تواصل معنا عبر الفيسبوك | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
ما أشبه اليوم بالأمس
في قضية التفريط وبيع الأوقاف المسيحية الأرثوذكسية
بقلم الأستاذ عماد زيدان – عبلين
الأمس:
قبل 70 سنة تقريبا (وبالتحديد كانون الثاني 1948) شاب من عبلين يتعلم في دار المعلمين في مدينة يافا الفلسطينية، عروس فلسطين، ومركزا سياسيا وثقافيا، وفيها حراكا دائما ربما الأكثر في فلسطين.
الشاب هو استاذنا المرحوم الشاعر جورج نجيب خليل، وعرفناه دائما غيورا على بلده وشعبه وعلى أوقاف كنيسته، يوجه رسالة لأحدى المجلات الفلسطينية الأرثوذكسية الصادرة في فلسطين آنذاك، وفيها يثير بعض النقاط التي تتعلق بطائفة الروم الأرثوذكس في فلسطين، ومنها قضية استبداد البطريرك الأرثوذكسي اليوناني بأموال الأوقاف واستعمالها لمنافعه الشخصية، والتفريط بها وعدم استفادة أبناء الرعية الارثوذكسية ولو بجنيها فلسطينيا واحدا مما تدره هذه الأوقاف.
واليوم:
ما تتعرض له الأوقاف العربية الأرثوذكسية من بيع وتفريط بعمليات مشبوهة مع أطراف مشبوهة، من قبل البطريرك الغير مستحق ثيوفيليوس.
فمن خلال تصفحي لأحد المواقع المحلية واسمه " جرائد "، وفيه استعراض للصحف الفلسطينية الصادرة زمن العثمانيين وزمن الانتداب البريطاني، وقد بذل القائمون عليه جهدا كبيرا بتجميع أكبر عدد ممكن من الصحف والمجلات والمنشورات التي كانت تصدر في فلسطين قبل النكبة، وكانت عديدة ومتنوعة في مجلات عدة، سياسية واجتماعية واقتصادية ودينية، وهذا يدل على نشاط وحيوية وحراك في الحياة الثقافية والسياسية في فلسطين وربما يفوق أعداد الصحف العربية الفلسطينية (بدون مبالغة) التي تصدر اليوم.
عثرت على احدى هذه المجلات وكانت تدعى "المنبر" وهي مجلة اتحاد الأندية الأورثوذكسية العربية وكانت تصدر في مدينة القدس ,وهي مجلة اجتماعية اقتصادية وأدبية غير حزبية، كانت تسعى إلى تحقيق هدفين مركزيّين. الأول، تغطية قضايا الطائفة الأرثوذكسية العربية؛ والثاني ,المساهمة في التوجيه الوطني،
وقد راسل استاذنا المرحوم جورج نجيب خليل هذه المجلة وطلب من المحرر نشر رسالته وان يعيرها اهتماما، لانه تعرض فيها لعدة أمور وقضايا تتعلق بالطائفة الرثوذكسية.وخاصة عدم استفادة أبناء الطائفة الاورثوذكسية من أموال ألأوقاف، بل المستفيد الوحيد هوالبطريرك الأرثوذكسي اليوناني على حد قوله.
عندما قرأت الرسالة اعتقدت أنى أقرا رسالة من ايامنا، أو خبرا يتعلق بأمور قضية التفريط بالأوقاف الأرثوذكسية زمن ثيوفيليوس، لان هذه القضية تشغل بال جميع الغيورين على ألأوقاف وأخبارها تملأ الصحف ومواقع الانترنيت تقريبا كل يوم.
اذن قضية نهب الأوقاف مـتأصلة جدا لدى القيمين على هذه الأوقاف ومتوارثة على مر العصور. ولا يأبه بائعوها والمفرطون بها لقيمتها، ضاربين بعرض الحائط كل الاحتجاجات والانتقادات التي توجه لهم، متناسين أن هذه الأوقاف ليست ملكا شخصيا لهم، بل هي
" أراضي وعقارات قد تبرع بها أبناء الطائفة لكنيستهم وأوقفوها للكنيسة لذلك سميت وقفا "
ولم يتبرعوا بها لهذا البطريرك أو ذاك أو لأية رئاسة روحية مهما كانت.
ومما جاء في رسالة استاذنا العزيز رحمه الله: "ارجو المجلة ان تضاعف الضرب على الوتر الحساس، فتنير أذهان الملة عن إيرادات الأوقاف والأديرة. وأن تفرد لكل دير صفحة تبحث عن نوع الوقف وموضعه وعن ايراداته السنوية الصافية بحيث يطلع الجمهور الأرثوذكسي على مجموع إيرادات الأوقاف والأديرة والأماكن الأخرى المقدسة في فلسطين وشرق الأردن التي يتنعم بها رجال البطريركية الأورشليمية لوحدهم دون أن يفكروا بشقاء ومآسي أفراد الطائفة المعوزين والمتألمين دون أن ينظروا الى احتياجاتهم المالية الماسة لبناء المشاريع العمرانية والتهذيبية كالملاجئ والمدارس والمستشفيات والكنائس ولكي تقف الطائفة أيضا على مبلغ تحجر أكباد هؤلاء اليونانيين الذين أقاموا أنفسهم رعاة علينا ومدى الاجحاف الذي يلحقونه بالملة من جراء عنادهم وغطرستهم وهم ما يزالون يسمون أنفسهم رعاة مسيحيين أرثوذكسيين قيمون على الطائفة الارثوذكسية العربية بفلسطين وشرق الأردن"
أترى نتحدث عن أمور حدثت قبل 70 سنة أو عن أمور تحدث اليوم؟
أترى هل سيستمر ذلك حتى نفقد كل آوقافنا ونقول " كانت لنا أوقافًا"
الا يجب علينا جميعا أن نقف صفا واحدا للحفاظ على ما بقي؟
مصيبتنا الكبرى ان الرئاسات الروحية عند الكثير من الطوائف وليست الارثوذكسية فقط، وليست الارثوذكسية فقط !!!!!هي التي تفرط دائما بالاوقاف وتبيع وتتنازل، بينما الانسان المؤمن البسيط يحافظ على كل شبر من أراضي الوقف، وعلى كل قرش ودرهم من أموال الكنيسة والوقف، لا يمدون أيديهم لهذه الأموال مخافة الله والكنيسة، بل على العكس من ذلك فأنهم يحاولوا بكل ما استطاعوا من زيادة الأوقاف والايرادات لينعم بها أبناء الكنيسة اليوم وللأجيال القادمة.
وكم من قصة في قرانا ومدننا عن أناس بسطاء امتنعوا عن مد اياديهم الى أموال الاوقاف مع انهم كانوا في ضيق وعوز، مخافة الله وضمانا لأخرتهم.
حدثني مرة أحد الشرفاء القيمين على الأوقاف الكنسية في احدى القرى في الجليل، وكان وقتها يشرف هو وعدة شرفاء من أبناء الرعية على بناء كنيسة جديدة في القرية، انه وكل يوم وقبل أن يترك بناية الكنيسة الجديدة مساء، كان يفحص جيوبه مخافة ان يكون قد وقع في جيبه بالخطأ ولو مسمار واحد فيتأكد من خلوها، لأن المسمار في نظره هنا هو مال أوقاف يجب الحفاظ عليه.
وقصة أخرى من قريتي عبلين تدل على مدى محافظة واهتمام الناس البسطاء على مال وأرض الأوقاف فالمسلم يحافظ على الوقف المسيحي والمسيحي يهمه الوقف المسلم.
يروى أن أحد الفلاحين المسلمين من أهلنا في عبلين كان يفلح قطعة أرض تابعة للوقف الارثوذكسي ,وكانت مزروعة بالبندورة وكان الموسم على وشك النهاية, "فحوش" التحويشة الأخيرة كي يجهز الأرض لموسما اخرا, وقد تجمعت لديه كمية لا بأس بها من صناديق البندوة, باع القسم الأكبر منها و"كسدت" لديه بعض الصناديق فلم ينجح بيعها , فتوجه لأحد وكلاء الوقف الأورثوذكسي المسؤول عن أراضي الوقف ,طالبا منه أن يأخذ هذه الصناديق ويتصرف بها بمعرفته . فأجابه وكيل الوقف "يا ابن بلدي مش حرزنات هالصناديق, وزعهن على عيلتك وقرايبينك وألف صحتين وهنا" فانتفض الفلاح من مكانه وأجابه" أعوذ بالله , هذا مال وقف, بخاف مار جريس السلام على اسمه ييجيني بالليل ويحاسبني" . هذا الفلاح المسلم خاف ان يمد يده لمال الوقف المسيحي.
فهل يعتبروا؟؟ فهل يعتبروا؟؟
.