X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أراء حرة
اضف تعقيب
11/03/2017 - 01:52:57 am
المحامي علي حيدر -انطباعات سريعة حول مهرجان النحت على الصخور في عبلين

انطباعات سريعة حول مهرجان النحت على الصخور في عبلين

بقلم المحامي علي حيدر

في تلة زعيطة؛ إحدى شرفات عبلين؛ المطلة على الحقول والتلال والجبال والوديان والبلدات المجاورة؛ هناك حيث تلامس الروح أزهار الربيع وحيث ُيحَفز العقل على التأمل والتفكر، يجري في هذه الأيام المهرجان الدولي للنحت على الصخور بمشاركة مجموعة من الفنانين والنحاتين والمبدعين العرب والأجانب من البلاد والخارج. لقد زرت اليوم عزبة الفنان عبد الحكيم خليفة وتجولت في أرض المهرجان؛ ورأيت ورشات العمل وصالات العرض وتمكنت من التمتع بالطبيعة والرسومات التي أبدعتها ريشة وألوان وخيال رسامين مبدعين شكلت الطبيعة مصدر حي لإلهامهم وتحفيزهم؛ كما أستمتعت بالحوار مع عدد من النحاتين الكبار؛ الذين شاهدتهم يستعملون المطرقة والأزميل وبعض الأدوات الكهربائية من أجل الكشف عن العمل الفني المخبئ والمطمور داخل حجر الصخر القاسي الذي يعمل كل منهم على نحته. رأيتهم يبذلون جهدا فكريا وجسديا لترجمة ما قد رسموه وخططوه في مخيلاتهم إلى مجسدات ثلاثية الأبعاد؛ تحمل رسالة ومعنى ومقولة؛ ولكل واحد منهم عالمه وموضوعة وخلفيته وأسلوبه ورسالته. ولكن عند دخولي للعزبة بدأ عبد الحكيم يلفت انتباهي إلى المواقع والرسومات التي ُحفر أو نُحت أو رُسم عليها حرف النون؛ قائلا لي: "إن هذا الحرف هو الخامس والعشرون في أبجدية اللغة العربية" وذكرني بأن قيمته في حساب الجمل 50 وقال لي: "إن في الأمر سرا؛ تمكن من الوصول إليه"؛ طبعا في الحال تداعت إلى ذهني الآية الكريمة(نون، والقلم وما يسطرون)؛ ومن ثم سورة الرحمان المليئة بحرف النون؛ وبعدها تداعي إلى فكري الفيلسوف والشيخ الأكبر محيي الدين ابن عربي ؛ الذي أسهم في شرح معاني حرف النون في الاصطلاح الصوفي فيقول: النون: هو شأن الحق، أنزله الله تعالى من النَفَس إلى النَفْس في الميزان. ويقول: « النون: سر عظيم، هو باب الجود والرحمة ». ويقول: « النون: الدواة، والنون الحوت، والنون الحرف، تنـزل في هذا الحجاب إلى أرضه وسمائه وحدوده، فأظهر نور الله فطرته في حدوده وأظهر نفس الله خلقته في سمائه، وأظهر نفس الرحمن رحمته في أرضه » ويقول: "النون: عالم الإجمال".

كما تداعت إلى فكري قصيدة الشاعر محمود درويش" كالنون في سورة الرحمان" والتي يقول فيها:

في غابة الزيتون، شَرْقَ

الينابيع انطوى جَدِّي على ظلِّهِ

المهجور. لم يَنْبُتْ على ظلَّهِ

عُشْبٌ خرافيُّ،

ولا غيمةُ اللَيْلَكِ

سالَتْ داخل المشهدْ

الأرضُ مثل الثوب منسوجةٌ

بإبرة السُمَّاق في حُلْمِهِ

المكسور... جدّي هَبَّ من نومِهِ

كي يجمَعَ الأعشابَ من كرمِهِ

المطمور تحت الشارع الأَسودْ ...

عَلَّمني القرآنَ في دوحة الريحانِ

شَرْقَ البئر،

من آدمٍ جئنا ومن حوَّاءَ

في جنة النسيانِ.

يا جدِّي! أَنا آخر الأحياء

في الصحراء، فلنصعدْ!

البحرُ والصحراءُ حول اسمِهِ

العاري من الحُرَّاسِ

لم يعرفا جدّي ولا أَبناءَهُ

الواقفين الآن حول "النون"

في سورة "الرحمن"،

اللهم... فلتشهَدْ!

أَمَّا هُوَ المولود من نفسِهِ

الموءودُ، قرب النار،

في نفسه،

فليَمْنَحِ العنقاءَ من سرِّهِ

المحروق ما تحتاجُهُ بعده

كي تُشْعِلَ الأضواءَ في المَعْبَدْ

في غابة الزيتون، شَرْقَ الينابيعِ

انطوى جدِّي على ظلِّه

المهجور. لم تُشْرق على ظلِّه

شمسٌ. ولم يهبط على ظلِّه

ظلٌ، وجدِّي

دائماً، أَبعدْ...

بعد ذلك؛ وخلال تجوالي بين الفنانين؛ رأيت رساما يرسم مشهدا أمامه( يرسم نحاتا ينحت جذع شجرة زيتون وبجوارها "شوال" زيتون)؛ فسألت نفسي ما الفرق بين رسام يجلس بهدوء حاملا ريشته ومزودا بألوانه يعمل بدقه وأناة وبين النحاتين الذين يصارعون الصخر ويطرقون بالأزميل والمقصات الكهربائية محدثين ضجة كبيرة وغبارا كثيفا؟ ما هو أصل العمل الفني؟(مارتين هايدخر)؛ وما هو الفن؟ ولماذا النحت؟ وهل يضع النحات خطة قبل أن يشرع في العمل؛ أم يترك لمشاعره وأحاسيسه أن تُؤثر على تشكل المجسم. وكيف ينتج الفن حركية وفاعلية مستمرين ( رسام يرسم نحاتا يعمل!). وكان يمكن لمصور أن يستمر في متوالية الإبداع( مصورا يصور رساما يرسم نحاتا ينحت صخرة !) ومن ثم كاتبا أو شاعرا يدون انطباعاته ( كاتبا يوثق مصورا يصور رساما يرسم نحاتا..الخ). كما خطر ببالي سؤال الفرق في النحت بين الشرق والغرب؛ وموقف الديانات السماوية المختلفة من مسألة التجسيم والتجسيد؟ وتداعت إلى مخيلتي مجسمات ابن رشد والمعري وابن سينا والفارابي وصلاح الدين والرمبام في الأندلس وبغداد ودمشق وحيفا وأماكن أخرى الخ. ما من شك بأن مفاهيم الزمان والمكان والسياق لها أثر كبير في المنحوتات وتشكلها وكيفية النظر وكيفية التعامل معها. ومن ثم فإن سياقات معينه قد تؤسس لإنتاج رموز لحضارة وفكر وإبداع ونهضة وسياقات أخرى قد ُتدمر وتسرق وتنهب وتهمل هذه الرموز . وسؤال آخر ضروري هو في أي الظروف ُتحترم حريات الفكر والإبداع والتعبير وفي أي الأماكن قد تمس هذه الحريات. وفي أي الظروف قد يكون الديكتاتور والمستبد مهيمنا على العمل الفني( قد ُيمجد وفي حالات الثورة ضده قد يسقط هو وتمثاله ورموزه). في زعيطة وجدت غابة الزيتون وحرف النون والأرض والإنسان وأصل الحكاية والأثر والصخر المنحوت والأجداد المارين والأبناء العارفين والصبار والبرقوق وأشعة الشمس واللغة. كلنا توق لرؤية الأعمال بعد ولادتها. تحياتي لكل الأخوة والأخوات القائمين على هذا العمل الهام.










Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت