X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أدب وشعر
اضف تعقيب
21/04/2022 - 05:32:51 am
قصة قصيرة أطفال غزة في الحافلة زياد شليوط

قصة قصيرة

أطفال غزة في الحافلة

زياد شليوط

صعد إلى حافلة الرّكاب، التي لم يصعد إليها منذ سنوات، وكاد أن يتعثر وهو يصعد سلم الحافلة الداخلي، وهذه من علامات ابتعاده عن ركوب الحافلات، منذ أن امتلك سيارة خاصة به، وصار يتنقل بها من بلدة إلى أخرى، وفق ما يقتضي عمله. وقف لثوان بعدما نجح في صعود درج الحافلة يتأمل الركاب، اقترب من مقعد تجلس عليه سيدة وبجانبها مكان فارغ، سألها:

  • هل المقعد شاغر أم مشغول؟
  • هيك وهيك!
  • كيف؟
  • يعني نعم ولا.

فرد عليها وهو يأخذ مكانه إلى جانبها:

  • اذن أجلس في مكان.. لا.

تركها بحَيرَةٍ حيث أعجَزَها اختيارُهُ عن معارضتِه.

بعدما أخذ مكانه وقبل أن يتّخذَ شكل الجلسة المريحة بالنسبة له، فاجأته بالقول:

  • كيف تقبل على نفسك أن تحتلَّ مكانهم؟
  • ومن يكونون؟ سأل ببرود، وهو يواصل تركيز جلسته.
  • أطفال غزة المتعبون..

توقف عن تحريك جسده وجمُدَ في وضعه الذي كان عليه، ثم ألقى بجسده على المقعد كيفما كان، وهو ينظر بعينين واسعتين إلى جارته في المقعد.

  • من هم؟ هل سمعتُ جيدا؟ أطفال غزة قلتِ؟ سألها متلعثما، مشتّت التفكير.
  • نعم.. ألا تسمع جيدا؟
  • بلى أسمع، ولكن يُهيّاُ لي أني لا أفهم! قال بشيء من السخرية وشيء من الجدية.

أشفقت عليه وأخذت تشرح له بأناة وصبر كبيرين:

  • أطفال غزة يا محترم.. إني غارقة بالتفكير بهم وبمعاناتهم. خاصة أولئك المصابون بالهلع والخوف والاضطراب النفسي، جراء ما مرّ عليهم في العدوان الأخير على غزة، وما رأوه بأعينهم من غارات جوية دمرت بيوتهم وقتلت أبناء عائلاتهم. ونحن، أي الجمعية التي أعمل بها، نتواصل مع المعالجين الذين يرافقونهم ويقدمون لهم العلاج بأنواع الفنون المختلفة.
  • نعم، هذا أمر فظيع. قاطعها متعاطفا ومتضامنا وأردف: لكن ما علاقة ذلك مع جلوسي على المقعد؟
  • يا أستاذ يا محترم. أجابته وقد بدأ صبرها ينفذ: أنا كنت غارقة في التفكير بهؤلاء الأطفال، وأراهم يجلسون إلى جانبي، وكنت أهمّ بمحادثتهم والتخفيف عنهم، فجئت حضرتك وأفزعتهم وهربوا، لأن عقدة العدوان من كل غريب وكبير الحجم ما زالت ترافقهم.

نهض عن مقعده وسار نحو المقاعد الخلفية، وهو يتمتم: لا شكّ بأنها معتوهة.

وفيما هو يبتعد، أدارت رأسها وخاطبته قائلة: الحمد لله على أنك عدت إلى رشدك!

 




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت