X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أدب وشعر
اضف تعقيب
08/12/2020 - 07:33:24 am
لمّة طيبة قصة: ناجي ظاهر

لمّة طيبة

قصة: ناجي ظاهر

كل ما حولنا، هو صديقي الكاتب المبتدئ رغم ان عمره جاوز الستين وانا، يتحرّك، الا هو كان منشغلًا شديد الانشغال عمن يتنقل حولنا من رجال ونساء وعاملي مقهى. ارسلت اليه اكثر من نظرة تساؤل الا انه لم يلتفت إليّ كعادته..، من نظرة خاطفة الى ما بيده تبينت انه مشغول برسالة "اس. ام. اس"، غير انني كعادتي لم اتدخل فيما يشغله وتركت له امر ادخالي او عدمه له. فأنا لا احب الاحاديث التحقيقيّة، وافضّل ان اترك مساحة لمن اتحدث لهم ومعهم في العادة ليقولوا ما يودون قوله بطريقة تلقائية وبدون تدخل لا احبه في شؤون الآخرين.

بعد لحظاتٍ طويلة من التردّد وجدته يرسل نظرة غامضة نحوي، فهمت منها انه يريد ان يتأكد من مدى صداقتي وصدقي معه، واتسعت عيناه وهو يغرسهما في عيني، ناسيًا اننا نجلس في مكان عام، ورفع صوته متسائلًا:

-هل اتصل بها؟

لم ينتظر اجابتي وبادر من فوره للاتصال بمن لا اعرفها حتى الآن. فهمت من كلماته الاولى معها انها زوجته، واستخلصت من حديثه المتسائل انه يسألها عن رسالة صوتية تلقّاها منها، وعندما قالت له انها لم ترسل اليه مثل هذه الرسالة، وجدته يسألها بغيظ مكتوم، لكن الصوت صوتك.. سمعتك تقولين لاحدهم قف هناك قرب التنك. وسمعته يقول لك، انا احبه وذكر اسمي. واصلت زوجته الانكار، فاغلق الهاتف بيده، وتوجّه إليّ:

-اعتقد انك فهمت كل شيء. ما رأيك؟

لم ادل برأيي، لم اجبه وبقيت صامتًا، كنت افكر فيما يمكنني أن اقول له، وعندما رآني صامتًا عاد يسألني ما رأيك؟ عندها وجدتني انساق وراء مشاعري وابوح له بما خالجني من مشاعر بعد الاستماع لمحادثته مع زوجته. قلت له:

-اعتقد ان هذه الرسالة وصلتك بطريق الخطأ.. لكن هل انت متأكد ان مرسلتها هي زوجتك؟

اكّد لي ان الصوت صوتها وتابع يتساءل:

-لكن لماذا انكرت انها هي مرسلة الرسالة؟

افترقنا بعد طرحه هذا السؤال المفتوح، كل منّا انصرف إلى طريقه، وكنت افكر فيه اكثر مما افكر بزوجتي الناشز نشوزًا غامضًا، ادى إلى ابتعادي عن بيتي لتعيش هي فيه تفعل ما يحلو لها وما يطيب. كنت افكّر في ذلك الصديق الكاتب المبتدئ واتمنّى له ألا يرتكب حماقة يندم عليها فيما يلي من ايام، ويدفعني انا صديقه للندم لأنني لم انبّهه.

مضت عليّ ليلة من القلق والتساؤل، فماذا تراه سيفعل، هل سيقتله القلق الليلة؟ هل سينصب شركًا لزوجته ليضبطها متلبسة بالجرم الاكبر؟ هل سيختبئ بعدها في احدى زوايا بيته، في خزانة الملابس او تحت سرير الزوجية، ليرى ما اذا كان ذلك الذي يحبه ويموت فيه، سيأتي بعد دعوة الهانم له؟ او سيتصل بها ليطارحها الغرام وراءه وخلف ظهره، هو الزوج المغفّل و آخر من يعلم؟ لقد اعجبتني صورة صديقي وهو يختبئ تحت سرير الزوجية، وتصوّرته يرتاح إلى النوم هناك، فيزورُ عينيه ملكُ الكرى، ليغطّ في نوم عميق، كما تصوّرت زوجته "المنكحة" تشعر بشخيره فتستلقي على أرض الغرفة بخفة فراشة وترسلُ نظرَها إليه هناك حيث يزور ملكوت النوم السابعة، فتخطر لها خاطرة، لماذا لا تدعو صديقها الحبيب، إلى ليلة ليلاء تملؤها الضحكات الخفيضة والابتسامات الحبور؟ ورأيت زوجة صديقي تهرع إلى خزانة ملابسها فترتدي اجمل قميص نوم خاصًا، اشترته خصيصًا لموعدها الغرامي الميمون، بعدها تتسلّل من غرفة النوم حيث ينام حامي الحمى ويغطّ في دنيا اوهامه، لتنتقل بعدها إلى غرفة المخزن في الطابق الارضي، وتتناول هاتفها وتضغط على نمرة تلفون عشيقها، ليأتيها صوتُه بالتالي قائلًا لها انظري من نافذة بيتك لتريني تحت شجرة غرامنا هناك اعزف على قيثارة الحب أجمل اناشيد الهوى. عندها تخبره انها تنتظره في غرفة مخزن بيتها بفم عذب المناداة رقيق. وما ان يستمع ذلك المتيّم المغرم إلى دعوتها هذه حتى يفرد جناحيه العاشقين ليطيرَ إليها ويحط حيث هي. وليمتزجا معا ليعودا انسانًا واحدًا ذا اربعة عيون واربعة اذان، واربعة ايدي واربعة اقدام.. بعد هذا اللقاء الدافئ الحنون على سفّود من الشهوة والنار تصوّرت تلك الزوجة المقلّبة على الف مزبلة غرامية، تطلب الاذن من عشيقها لتتصل بأخيها المغفّل رقم اثنين في اسرتها، وتتواعد معه ان ينتظرها في المقهى حيث جلسنا، بعلها وحضرتي، وهكذا يكون، تأخذ وعدًا من اخيها ان ينتظرها مهما طال الوقت، وعندما تعود إلى مخزن اسرارها تخبر حبيب قلبها انها رتبت طريق الامان، وانه بإمكانهما ان يمضيا فيه إلى منتهاه، وحتى لو لم يتمكّنا من مواصلة الدرب الغرامي، سوف يكون بإمكانهما ان يتخلّصا من اي موقف مهما كان محرجًا، ليعودا بعد غليان نار الشك لدي مغفلها الابدي، الى اللقاء المتجدد.

ما ان وصلت اضواء  الموقف المخزني إلى هذا الحد من التألق، حتى ضم احد العاشقين خدينه، واطلق صرخة لم يتمكن من كتمها.. لقد صرخا بصوت واحد: احبك.

تسلّلت هذه الصرخة على رؤوس اصابعها بالضبط مثلما فعلت صاحبتها، قبل قليل، حتى توقّفت تحت سرير الزوجية في غرفة النوم، حيث يستلقي الزوج المغفّل مستغرقًا في عالم اوهامه. استيقظ الزوج، زحف من تحت السرير. لم يجد زوجته هناك، فتتبّع خطى الهمسات واللمسات مخترقًا الصمت الرهيب. في نفس اللحظة شعرت الزوجة العاشقة بخطى غريبة تقترب من مخزنها، فطلبت من عشيقها ان يفرّ باتجاه المقهى حيث ينتظرها اخوها. ركض العشيق، وركض الزوج المخدوع في اثره. عندما وصل العشيق قريبًا جدًا من المقهى، تجاوزه مختبئا وراء جدار هناك كما تمّ الإفاق بينه وبين عشيقته، فيما دخل الزوج المبجّل إلى المقهى ليلتقي بشقيق زوجته هناك.. ارتاحت اوداج الزوج وانفردت اسارير وجهه وهو يمدّ يده الى شقيق زوجته ليضغط عليها ضغطة انسان نادم على ما بدر منه من شكوك نحو زوجته المصون.

عندما التقيت بصديقي الكاتب المبتدئ، الفنان العبقري ايضًا، في المساء التالي كان قد نسي الموضوع.. ودعاني لشرب فنجان قهوة من نوع مختلف..




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت