تواصل معنا عبر الفيسبوك | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
تأَمُّلات في شَذَرات..:
بَيان الوُجود والحياة.. بَيْن المَعْنى والعَدَم
عبد عنبتاوي
إنها مُقدِّمة اضطرارية تصلح كمُؤخّرة أيضًا، وقد تبدو عند الكثيرين
كعَلقمٍ في جَرَّةِ عَسَلٍ، وعند البعض كنبيذٍ في حفلة شاي…!؟
بعد نَأْيٍ امتدَّ طويلاً عن "شكل الحُضور" ودُنو أكثر من "جَوْهر الغِياب"، دون أن يخلو من تزهُّد وتنسُّك بلا عِبادة، تَجِد نفسكَ تتحرّك برشاقة بين أقصى المعاني و أقسى العدم، عَبْر حركة لولوبية من "السُّقوط الى الأعلى" .. وليس هذا قَدَرًا بالتأْكيد، بل خيار عقلي وإرادي وسلوكي، يَسْتَبْطِن في كُنْهِهِ ما تَيَسَّر من احتمال المعاني المُمْكِنَة، ويسير نحو تلك المعاني المفقودة..
فهل وجودنا حقيقيّ أم تَجَلٍّ..؟؟‼ وهل وجودنا وحياتنا ذات معنى وماهِيَّة أم هي مُجرّد ظِلال وتمظهُر تسير نحو العَدَم..؟؟!!
إن الصراحة لا تخلو من القسوة، والقسوة يتخللها غالبًا بعض الصَّدَمات العنيفة والمفاجِئة، لكن هذه الصَّدمات تبقى ضرورية، بل ضَرورَة لا بُدّ منها لعلاج العديد من الأمراض المُزْمِنة، كما تؤكد جميع مَدارس علم النفس..‼
وإذا كانت الفلسفة وَليدَة الأزمات، وهي كذلك فِعْلاً، فلا شكَّ أننا نحيا في ظلال أحْلك الأزمات وأكثرها تركيبًا وتعقيدًا، دون أن تكون عَصِيَّة على الفَهم والإدراك..
فلا يمكن للحياة أن ترى وأن تتدفَّق بغير الفلسفة، فالفلسفة هي البَصيرة التي تَرى خلالها الوجود والحياة، وبالتالي المعنى والماهيَّة، ولا قيمة لها إذا لم تكن في خِدمة الإرتقاء في ممارسة الحياة بعد إدراكها، ومَنْ يخشى الفلسفة إنما يخشى أن يعي وأن يُدْرِك وأن يرتقي..
ولذلك، فإن هذه " المادَّة "، كامتِدادٍ وارتقاء لما سَبَق من تأمُّلات في شذرات، بعد نحو عَقْدٍ من الكتابات المتباعِدَة في هذا الاتجاه، وبِلا لِهاث أو تسرُّع في النشر، إنما هي ليست لِمَنْ يخشى، كما هي ليست للمُقامِرين والعَبيد، وقد تكون أقرب للمُغامرين والأحرار، مِمَّن يعقلون إرادتهم ويُريدون عقولهم، بل لمن يتجاوَزون هذا كلَّه او جُلَّه..
فَمِنْ بين بَراثن العدم قد تجد مَعانيًا للحياة، وبين حَدائِق الحياة قد يترصّدكَ العَدَم..
إنها "مادة " لمَنْ يقرأ.. ولمن يُريد ويستطيع أن يقرأ.. ويُحاوِل أنْ يفهم..
أن يَسْأل الأسْئِلة المُحْرِجَة والمُستَفِزَّة، وأن يُفكِّر باللّامُفكَّر فيه، وأن يقول ما هو عَصيّ على القول..
ما أوْضعهم وما أدْناهم من " أحياء "..!؟
إذا كان موت الجسد حَتْمِيَّة، فأُفَضِّله حَرْقًا احتفاليا واحتفائيًّا على شاطئ البحر، وذَرّ الرَّماد في زَبَدِ الأمواج..
شباط – فبراير/ 2020