X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أراء حرة
اضف تعقيب
01/04/2019 - 02:12:33 pm
دفاعًا عن المعقول السياسي مرزوق الحلبي

دفاعًا عن المعقول السياسي

مرزوق الحلبي

أقرّ أنني ـ رغم كل ملاحظاتي على أداء المُشتركة والثغرات فيها ـ أردتُ لو أنها بقيت شوطًا آخر. وأقرّ أنني نشطتُ شخصيًا مقابل بعض القيادات لضمان بقائها وأنني تقدّمت من قيادات فيها باقتراحات تفصيلية لضمان ترتيب العلاقات بين مركّباتها وكيفية توسيعها لتشمل قوى إضافية. بل واقترحت فكرة استراتيجية للحملة الانتخابية. ومع هذا فإن موقفي من الانتخابات القريبة غير محصور فيما حصل للمشتركة أو لم يحصل وغير متعلّق أبدا بموقفي من هذا القائد أو ذاك ومن هذا الحزب وذاك الإطار. فخلف كل هذا مجتمع عربي فلسطيني أنتمي إليه يعيش في دولة ذاهبة بوضوح إلى أبرتهايد سأكون، وفق منطقه، بالاحتمال على مرمى بنادق القنّاصة إذا ما تظاهرت على المفارق أو سجينا مع أناس مثلي بتهمة تمّ تلفيقها و"إثباتها" في محكمة صوَرية. وعليْه، فالنقاش ليس بين مُقاطع للانتخابات وبين مُشارك فيها وإنما كيف نتعامل مع انتخابات هذا هو سياقها وشرطها ومآلاتها؟ فالسؤال عن فكّ حبل "المُشتركة" واحد من جملة أسئلة، وكذلك السؤال عن أداء المُشتركة الذي لم يرقَ إلى الحدّ المعقول. ومثله السؤال عن موقفي من الأحزاب العربية مجتمعة على بعضها أو منفصلة والموقف من العقائد الهرِمة. هناك أسئلة تتجاوز الحسابات والمساءلات الداخلية المشروعة. أولّها ـ ما أنا فاعل بحقّ الاقتراع حيال عنصرية قد تتحوّل سريعا إلى فاشية وإلى تطبيقات تتجاوز هدم البيوت إلى ترانسفير أو عزل مكاني أو تقتيل يومي كما على السياج حول غزة؟ هل أستعمل حقي في الاقتراع لمحاولة صدّ هذا الخطر ـ في حال تصويت 80% من العرب هو خطوة حاسمة في قطع الطريق على سيناريو كهذا أو إرجاء حصوله؟ هل أشنّ هجوما على المرشحين العرب في ظرف كهذا أم أكتفي بالامتناع باعتباره حقّي؟ هل أحوّلهم إلى أعدائي وأخرج إلى حرب كلامية شنيعة ضدّهم أم يظلّ النظام السياسي في إسرائيل عدوّي الأساس؟ هل سأقول إن الأبرتهايد سيكشف حقيقة إسرائيل ولن يكون أفضل إلا إذا صار أسوأ أم أن الفوضى هي مدخل مثالي للعنصريين كي يُصححوا خطأ المشروع الصهيوني الذي أبقانا هنا "صامدين"؟

صحيح إن الأبرتهايد سيناريو مُرعب غير مرغوب فيه ـ لكنه ممكن الحصول وقد وضعت الحكومات الأخيرة له البُنية التحتية الدستورية والعملية ولا يُمكننا الهروب منه. كما لا يُمكننا ـ إن كنّا صادقين مع أنفسنا ـ أن نتجاهله لِجهة الاشتغال بخلافاتنا واختلافاتنا الداخلية فنصير تمامُا مثل الصراصير المسجونة في زجاجة رفائيل إيتان. والأبرتهايد ومُحدثيه غير معنيين قطعا بالفروقات بين ممتنع ومُشارك وبين أيمن عودة ورائد صلاح ـ كلّنا نحمل المعنى ذاته بالنسبة لهم.

ما أريد تأكيده هنا أن بُنية القوة التي تحكم حياتنا تميل بدرجة كبيرة لصالح نظام حكم عنصري قد يصير أبرتهايد أسرع مما نتخيّل (أنظروا كمّ التشريعات بهذا الاتجاه) ـ ربّما كمصير بنيوي لعلاقة بين مجتمع أصلاني مُقيم خسر الحرب وبين مُجتمع مهاجر وافد كسب التاريخ في المدى المنظور على الأقلّ. وهذا يشمل كل الجغرافيا بين بحر ونهر. سيناريو واحد من جُملة سيناريوهات تكشّفت لكل مجموعة اشتغلت بالتفكير الاستراتيجي في حال الفلسطينيين ودولة إسرائيل. بمعنى إن الوضع الحالي من "البحبوحة" أو وجود هامش للاختلافات الداخلية حتى النُخاع قد يكون قابلا للانكفاء بسرعة لنجد أنفسنا في حصار وبدون حريّات سياسية أساسية كالتعبير والانتظام. أما المشاركة في الاقتراع أو الامتناع ففعلان صغيران محدودان لا يحملان أي دراماتيكية غير التقدير بأن المشاركة قد يحمل تأثيرا لجهة وقف الانزلاق نحو الأبرتهايد.

في ظروف كهذه تجري عملية الانتخابات وهي ظروف تفرض تحدّيات خطيرة علينا جميعا وبنفس المِقدار، على مَن قرروا الامتناع عن المشاركة في الانتخابات وعلى العرب الذين يخوضونها. لا أحد أفضل من الثاني ولا أكثر وطنيّةً أو فلسطينيةً. هذا وذاك ملزم بإقناع الناس بوجهة نظره وخياره. أما الاشتغال المرَضي بالدمغ والتخوين والتشكيك فهو ما أقبّحه وأعتبره تدميرا ذاتيا لسنا بحاجة معه إلى أعداء! وقد بلغ في ذلك البعض أرقامًا قياسية حين اختزلوا معرفتهم الكتابة وأيامهم ولياليهم برياضة "وطنية" اسمها تلطيخ سمعة القيادات والحطّ من قدرها وإسقاط شرعيتها كأنها العدوّ المسؤول عن كل شاردة وواردة في الكون بما فيها تساقط الشعر المبكر. حقّك في مقاطعة الانتخابات يستوي لك ويقوم دونما حاجة إلى تخوين الذين يخوضونها أو الافتراء عليهم وتكرار كل ما تلفّقه السلطة العنصرية ضدهم.

 (مطلع نيسان 2019)







Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت