X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أدب وشعر
اضف تعقيب
09/12/2011 - 08:40:50 pm
راكعة بقلم زهير دعيم
موقع الغزال


ليلة قمراء شطرها الاول التهَمَهُ الماضي لُقمة سائغة......الحياة أخذت تتلاشى في طُرق المدينة الصغيرة , حتّى القطط السائبة انقطعت عن التجوال وطلب الرزق الحلال!!...شُجيرات الزيزفون تنوح على وقْعِ أنسام البحر , في حين علا صوت بومة هرِمة , اتخذت الجذع رُكنًا .
وهناك بعيدًا , ركعت طفلة صغيرة تُصلّي , طفلة ذابلة لم تتعدّ العاشرة من عمرها , عضّها القَدَر منذ عام , فحرمها صدرًا دافئاً تتكئ عليه , وحِضنًا رؤومًا تركِن اليه , كانت سعيدة رغم إدمان والدها على الخمر , ولكن فقدان امّها جرحها جرحًا ينزف وينزف ولا يندمل .
"ربّاه , ايّها الحنّان , أسالك أن تعيد اليَّ أُمّي , ...أبي قال لي أنها عندك , ولكن كثيرًا ما يكذب عليّ فهو سكّير ...لا يعود الى البيت إلا في أخريات الليل , , يتركني وحيدة كئيبة , فريسة الخوف والهواجس, نهبى الجوع ...أيه يا ربّ إنّني جائعة لا أقوى على الحركة , أتضرّع اليكَ أن تعيد أمّي إليَّ أو أن تأخذني اليها".
وسحّت دمعتان ساخنتان على وجنتيها الشاحبتين , وظلّت راكعةً رافعة اليدين , وفي قلبها الصغير ألف صلاة !!
الهزيع الأخير من الليل , كلّ شيء كما كان ساكن , هادئ, حتّى البومة والشُجيرات والطفلة الراكعة ...شبح آتٍ من بعيد يترنّح ذات اليمين وذات اليسار , انّه في حفلة حفلاء , يتأبط زجاجته المعهودة ويُغنّي بصوتٍ أجشّ نفّر البومة فنعقت , فرماها بجملةٍ رذاذية "حبّة عدس , تقطع النَّفّس ".
وتتنبّه الطفلة فتقوم وتشدّ نفسها الى اقرب جذع شجرة ...
ربّاه , ها هو عائد كعادته , سيدخل البيت حتمًا باحثاً عنّي ليهبني عَشاءً ساخنًا , عَشاءً لا يعرف الشّبع ولا الرّحمة , عشاءً له وقع المرارة تحت أسناني .
وابتعد الشَّبح لكن صوته المُقعقع ظلّ في المكان , بل ترك رعدة هستيرية في قلبها الصغير .
وعادت سلمى إلى الركوع , "الهي ...ربّي أنني أموت جوعًا ...رغيفًا ساخنًا من لدنكَ , كأس حليب, بيضة...بل أعد إليَّ امّي , أعد اليّ غاليتي ...لا تقول لي لا ...أبي لم يكذب عليّ يوم اخبرني انها عندك , لم يكن ثمِلاً وقتها عندما قال : " أنّ الله اختارها وأخذها اليه" ...نعم يا الهي سأقوم وأذهب اليها , هناك حيث القبور ...ولكنني وانت تعلم أخاف القبور أخافها ...أموت جزعًا منها ....
ولكن لن أخاف هذه المرّة , ستكون انتَ معي ...صحيح ستكون معي ...أنّا مُتأكدة فقد قالت لنا المعلّمة:" ان الربّ يُحبّ الصغار".

وفي الصّباح بلّلَ قطر النّدى قبرًا وطفلة .




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت