تأملات في الانتخابات القادمة

بقلم : المحامي علي احمد حيدر - عبلين 

تنتظم السياسة العملية إما في إطار  تحالفات من جانب وإما في إطار انشقاقات وإنقسامات من جانب آخر. وتكون المصلحة هي المعيار الاساسي والمركزي في تشكل التحالفات أو تصدع التشققات. وحليف اليوم خصم الامس، وخصم الامس حليف الغد...فليس هنالك تحالافات أبدية. وقد تتشابه هذه السيرورات لدى كل من يصبون الى الوصول الى السلطة والحكم ولدى كل  من يرغبون في قيادة المعارضة للحكم ونقدها والتصدي لسياساتها،  والسؤدد السياسي غاية السياسي وهدفه.
وإن لكل تحالف أو إنشقاق إيجابيات وسلبيات. فمن الممكن نقد التحالف الشامل على سبيل المثال لا الحصر  بذوبان التعددية..الخ . ونقد الانشقاقات بتبذير القوة السياسية وإضعاف الوحدة..الخ.
أما فيما يخص المجتمع العربي، فقد أحسن الاخوة في الاحزاب بالمحافظة على المشتركة، وعدم الانشغال كما في المرات السابقة في توترات لاحاجة لها. وذهبوا الى الانتخابات موحدين ومدعومين من قبل الاحزاب الصغيرة،  الشيء الذي يجعل القائمة المشتركة الممثل الوحيد للمجتمع العربي في البرلمان. أضف الى ذلك، هنالك عدة عوامل وشروط  تهيئ الفرصة للمشتركة بالحفاظ أو حتى زيادة قوتها بشكل جدي. فتحالف حزب العمل، جيشر، ميرتس وضع المسمار الاخير في نعش اليسار الاسرائيلي وكل من عول عليه.  وعدم وجود ممثلين عرب في هذه الاحزاب سوف يجعل جزء من مصوتي ميرتس التصويت للمشتركة( والجزء الاخر لكاحول لبان). كما أن العديدين من المحبطين من اليهود من هذا التحالف سوف يصوتون للمشتركة. كما أن دعم الاحزاب الصغيرة للمشتركة ونشاط ممثليها( لا أعرف ماذا حصلوا مقابل هذا الدعم!) سوف تساعدها في زيادة مصوتيها ولو بأعداد ليست كبيرة.
ولكن مع كل ذلك، فيجب على الاخوة في المشتركة عدم الاستكانة والبناء على هذه الشروط والاعتماد على مؤشرات استطلاع الرأي فقط. فمن المطلوب العمل بشكل جدي ومنهجي ومتواصل قبل الانتخابات وخصوصا يوم الانتخابات من أجل رفع نسبة التصويت وتشجيع المصوتين بالتصويت لها كما عليها قيادة حملة إنتخابية قوية تستند الى مشروع سياسي استراتيجي يضع في صلبه الحقوق القومية والمدنية للمجتمع الفلسطيني في الداخل ورفع السقف السياسي وإستعادة الهيبة والنضوج والارتباط بالمجتمع وقضاياه. كما من المفروض في ظل تحييد وازاحة القضية الفلسطينية من قبل الاحزاب اليهودية إعادتها الى رأس سلم الاولويات. فلا فصل بين سياسات الاحتلال وواقع الفلسطينين في إسرائيل. أضف الى ذلك، فعلى ما يبدوا لن يبالغ نتنياهو هذه المرة في التحريض على المجتمع العربي( بالرغم من أن كل سياساته عنصرية تحريضية) نتيجة إدراكه أن هذا الامر يضره، فسيحاول إحتواء بعض العرب وقد كانت معاداته للعرب وتصريحاته دافع مركزي في خروج الناس للتصويت في المرة السابقة. ويجب على عدم إتكال الاحزاب المركبة للمشتركة على بعضها البعض فعليهم جميعا العمل بهمة واخلاص واجراء مهرجانات وحلقات  حوار بيتية وتفعيل وسائل التواصل الاجتماعي( للاسف اخر تعديل لصفحة المشتركة هو ١٨ أيلول)، ودراسة نتائج الانتخابات السابقة والعمل في المناطق التي لم تصوت أو كانت نسبة التصويت منخفضة، ومع أنه يجب إخراج ميزانيات للناشطين يجب الحذر من المال السياسي الخارجي،  ومن المهم بأعتقادي عدم الهرولة لغانتس فلن تكون القائمة المشتركة في الائتلاف ولا كتلة مانعة، فاذا لم يحصل معسكر اليمين على ٦١ مقعد سيتشقق تحالف اليمين وسوف تنظم بعض الاحزاب لغانتس أما الحريديم أم اليمين الصهيوني بالاضافة الى ليبرمان..
من الضروري التأكيد على أنه يجب تعميق التنسيق بين لجنة المتابعة ولجنة الرؤساء وتوزيع الادوار والمهمات في إدارة وقيادة المجتمع العربي. لانه من المفروض أن يكون سقف المتابعة  وطموحاتها الاستراتيجية أعلى وأبعد مما يتيحة العمل البرلماني.
(يتبع...)