X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أراء حرة
اضف تعقيب
06/01/2017 - 03:38:35 pm
مشروع اليمين: ضم الضفة والقدس الشرقية وإلغاء فكرة الدولة الفلسطينية

مشروع اليمين: ضم الضفة والقدس الشرقية وإلغاء فكرة الدولة الفلسطينية

المحامي علي حيدر

ما أن أُعلنت نتائج الانتخابات للرئاسة الأمريكية، التي أظهرت فوز المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، الذي فاجأ بفوزه الأغلبية الساحقة من المحللين والباحثين ومنفذي استطلاعات الرأي العام، وكبرى الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية والعالمية، حتى "هرولت" مجموعة كبيرة من الساسة الإسرائيليين إلى استغلال هذه اللحظة الحاسمة، التي أدهشت وصدمت الكثيرين في العالم والرأي العام، للتصريح بصوت عال وقوي مكررين ما كانوا قد قالوه في الفترة الأخيرة ولكن بصيغ مختلفة أكثر وضوحا وحسما، وخصوصا أن دونالد ترامب كان قد أعرب خلال حملته الانتخابية عن محبته ودعمه لإسرائيل ورغبته بنقل السفارة الأمريكية للقدس وأنه لا يرى في المستوطنات "عقبة" أمام إحلال السلام. كم انه لا يؤمن بحل الدولتين (رغم عدوله عن ذلك لاحقا). لقد طالب ساسة اليمين الإسرائيلي، الذين أصيبوا بنشوة وفرح شديدين، بالتحرر من فكرة حل الدولتين والاستمرار بتعزيز الاستيطان والبناء في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتغيير "الوضع القائم" في المسجد الأقصى وهدم البيوت الفلسطينية. وقد طالب هؤلاء أيضا، بفرض السيادة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة. ووجد هؤلاء الساسة في تصريحات وأقوال وتوجهات ترامب والمقربين منه أرضيه خصبه لأجراء تغييرات جذريه وجوهرية. على سبيل المثال لا الحصر فقد رأى نفتالي بينت، رئيس حزب "هبايت هيهودي" اليميني ووزير المعارف، في انتصار ترامب "فرصة هائلة لإسرائيل كي تعلن فورا التراجع عن فكرة إقامة دولة فلسطين في قلب البلاد، لأنها تمس بأمننا وبصحة دربنا" بشكل مباشر. وأضاف بينت:" هذه رؤية الرئيس الأمريكي المنتخب كما ظهرت في برنامجه.... وبكل حدة ووضوح وبساطة. لقد انتهى عهد الدولة الفلسطينية". لم تكن هذه التصريحات جديدة فقد سبقتها في الشهور الأخيرة تصريحات شبيهه للوزير بينت، حيث طالب بالتخلص من فكرة حل الدولتين وبفرض السيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتوحيد "ارض إسرائيل" بحسب قوله. وقد صعّد بينت نبرته داعيا إلى العنف من خلال قوله، "انه يجب التضحية بالنفس من اجل ارض إسرائيل". كان ذلك في مؤتمر عقد في القدس لإحياء ذكرى أحد رموز الاستيطان- عضو الكنيست السابق وأحد مؤسسي حركة غوش إيمونيم حنان بورات. في المؤتمر المذكور، وجّه بينت نقدا إلى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو على خلفية قرار المحكمة العليا الإسرائيلية إخلاء مستوطنة عمونا، التي تعتبرها الأوساط الحاكمة في إسرائيل مستوطنة غير شرعية، بحيث يتم تنفيذ القرار حتى الخامس والعشرين من شهر كانون الأول 2016. (هآرتس 6.10.2016) وأضاف بينت: "فيما يخص ارض إسرائيل علينا الانتقال من الكبح إلى الحسم" وقال أيضًا " يجب علينا أن نشير باتجاه الحلم.... والحلم هو أنه يجب أن تكون يهودا والسامرة (بحسب قوله) جزءًا لا يتجزأ من السيادة، يجب علينا أن نعمل اليوم، وان نضحي بأنفسنا، لا نستطيع أن نستمر بالإشارة إلى ارض إسرائيل كهدف تكتيكي والى دولة فلسطين "كهدف استراتيجي". وقد هاجم بينت رئيس الحكومة لأنه يدعم حل الدولتين، كما هاجم المحكمة العليا. واستشهد بأقوال حنان بورات، الذي قال:" ليس لنا حق بتقسيم البلاد، لا بالأقوال ولا بالأفعال، لا للسياسيين ولا للحقوقيين. طريق التنازل والتقسيم جلبت الخسارة"، وتابع بنيت " الذين لا يرون الاستيطان في ارض إسرائيل بعين الرضى تنازلوا عن قلب شعب إسرائيل...ويحاولون تجاوز إرادة الشعب بآليات قانونية". ( هآرتس 25.12.2016) وفي هذا السياق، صادقت الكنيست الإسرائيلية مؤخرا على مشروع قانون "التسوية" بالقراءة التمهيدية، رغم معارضة المستشار القانوني للحكومة. ويهدف هذا القانون المقترح إلى شرعنة سلب الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية من أصحابها الأصليين، وتبييض المستوطنات غير الشرعية التي بنيت عليها. وهنا يجب أن نشير إلى أن القانون المقترح لا يكتفي بالمس بحقوق الملكية للفلسطينيين على أراضيهم بل يحاول تجاوز محكمة العدل العليا في إسرائيل، وهي التي كانت في قراراتها التي شكلت سابقة قضائية يُقاس عليها في موضوع عدم السماح بإقامة المستوطنات اليهودية على أراضي خاصة لمالكين فلسطينيين. ومن الجدير بالذكر أن القانون يحوي بندًا يمكن من تطبيق القانون بأثر رجعي على مستوطنة عمونا، الأمر الذي يضرب قرار المحكمة العليا بإخلاء المستوطنة بعرض الحائط (إلا أن هذا البند ما زال موضع خلاف وجدل بين أحزاب الائتلاف). كذلك يمس القانون المقترح بأسس القانون الدستوري المحلي (ما دفع المستشار القانوني إلى معارضته) ويتعارض أيضا مع القانون الدولي والمعاهدات الدولية التي تمنع الاحتلال من البناء ونقل السكان إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويفيد خضوع الحكومة في هذه المرة أيضا لإرادة المستوطنين برئاسة رئيس "البيت اليهودي" نفتالي بينت، بأن العقلية الاستيطانية –الاستعمارية هي المسيطرة على المشهد الإسرائيلي بمجمل تجلياته- السياسية والثقافية والقانونية والاقتصادية الخ؛ وبأن الحكومة مؤهلة وجاهزة لتجاوز كل الخطوط الحمر من اجل تكريس الاستيطان، وهو الأمر الذي يدق المسمار الأخير في نعش فكرة حل الدولتين من جانب ويرسخ ملامح نظام الفصل العنصري واغتصاب الأرض وسلبها من جانب آخر. لم تأت هذه التصريحات والمسلكيات من فراغ بل أن هنالك العديد من مراكز الأبحاث والمؤسسات والمنظرين في اليمين الإسرائيلي الذين يكتبون ويجادلون وينظرون لهذه التوجهات منذ فترة طويلة، ومن بين هؤلاء الكاتبة كارولين جليك التي سنستعرض هنا كتابها: الضم الآن: حل الدولة الواحدة من أجل السلام في الشرق الأوسط، الذي صدر باللغة العبرية في 2015، وكان قد صدر قبل ذلك باللغة الإنجليزية في 2014. قبل استعراض الكتاب على مجمل فصوله، واستعراض الأفكار والطروحات المركزية التي يطرحها، ومن ثم مناقشتها ونقدها والتعقيب عليها، من الأهمية بمكان التعريف بالكاتبة وخصوصا أنها غير معروفة جيدا للقارئ العربي والفلسطيني. كارولين جليك من مواليد عام 1969 ولدت في شيكاغو في الولايات المتحدة، درست العلوم السياسية في جامعة كولومبيا في نيويورك، هاجرت إلى إسرائيل عام 1991، وانضمت إلى الجيش الإسرائيلي وعملت كضابطة في النيابة العسكرية. عملت جليك أيضا في الإدارة المدنية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بين السنوات 1994-1996، وعُينت كمركزة للمفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية للشؤون المدنية ومن ثم كعضو ثابت في طاقم المفاوضات الإسرائيلي في تلك السنوات. بعد ذلك عملت مساعدة للمستشار للشؤون السياسية في مكتب رئيس الحكومة نتنياهو. بين الأعوام 1998-2000 درست للقب الثاني في موضوعي السياسات والأمن الدولي في جامعة هارفارد في بوسطن. بعد ذلك عملت كمراسلة وصحفية لعدد من الصحف الأمريكية والإسرائيلية في مواقع مختلفة في العالم بما فيها العراق. تعمل الآن محررة مرموقة في جريدة "جيروساليم بوست" وباحثة زميلة في المركز لسياسات الأمن في واشنطن وقد ساهمت في إقامة موقع أنترنيت يميني باسم (لطمة) يعمل على نقد الصحافة وخصوصا صحافة المركز واليسار. يحتوي الكتاب على مقدمة طويلة وثلاثة أقسام (يحتوي كل منها على عدة فصول ) وملحق بقائمة المراجع.. نقطة انطلاق الكاتبة في مقدمتها هو الجزم بأن حل الدولتين والعملية السياسية قد فشلا وان المجتمع الإسرائيلي منقسم حول ما يجب عمله. ُوتتهم الكاتبة الشعب الفلسطيني ومؤسساته وممثليه بتحمل مسؤولية الفشل وتبرئ إسرائيل من أي مسؤولية في هذا الصدد كما سنشرح لاحقا. تعتبر الكاتبة أن مؤيدي العملية السياسية في المجتمع اليهودي الإسرائيلي ينقسمون إلى قسمين، القسم الأول ساسة يعملون على إخفاء معارضتهم المتطرفة للرموز الصهيونية بواسطة تعريف مجدد للصهيونية وتغيير مضامين الفكر الصهيوني بحيث يصبح مناقضا للفكر الصهيوني الكلاسيكي ويمس بجوهره؛ والمجموعة الأخرى تتألف من ناشطين يساريين يعملون من قبل الاتحاد الأوروبي من اجل تقويض المكانة الدولية لإسرائيل بواسطة تقطيع أواصر العلاقات مع حليفاتها. وتقول الكاتبة: "أما القيادة من الجهة الأخرى للخارطة السياسية الإسرائيلية- من اليمين، متمثلة بالليكود، فهي تفتقد إلى استراتيجية واضحة"، وتكرر كيف يصف حزب الليكود من رئيس الحكومة حتى اصغر المنتسبين للحزب الواقع: " لا يوجد سلام، لا يوجد استقرار لان السلطة الفلسطينية وحماس لا تقبلان بوجود إسرائيل بغض النظر ما هي حدودها، وما زال الوضع هكذا، ولم يتغير فلن تقوم دولة فلسطينية، لان جارة معادية سوف تشكل خطر على إسرائيل". وتضيف الكاتبة أن الليكود غير مستعد لتبني سياسات مختلفة، وما زال، حسب زعمها، ملتزم بالعملية التي فشلت وبالمنطلقات الكاذبة لهذه العملية التي اتضحت قبل أكثر من 15 عاما". وتتابع الكاتبة أنه قد بدأت تُسمع أصوات أخرى في اليمين؛ قيادات شابه في الليكود مثل جلعاد أردان، يريف لفين، زئيب الكين، تسيفي حوطوبيلي، موشيه فيجلين، وداني دنون، والى جانبهم حزب البيت اليهودي برئاسة نفتالي بينت ...هؤلاء الساسة هم نواة معسكر سياسي جديد يدعو إلى فرض القانون والسيادة الإسرائيلية على مجمل أو على جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة". وتّدعم الكاتبة هذا التوجّه، الذي تدعمه هي أيضًا، باستطلاعات الرأي العام في إسرائيل التي من خلالها تبدي أغلبية كبيرة من الإسرائيليين معارضتها للانسحاب من القدس والأغوار ومن حدود وقف إطلاق النار لعام 1949. الفكرة المركزية التي تقترحها الكاتبة هي فرض القانون والسيادة الإسرائيليين على الأراضي الفلسطينية المحتلة (ما تسميه خطة الاحتواء)، على اثر فشل حل الدولتين وانهيار المفاوضات وفشل مقولة" الأرض مقابل السلام". يجري القسم الأول من الكتاب تحليلا شاملا لحل الدولتين والأسباب التي أدت إلى فشله. ومن خلال القسم الثاني تستعرض الكاتبة بشكل مفصل ما تسميه ب" خطة الاحتواء". أما القسم الثالث فيتعاطى مع إبعاد وتبعات "خطة الاحتواء" والمخاوف المنوطة بذلك. جليج تقول بصريح العبارة بأن الشعب الفلسطيني هو مزيج من اللاسامية والجهادية، وأن منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية سواء. وأنهما كانتا وما زالتا منظمتين ومؤسستين ارهابيتين، تهندسان وتشكلان وكيلين للإرهاب الحديث. وتعتبر الكاتبة أن الشعب الفلسطيني شعب "اخترع" من قبل الحاج أمين الحسيني عام 1920(وتصف الحاج آمين الحسيني باللاسامي والمتعاون مع النازيين)، وانه "لم يطرأ أي تغيير على هذا الشعب على مدار السنوات". وتضيف الكاتبة، بوقاحة وعدم موضوعية، أن "الشعب الفلسطيني لم يبن هوية قومية أبدا، عدا عن رفضه ومعارضته لهوية وحقوق الشعب اليهودي". إضافة إلى ذلك، تدعي جليك بأنه ومنذ الانتداب البريطاني وحتى الآن تعمل الحركة الفلسطينية وبشكل مكثف على تخريب وتدمير الدولة اليهودية أكثر بكثير مما تعمل على إنشاء دولة فلسطينية. لذلك، لا يوجد في الجانب الفلسطيني من يمكن التحدث إليه حول "تقسيم البلاد" من اجل الوصول إلى حل الدولتين لأن الفلسطينيين لن يتنازلوا أبدا عن طموحهم بإبادة اليهود ومحو وجود دولة إسرائيل. وتستمر بقولها" أن هذا ما حدث مع عرفات وهذا ما يحدث مع أبو مازن (الذي تصفه بأنه المعتدل المودود من قبل واشنطن واليسار الإسرائيلي، وأنه اثبت على طوال فترة حكمه بأنه وريث كل من الحاج أمين الحسيني وياسر عرفات). تعتقد مؤلفة الكتاب، بأن حل الدولتين وهم (لدى كل من اليسار الإسرائيلي والأمريكان والعالم)، وفي أسوأ الأحوال فأنه (جزء من خطة المراحل لتحرير فلسطين التي بلورتها ووضعتها منظمة التحرير الفلسطينية)، وتؤكد بأن حركتي فتح وحماس متحدتان في رغبتهما لتدمير إسرائيل، والحركتان مرتبطتان مع إيران، الإخوان المسلمين والسعودية. إن ما تقترحه جليك للخروج من هذا الوضع الصعب هو، في نهاية المطاف، منح الفلسطينيين هوية إسرائيلية في إطار الدولة اليهودية. ففي إطار ما تسميه (خطة الاحتواء)، تطالب جليك بفرض القانون الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة ودمج الأراضي الفلسطينية وسكانها مع إسرائيل (الخطة لا تشمل قطاع غزة). تقول الكاتبة وبأسلوب ساخر بأنه في حال ضم الضفة وفرض السيادة، بحسب ما تقترحه، سوف يوضع حد للمعاناة والإجحاف الذي يعاني منه الفلسطينيون من حكم السلطة الفلسطينية وسيصبحون مقيمين دائمين في إسرائيل مع إمكانية الحصول على جنسية إسرائيلية. وفي هذه الوضعية سيجد الفلسطينيون أنفسهم يعيشون في دولة ديمقراطية ليبرالية تحمي حقوقهم الفردية"، ومن المثير، أنه رغم إتاحة الفرصة للفلسطينيين بالحصول على جنسية تبقي إمكانية رفض طلبات التجنس بأيدي السلطات الإسرائيلية. وتشدد على أن من "كانوا في الماضي أو هم في الحاضر أعضاء في منظمات "إرهابية أو ضلعوا في الماضي أو ما زالوا ضالعين في الحاضر في العنف فلن يحصلوا على جنسية" تدافع جليك عن مشروعها بشدة وتعرضه على انه المشروع الواقعي الوحيد: الفلسطينيون سوف يحصلون على حقوق فردية وليس جماعية، وسوف يكون لهم حق في السفر والعيش في كل مكان يريدونه في البلاد كما يحق لليهود السكن في كل مكان في فلسطين التاريخية، وسوف تلغى كل" التقييدات التي تمنع بيع أملاك وأراضي لليهود". " كمواطنين دائمين سوف يتمتع الفلسطينيون من اللحظة الأولى بالحق بالمشاركة بالانتخابات للسلطات المحلية، ويتمكن المواطنون الذين سيحصلون على الجنسية من المشاركة في الانتخابات للكنيست...وسوف يفتح امامهم كل من جهاز التربية الإسرائيلي والاقتصاد الإسرائيلي. وبحسب الخطة التي تقترحها جليك سوف ينتهي الحكم العسكري على أراضي الضفة الغربية كما حدث مع الجولان المحتل عام 1981 عندما قررت إسرائيل ضم الجولان وفرض السيادة عليه. كما أن السلطة الفلسطينية ستُحل، وتُحل كل القوى الأمنية التابعة لها وتنتقل المسؤولية إلى كل من الجيش والشرطة الإسرائيليين. وسوف تتوقف منظمة التحرير عن تمثيل الفلسطينيين في الضفة الغربية. لا تبدي جليك، بخلاف الكثيرين في اليسار، أي تخوف مما يسمى "بالتهديد الديموغرافي" ولا تعتقد انه يوجد "قنبلة ديموغرافية موقوتة" متمثلة في الفلسطينيين. وتقول بأن الازدياد السكاني يعمل لصالح إسرائيل، وتحاول نقض ورفض وتكذيب كل معطيات دائرة الإحصاء الفلسطينية من عام 1997. بناءً على ما سبق ذكره، تنتقد جليك كل السياسيين الإسرائيليين الذين يقولون بأن إسرائيل تقف أمام معضلة وعليها الاختيار بين أن تكون يهودية أو ديمقراطية. وتعزز جليك طرحها بثلاث حالات نفذتها إسرائيل في السابق، مثل ضم القدس (1967 وعام 1980) وضم الجولان 1981 وردود الأفعال على ذلك. يشكل هذا الكتاب فرصة جيدة للتعرف عن قرب وبصورة واضحة على كيفية تفكير وعمل ساسة اليمين وعلى اللغة القانونية والسياسية التي يستخدمها كل من الدبلوماسيين والحقوقيين الإسرائيليين واليهود، من اجل تجهيز الأرضية ووضع الأسس لضم الضفة. فعلى سبيل المثال يرددون كثيرا" انه بحسب القانون الدولي إسرائيل هي صاحبة السيادة القانونية بالضفة". كما أن الكثير مما يقولونه يقوله رئيس الحكومة نتنياهو ومقربيه:" الشعب اليهودي هو الشعب الأصلاني في ارض إسرائيل، جيران إسرائيل العرب والمسلمين يرفضون قبول هذه الحقيقية، وان العرب والمسلمين يعانون من حالة مرضية ليس لها أي علاقة بإسرائيل وأفعالها، وهي حالة صعبة وغير بسيطة، وان أمراض العالم العربي هي السبب لعدم استقراره، وان العنف والتطرف يجتاحان العالم العربي ويجعلان الشرق الأوسط مكان خطر. وفي معرض حديثها، حول تبعات الخطة المقترحة، تقول جليك بأنه يتوقع من الفلسطينيين "رد فعل إرهابي لمرة واحدة". كما أنها توجه نقدا شديدا لأوروبا "اللاسامية"( بعد حرب 1973 ومقاطعة إسرائيل نتيجة قرار منظمة اوبيك) وتنقد روسيا وسياسات أمريكا الخارجية لا سيّما إبّان فترة حكم باراك أوباما وتجري تشريحا وتفسيرا موسعا لخطاب القاهرة الذي ألقاه أوباما في بداية مرحلة ولايته، وتتهم السياسة الأمريكية الخارجية بأنها أخفقت في استشراف ما يدور في العالم العربي من نواحي اجتماعية واقتصادية وثقافية، ولم تتوقع اندلاع الثورات العربية. كما تنتقد الولايات المتحدة على تمسكها بمقولة أن عدم استقرار الشرق الأوسط هو عدم وجود دولة فلسطينية، الشيء الذي منع من إسرائيل حقها بالدفاع عن نفسها. بالرغم من أننا نتفق مع المؤلفة بان حل الدولتين بات غير ممكن التحقيق في هذه المرحلة، إلا إننا نختلف معها بشكل كامل حول الأسباب التي أدت إلى ذلك، وحول مسؤولية إسرائيل وقادتها وسياستها في إجهاض العملية السياسية وفي الاستمرار في الاستيطان وعدم بلورة أي أفق سياسي من الممكن أن يكون مقبولا على الفلسطينيين، فعلى العكس مم تدعيه الكاتبة، نهج الطرف الإسرائيلي سياسة بناء الفشل وإدارة الصراع بدلا عن إيجاد حل للصراع. تستخدم الكاتبة المعطيات بشكل مخطوء ومغلوط، وتنتقي الحقائق بشكل غير موضوعي من اجل تعزيز ادعاءاتها وطروحاتها التي لا تستند إلى أسس متينة. تحمل جليك إيديولوجية سياسية عنصرية واستعلائية وتروج لأفكار اليمين الاستيطاني بشكل ديماغوجي، فهي تريد أن يتنازل الشعب الفلسطيني عن مجمل حقوقه وان يسلّم بدونيته في إطار الدولة اليهودية، وتود أن يتمأسس نظام عنصري بامتياز. والاهم من ذلك، فالكاتبة تقدم ادعاءات متناقضة لا يمكن التوفيق بينها، فمن ناحية تصف الفلسطينيين بالأعداء و"الارهابين" الذين لا يمكن العيش معهم فهم يريدون تدمير إسرائيل، ومن جانب آخر تريد أن يعيش الجميع في إطار دولة يهودية غير ملتزمة بالمساواة. تخرج الكاتبة من نقطة انطلاق مفادها أن وضع العرب الفلسطينيين في إسرائيل و سكان القدس و هضبة الجولان جيد ويجب محاكاة هذه الحالة، وهذا دليل على جهل وعدم معرفة عميقة لما يدور ولأسباب الصراع وتحولاته. وتعجز جليك عن عرض رؤية شاملة وحلول قابلة للتنفيذ. أضف إلى ذلك، أن الكاتبة تنكر وجود شعب فلسطيني له طموحاته وتطلعاته، يسعى على امتداد قرن، دون تعب وبمثابرة، من اجل تحقيق حقوقه. ومما لا شك فيه، أن الكاتبة التي تشيطن الفلسطينيين والعرب والمسلمين لا تذكر عنف الدولة ولا الأعمال العنصرية التي يقوم بها العنصريون المتطرفون اليهود ضد الشعب الفلسطيني، وان أول من قام بمجزرة في الخليل هو باروخ جولدشتاين وان العمليات الفلسطينية التي حدثت في المدن الإسرائيلية بعد ذلك كانت رد فعل على ذلك.

يشار إلى أن المقال نشر في العدد الأخير 65 من مجلة قضايا إسرائيلية

الكاتب هو محام حاصل على اللقب الثاني في الحقوق من جامعة بار أيلان واللقب الثاني في العلوم السياسية من جامعة حيفا.










Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت