X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أدب وشعر
اضف تعقيب
08/08/2020 - 09:57:06 am
مَشْهَدٌ آخَرُ قصّة للأطفال : زهير دعيم

مَشْهَدٌ آخَرُ

قصّة للأطفال : زهير دعيم

      في كُلِّ صَباحٍ ، عِنْدَما أَجْلِسُ عَلى شُرْفَةِ بَيْتي لأَشْرَبَ قَهْوتِي ، أُشاهِدُ الْمَشْهَدَ نَفْسَهُ . دَجَاجَةٌ سَوْداءُ ذاتُ رِيشٍ نَاعِمٍ ، تُقَرْقِرُ وَتَنْبُشُ الأَرْضَ بِرِجْلَيْها بَحْثًا عَنِ الطَّعامِ،

      ثُمَّ تَمْضِي إلى حَنَفِيَّةِ الْجِيرانِ أَلّتي تَنْقِطُ مُنْذُ زَمَنٍ بَعِيدٍ ، وَتَبْدَأُ تَشْرَبُ مِنْهَا وَهِيَ تَرْفَعُ رَأْسَها أِلى السَّماءِ وَكَأَنَّهَا تَشْكُرُ اللهَ.

      وَكَالْعَادَةِ يَأْتِي بَعْدَ فَتْرَةٍ قَصِيرَةِ أَلْقِطُّ الرَّمَادِيِّ ذُو الْعَيْنَيْنِ  الْحَمْراوَيْنِ ؛  يَأْتِي هُوَ الآخَرُ بَاحِثًا عَنْ طَعَامِهِ ، فَيَفْتَحُ السَّلَّ الصَّغِيرَ وَيَبْدَأُ التَّفْتِيشُ لَعَلَّهُ يَجِدُ شَيْئًا يَأْكُلُهُ . وَكَثِيرًا مَا يَعُودُ هَذا الْقِطُّ مِنَ السَّلِّ عَاثِرَ  الْحَظِّ.

      قَدْ يَجِدُ الْقِطُّ الرَّمَادِيُّ طَعَامًا وَقَدْ لَا يَجِدُ ، وَلَكِنَّهُ فِي كُلِّ الْحَالَاتِ لا يَنْسَى أَنْ يَهِجُمَ عَلَى الدَّجَاجَةِ السَّوْدَاءِ ، وَيُطَارِدَهَا فَتَهْرُبَ مِنْهُ مَذْعُورَةً ، وَتَقْفِزَ فَوْقَ الْحِجَارَةِ وَالْأَشْواكِ.

      مَنْظَرٌ جَميلٌ اعْتَدْتُ عَليْهِ ، لَكِنَّهُ سُرْعانَ ما اخْتَفى مِنْ حارَتِنا ، فَها يَمُرُّ أكْثَر مِنْ عِشْرينَ يَوْمًا ، لَمْ أَرَ فِيها أَثَرًا لِلْدَجاجَةِ السَّوْداءِ.

وَتَساءَلْتُ : أَيْنَ ذَهَبَتِ الْدَجاجَةُ يا تُرى ؟

أَيَكونُ قَدْ ذَبَحَها أَصْحابُها ؟ أَمْ يَكُونُ قَدْ تَمَكَّنَ مِنْها الْقِطُّ الرَّماديُّ وَأَكَلَها ؟

      إلى أَنْ جاءَ يَومٌ ، وَكَالْعادَةِ كُنْتُ أَجْلِسُ عَلى شُرْفَةِ بَيْتي أَشْرَبُ قَهْوتي ، وَإِذا أَرى الدَّجاجَةَ السَّوْداءَ تَنْبُشُ التُّرابَ بِرِجْليْها ، وَحَوْلها يُتَكْتِكُ خَمْسَةٌ مِنَ الصِّيصانِ الصَّغارِ .

صيصانٌ جَميلَةٌ مُلوَّنَةٌ ، فَهذا أَسْوَدُ الْلَونِ تَمامًا كَما أُمِّهِ ، وَذاك وَرْدِيُّ الْلَونِ ، وآخَرُ بُنْيُّ الْلونِ وَرابعٌ  أَبْيَضُ كالْثَلجِ وَخامِسٌ بِلوْنِ الشَّمْسِ.

      وَراحَتْ تُغنّي وَتَقول :

يا صِيصاني يا حِلْوينْ

يا بَهْجَة قَلبي والعينْ

أِلْحقوني مُسْرعين

نُوكُل قَمَحة وحَبّة تِينْ

أنْتو أَمَلي ، أنْتو حُبّي

أنْتو الْغَلا يا غاليينْ

وَيَرُدُّ الصّيصانُ :

ماما  ماما يا حَياتي

إِنتِ لَحني ونغماتي

مَعْكِ بنسهَر

مَعْكِ بنكْبَر

الْيوم وبُكْرا والآتي

      نَظَرْتُ إِّلى الدَّجاجَةِ ، فَإِذا هِيَ سَعيدَةٌ ، رافِعَةُ الرَّأْسِ ، تَنْبُشُ التُّرابَ تارَةً ثُمَّ ما تَلْبَثُ أَن تَتَلَفَّتُ حَوْلَها تَطْمَئِنُ عَلى صِغارِها.

      وَفَجْأَةً ظَهَرَ مِنْ بَعيدٍ الْقِطُّ الرّمادِيُّ ، فَرَأَى الدَّجاجَةَ وَصيصانَها ، فَاقْتَرَبَ مِنْها على غَيْرِ عادَتِهِ ، فَقَدْ تَعَوَّدَ أَوْلًا أَنْ يَزورَ سَلَّ الْقُمامَةِ الصَّغيرِ ، وَلَكِنَّ مَشْهَدَ الدَّجاجَةِ والصِّيصانِ أَنْسياهُ السَّلَّ.

      قُلْتُ في نَفْسي : لَقَدْ عَلِقَتِ الْمِسْكينةُ ، فَكَيْفَ تَهْرُبُ وَتَتْرُكُ صيصانَها خَلْفَها ، لَقَدْ عَلِقَتْ.

      وَهَجَمَ الْقِطُّ مِنْ بَعيدٍ ، وَلَكِنَّ الدَّجاجَةَ لَمْ تَهْرُبْ هَذِهِ الْمَرَّةَ كَعادَتِها ، فَقَدْ جَمَعَتْ بِجَناحَيْها صيصانَها خَلْفَها ،  وَوَقَفَتْ عَلى رِجْلَيْها ، وَفَتَحَتْ مِنْقارِها وَزَعَقَتْ في وَجْهِهِ ، وَكَأَنَّها تَقولُ لَهُ : اقْتَرِبْ ..اقْتَرِبْ.

      وَلَمْ يَقْتَرِبِ الْقِطُّ  في  هَذِهِ الْمَرَّة ، بَلْ جَمَدَ في مَكانِهِ دَهِشًا . وَلَكِنَّ الدَّجاجَةَ لَمْ تَتْرُكْهُ بَلْ هَجَمَتْ عَليْهِ وَأَخَذَتْ تَنْقُرُهُ هُنا وَهُناكَ وَهُوَ يَهْرُبُ وَلا يُصَدِّقُ ما يرى.

 عادَتِ الدَّجاجَةُ  تُقَرْقِرُ وَتدعو صيصانَها بِتَكْتَكَةٍ جَميلَةٍ  وَتقول والصّيصانُ تُرَدِّدُ خَلْفَها :

ها ها ها

خافْ الْقِطُّ وطارْ

وصارْ مثل الْفارْ

يُركُض شْمال

 يُرْكُضْ يَمين

عَ طولِ النَهارْ

 ثُمَّ مَشَتْ أَمامَهُمْ رافِعَةَ الرَّأْسِ نَحْوَ حَنَفِيَّةِ الْماءِ.




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت