X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أراء حرة
اضف تعقيب
05/09/2015 - 11:33:59 pm
قُبْلةٌ موقوتة
حكايةٌ عن عكّا
سرديّة: فريد قاسم غانم
كانت ما تزالُ واقفةً هناك، في ذلك الضّبابِ المُتبَّلِ بالمَوْجِ، حين لفَّ نابليون بونابارتي يدَهُ على خصْرِها الحجريِّ.
هي تحملُ يديْها المعلّقَتيْنِ على سيوفِ ريتشارد قلب الأسد(١)، تبكي أطفالَ المعرّةِ، تقفُ هناك، وتلعَنُ العسَسَ والامبراطورَ على رصيفِ الغبارِ المقاومِ للماء.
هنا، حبّاتُ الماءِ تتشابَهُ في الشَّكلِ، وتختلفُ في درجة الملوحةِ والحرارة واللّون والمآل. شمسٌ طافحةٌ تأتي من الشّرقِ المُعبَّإِ بالأساطيرِ والحسَرات، تستريحُ هناكَ وتحرقُ ذيولَ النّوارسِ اللّاحمة وعصافيرِ الدّوريِّ المعشِّشةِ في الصّدور. وفي الخلفِ، قبالةَ الأفُقِ المحنيِّ، تتسفّعُ البُيوتُ التي تسكنُ فيها الرُّطوبةُ الأولى، تفتحُ عيونَها الحِثّانيّةَ وتُطلِقُ الوردَ الجوريَّ على الزُّرقةِ الرّصاصيّة.
وقد قيلَ لنا يومئذٍ: حينَ يشتدُّ القِتال على خصرِها، ويموءُ البحرُ، تسقطُ في نِصفِ الضّوءِ حبّةُ ماءٍ على خدِّ وردةٍ، فتُقبِّلُها قُبلةً شرقيّةً. 
لكن، ها هو البَحرُ ما زالَ يأتي إلى هناك، كلَّ عامٍ، بهديرٍ راجِفٍ.
وما زالَ نابليونُ بونابارتي غاضِبًا، لانّها ما تزالُ واقفةً هناك، بيدَيْنِ سرقَهُما ريتشارد قلب الأسد، وقلبٍ أكلتْهُ قطًَطُ الأزقّةِ وصيّادو النّفاياتِ، وجديلةٍ حرقَتْها شمسٌ طافِحةٌ قادمةٌ من الشّرق.
ونابليون ما زال غاضبًا؛
ريتشارد عادَ ولم يعُدْ.
وقطرةُ الماءِ هنا لا تُتقِنُ القُبلةَ الفرنسيّةَ.
قطرةُ الماء ما زالت نائمةً على خدِّ الوردةِ الجوريّة، في شارعِ المتنبّي،
كأنّها القُبْلةُ الموقوتة.



Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت