X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أراء حرة
اضف تعقيب
13/02/2017 - 09:40:17 am
جريمة ضد حرية التعبير في رام الله د. فيحاء عبد الهادي

مساحة للحوار

جريمة ضد حرية التعبير في رام الله

د. فيحاء عبد الهادي

2017-02-12

"القوانين حين تشتد في مصادرة حرية الرأي؛ لا تحمي الفضيلة وإنما تحمي الرذيلة، وتخلي بينها وبين النفوس".

طه حسين

جاءت مصادرة النائب العام لكتاب: جريمة في رام الله، وسحبه من المكتبات والمحلات ونقاط البيع، وإرسال مذكرة إحضار للمؤلف والناشر والموزِّع؛ لتطرح تساؤلاً كبيراً حول المساحة التي تحتلها حرية الرأي والتعبير في فلسطين؟ ورد في مسوِّغات مصادرة الكتاب: "أن القرار جاء استناداً للتحقيقات التي تجريها النيابة العامة بخصوص الرواية المذكورة، والتي وردت فيها نصوص ومصطلحات مخلة بالحياء، والأخلاق، والآداب العامة، والتي من شأنها المساس بالمواطن، ولا سيّما القصّر والأطفال، حماية لهم ووقاية من الانحراف. وأكَّدت النيابة العامة أن هذا القرار لا يتنافى مع حرية الرأي والتعبير المكفولة بموجب القانون، والتي توجب الالتزام بالمبادئ والقيم الأخلاقية في إطار ممارسة حرية الرأي والتعبير". هذه الفقرة تبيِّن أن النائب العام قد صنَّف الكتاب على أنه رواية، ما يعني أنه أصدر حكماً أدبياً عليه، ثم أصدر حكماً أخلاقياً، وبعدها حكماً قانونياً، ووصف هذا الحكم بأنه انتصار للمواطن، وخاصة الأطفال. وهنا يبرز سؤال محدَّد: ما دام النائب العام قد سلَّم بأن الكتاب ينتمي إلى جنس أدبي بعينه، وهو الرواية، لماذا لم يحوِّل الكتاب إلى جهة اختصاص، مثل وزارة الثقافة، أو اتحاد الكتاب، قبل أن يصدر حكمه على الكاتب والكتاب؟ وهل قرار منع الكتاب ومصادرته، ومذكرة الإحضار للكاتب والموزِّع والناشر، إجراء ينتصر للمواطن؟ وخاصة للطفل؟ وهل ينسجم مع حرية الرأي والتعبير، المكفولة بموجب القانون الفلسطيني، وبموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يؤكِّد على حق الإنسان المطلق، في اعتناق الأفكار دون مضايقة؟ ***** أعاد البيان الذي أصدره النائب العام إلى الأذهان، التبريرات التي قيلت حين تمّ إعدام كتاب "قول يا طير"، وسحبه من المكتبات، عام 2006، حيث تمَّ الاستشهاد بألفاظ اجتُزئت وأخرجت من سياقها، كحجة لتبرير مصادرة الكتاب ومنع تداوله وإعدامه، مع التأكيد على أن الهدف هو الحفاظ على أخلاق الأطفال وطلبة المدارس. ***** كيف يمكن أن نحافظ حقيقة على أخلاق الأطفال؟ وكيف نقيهم من الانحراف؟ كيف يمكن تربية جيل واع، قادر على التمييز بين الخطأ والصواب، وقادر على اتخاذ موقف نقدي مما يرى، وما يسمع، وما يقرأ؟ هل نغلق أمامه أبواب الدنيا الواسعة الرحبة، أم نفتح له طرق المعرفة المتنوعة الخصبة؛ ليكون قادراً على الاختيار، وقادراً على تمييز الغث من السمين؟! وإذا أغلقنا أمامه الأبواب والنوافذ، وحصرناه في حدود ما نختار له؛ فهل نستطيع إغلاق الإمكانات الواسعة التي تتيحها وسائل الاتصال الحديثة؟ يولد الطفل ميالاً للتساؤل، وميالاً للاكتشاف، ولخوض مغامرته بنفسه. وحين يبالغ الأهل، أو المدرسة، أو المجتمع، بفرض القيود عليه، ويحاصر ويخنق بنظام تربوي أبوي؛ يكون أمامه أمران: إما التمرّد الكلي، أو الامتثال الكلي. وبهذه الطريقة؛ نقود الطفل بأنفسنا إلى الانحراف، أو إلى الاستكانة. وكلاهما لا يبني طفلاً واثق النفس، وجسوراً، ومنفتحاً، ومجدداً، وقابلاً للآخر، ورافضاً للرؤية الواحدة، وقادراً على الحب والتسامح والتعاون والبناء، وعلى اتخاذ قرار مستقل. ***** وإذا كانت حرية التعبير عن الرأي حقا أساسيا من حقوق الإنسان، في أية دولة تتبنى دستوراً ديمقراطياً؛ يجدر بنا التساؤل، حول مدى احترام حقوق الإنسان كافة، ومدى الالتزام بأسس الديمقراطية، في دولة فلسطين، خاصة بعد توقيعها على الاتفاقيات الدولية، وما تعهدت به على صعيد إنفاذ هذه الاتفاقيات "على المستوى التشريعي والسياساتي، وفي الممارسة العملية". بعد توثيق ما يحدث على أرض الواقع؛ أكَّدت هيئات حقوق الإنسان في فلسطين، أن هناك تراجعاً كبيراً في حقوق الإنسان، وتراجعاً خطيراً في الحريات العامة، و"تحديداً بعد الانضمام للاتفاقيات الدولية، بدون تحفظات"؛ ما يطرح علامة استفهام كبيرة حول مدى القناعة بجدوى الانضمام، وحول عمق الإيمان بحقوق الإنسان، وبالديمقراطية. رصدت الهيئة المستقلة، ومجلس منظمات حقوق الإنسان، انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، في ملفات عديدة، منها: ملف حرية الرأي والتعبير، والإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، وحالات الاحتجاز التعسفي، وحالات التعذيب، ومذكرات الإحضار غير القانونية لبعض النواب، والتضييق على المنظمات الأهلية، والشركات غير الربحية. كما رصدت غياب المشاركة المجتمعية، والشفافية، التي هي أساس في العمل الديمقراطي، والتي تتمثل في إقرار قوانين لا يتم إشراك المجتمع بنقاشها، والتي تخالف القانون الأساسي المعدَّل، والمعايير الدولية ذات الصلة، مثل قانون المجلس الأعلى للإعلام، ومشروع قانون الإعلام الإلكتروني، وقانون الضمان الاجتماعي، وقانون الشرطة؛ الأمر الذي ينذر بالعودة إلى الوراء، وبتراجع أكبر لسيادة القانون ولدولة المؤسسات. ***** لم يشدّني كتاب "رام الله الشقراء"، ولم أستطع تصنيفه كرواية، بسبب هشاشة البناء الفني، الذي لا تكتسب الرواية اسمها دون تحققه. ولم أقرأ بعد كتاب "جريمة في رام الله"؛ ولكني أدافع عن حق الكاتب "عباد يحيي" في التعبير، وفي الكتابة، وأدافع عن حقي في التعبير عن رأيي النقدي في مضمون الكتاب، وأسلوب الكتابة.

[email protected] www.faihaab.com










Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت