والفلسطيني بحاجة إلى "ناقد فدائي" وربما إنتحاري !


(ألقيت هذه الكلمة في أمسية إشهار "دراسات في الادب الفلسطيني"
 للدكتور رياض كامل، بتاريخ 2017.11.16 في نادي حيفا الثقافي)




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت