X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أدب وشعر
اضف تعقيب
23/01/2023 - 12:57:23 pm
قصة الصدمة بقلم المربي جاسر الياس داود

قصة 

الصدمة  

بقلم:المربي جاسر الياس داود

كانت تسير في شارع عائدة من عملها، وفجاة شاهدت شخصا مقعدا على كرسي كهربائي، فأمعنت النظر به جيدا، فعرفته، وأرادت أن تتجه نحوه لتتأكد بأنه هو، ولكن لم تمتلك تلك الشجاعة كي تفعل هذا.
وقفت وكأن بأرجلها غرزت مسامير طويلة ألصقت أرجلها بإسفلت الشارع. وقفت تنظر إليه والدهشة لا تبرح وجهها وعينيها. نادتها صديقتها، التي كانت على موعد معها للقاء بمقهى قريب من مكان وقوفها، فلم ترد عليها، وأعادت صديقتها المناداة المرة تلو الأخرى، ولكن لا فائدة منها. توجهت الصديقة نحوها وهي تنادي عليها، ولا أحد يرد، وكأن أذناها أصابها الصمم.
لما وصلت إليها، شدتها من ذراعها وهي تقول: ما بالك لا تردين علي؟!!!
فأدارت نحوها فرأت صديقتها الدموع تتسابق بالنزول فوق وجنتيها، فاستغربت من المشهد هذا، وبادرتها بالسؤال: هل حدث شيء سيء لك أو لأحد أقاربك؟
لم تجب على سؤال صديقتها، واستمرت حبات اللؤلئ بالتدحرج فوق وجنتيها، ثم تنهدت تنهيدة عميقة، وأخذت تمسح الدموع بأناملها الجميلة، لكنها لم تستطع أن توقفها. بقيت تنظر إلى المقعد بالكرسي الكهربائي، ثم طلبت من صديقتها أن تتوجه إليه، وتمعن النظر به لتتأكد بأنه هو، فلقد كانت صديقتها على علم بقصة حبهما، التي استمرت سنوات.  
  لبت الصديقة طلبها، وتوجهت نحو ذلك الرجل، فرأته يلبس نظارات نظر سوداء اللون لا تظهر عيونه منها، أمعنت النظر به خلسة بعد خلسة، لتتأكد بأنه هو الشاب الذي كان بعلاقة حب مع صديقتها الواقفة على بعد أمتار منهما. ولما همت بترك المكان سمعت صوتا يناديها ليلى، فالتفتت وسمعته يقول لها: ألم تعرفيني ؟!
تلعثم لسانها، ثم تداركت الأمر وأجابته: بلى اعرفك إنك صادق.
ما دمت تعرفيني، لماذا لم تطرحي علي السلام كعادتك عندما كنا نلتقي بك أنا و... لم يستطع لفظ كلمة، ثم امتلك الشجاعة وقال: أنا ووفاء؟! أم أنك غاضبة علي وأنت لا تعلمين بالحقيقة التي أدت بنا إلى الإنفصال، وعدم الإستمرار بحبنا انا وصديقتك وفاء؟
إقتربت منه أكثر، فأخذ النظارات ووضعهما فوق رأسه، عندها إندهشت من منظر إحدى عينيه، إذ عرفت بأنها عين صناعية او كما يقولون باللغة الشعبية " عين من زجاج". 
لم تنبس ببنت شفة، بل بقيت واقفة والدهشة ما زالت مسيطرة على فكرها. فسألها: هل تلتقين بصديقتك وفاء؟
أجابته نعم ألتقي بها متى يسمح لي وقتي.
وهل ما زالت جميلة وجذابة كما عرفتها؟
نعم أنوثتها الجميلة ما زالت تحافظ عليها، وهي تهتم بالحفاظ على مظهرها الخارجي رغم كل الظروف. ثم قالت: إسمح لي صادق فأنا على عجلة من أمري، كي أقوم بعمل ما، فالمعذرة منك.
قال: عذرك معك، وبتوفيق الرب لك آمين.
عادت ليلى مسرعة باتجاه صديقتها وفاء، التي ما زالت تقف في المكان نفسه.  
خرجت مرافقته التي كان ينتظرها أمام حانوت لبيع الملابس، وأمسكت بالكرسي الكهربائي، وسارت معه إلى حيث دعاها لشرب فنجان من القهوة السمراء في المقهى القريب من حانوت الملابس. سارت إلى جانبه وهي تداعب شعراته الناعمة الملساء، وهي تقول له: أنت بطلي، ثم تقولها وتعيدها باللغة الإنجليزية: يو ماي هيرو، اما هو فقد كان يبتسم بهدوء، ثم فجأة توقفت أمام مكان تصوير، وقالت له: هنا كان والدي يحضرنا صغارا ليلتقط لنا صورا، هل تذكر؟
أجابها: وكيف أنسى وأنت كنت ترقصين من الفرح، ووالدي يشير لك بأصبعه أن تمتنعي عن هذا ههههه، فكنت تسرعين إليه وأنت فاتحة ذراعيك اللينين، وكان ينسى ما كنت تفعلينه قبل دقيقة، فيأخذك بأحضانه، ويضمك بين ذراعيه، وهو يقول: تعرفين يا شقية ما هي نقطة ضعفي.  
ما رأيك لو سألنا صاحب المصلحة عن نسخ من الصور؟
أجابها : معقول أن يكون محتفظا بنسخها الأصلية؟!!
قالت: سمعت من عدة صديقات بأنه يحتفظ بالكثير من النسخ الأصلية، فلنجرب، فتحت الباب ودخل هو أولا، ثم تبعته.
لاحظ صاحب المصلحة وكان الشيب قد غزا شعره، لاحظ المنظر ، فبادرهما سائلا : نعم عمي تفضلوا، هل تريدون إلتقاط صور لكما؟
أجابته المرافقة: لا، ولكن أريد أن أسألك عن نسخ من صورنا ونحن صغار أشقياء. أتذكر شخصا صديقا لك أسمه فلان الفلان؟
نظر إليها بتعجب، وقال: منذ أكثر من عشرين سنة لم أره، ولم أسمع منه خبرا، لأعرف ما حل به في هذه الحياة!! 
قالت له: إنه بخير والحمد لله، فإنه موجود ببلاد الغربة مع العائلة ما عدا هذا الشقي، وضمته إلى صدرها وهي تقول: هذا بطلي لا يريد الهجرة، لأنه يحب وطنه مهما جار عليه. 
أخذ المصور يفتش بألبومات الصور القديمة، وبعد مدة من الدقائق وجد بعض صورهم، فنظر إليهما، وقال: ربنا يحبكم، فهنا أيضا بالألبوم صور للوالدين ولجميع الأبناء. هل تريدون النسخ الأصلية؟
وقبل أن يكمل حديثه قاطعته المرافقة وقالت: نريد كل الصور الأصلية المتوفرة عندك. 
أخذ بجمعها، ووضعها بألبوم جديد، وأعطاهما إياه، وقال: هذه عربون صداقتي مع والدكما، لن تدفعوا ثمنها، سلامي له.
خرجا من مكان التصوير وهي تنظر إلى الصور بدهشة عظيمة، وتعطيه بعضها لرؤيتها، بقيت على هذه الحال وهما يدخلان من باب المقهى، وفجأة رأت صورة له وهو يتمرن تمرين الملاكمة، ولم يكن عمره قد تجاوز الرابعة عشر، فضحكت ضحكة أدت بجميع الجالسين بالمقهى إلى الإلتفات نحوهما، لكنها لم تأبه لنظراتهم، ثم مالت عليه كعادتها، وضمته من رقبته وهي تقول: أنا لم أخطئ عندما قلت لك أنت بطلي. 
أخذا يبحثان عن طاولة لا يجلس حولها شخص، فوجدا، وجلسا. 
وبعد أن جلسا توجهت نحو النادل بالمقهى، وطلبت منه كعكة كبيرة، وأعلمته بأن اليوم ستحتفل مع بطلها بعيد ميلاده، وهو لا يدري او يتذكر بأن اليوم عيد ميلاده. ثم تجولت بين زبائن المقهى تتحدث معهم طالبة منهم أن يشاركوها الإحتفال بعيد بطلها، ولما وصلت إلى طاولة قريبة من طاولة جلوسها وبطلها، وجدت سيدتين تجلسن، وواحدة منهن تذرف الدموع بغزارة، فظنت بأن ألما جسديا يؤلمها، فسألتها وهي لا تعرفها: سيدتي هل هناك ألم جسدي يؤلمك؟ فأنا طبيبة أعمل بالمشفى، إذا كنت تريدين أية مساعدة فأنا حاضرة.   
أجابتها: لا لا أشكرك على اهتمامك.  
ثم توجهت حيث كان بطلها يجلس، وجلست، وحضر من كان بالمقهى ووقفوا أمامهما، ثم قالت له أي لبطلها: سأذهب لدعوة السيدتين، سألها: أيهما؟
فأشارت بأصبعها نحو الطاولة الجالستين حولها. رفع النظارات فوق رأسه، ونظر نحوهن، فقال لرفيقته: لا، أنا سادعوهن، ثم حرك الكرسي الكهربائي الجالس عليه، وتوجه نحوهن، ولما وصل، طرح السلام عليهن، ثم وجه الكلام لوفاء قائلا: كيف حالك يا أم، وهنا قاطعته بسرعة قائلة: أنا لست بأم فلان،  فأنا لم أتزوج، وهنا تأثر كثيرا، وسالت الدمعة على خده الذي إحمر من الخجل والدهشة، فقامت من مكانها، وأخرجت منديلا أبيض، ومسحت دمعته، فمسك.يدها بلطف من زندها، وقال سائلا إياها: أما زلت تحتفظين بهذا المنديل الذي أهديتك إياه عربون عشقنا؟!!
صمتت ولم تجبه ببنت شفة.




Copyright © elgzal.com 2011-2023 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت