سلام الله عليك ورحمته تعالى وبركاته،

مضى عام (23.3.2014) على فقدك يا والدي الحبيب.... ونحن نستقبل ذلك بقلوبٍ حزينةٍ وأعينٍ دامعة رغم إيماننا بقدر الله تعالى علينا جميعًا...

يا من كان له الفضل بعد الله تعالى في وجودي..... يا من ربّاني صغيرًا، ورعاني شابًّا، وصاحبني كبيرًّا... يا من فقدت بفقده أبًا كريمًا، وأخًا ناصحًا، ومُستشارًا مؤتمنًا.

لقد كنت قريبًا من الناس، حبيبًا عليهم، صغارًا وكبارًا، عشت بينهم، تجاملهم بأفراحهم وتواسيهم بأتراحهم حتى أحبّك الجميع، وأفسحوا في قلوبهم لك مكانة تليق بطيب قلبك وعذب ابتسامتك، فلمّا وقع نبأ وفاتك بكتك الأعين، ودعت لك الألسن، وتصدّعت القلوب حزنًا، ورفعت الأكفّ لعلّام الغيوب تضرّعًا، فشملك بدعائه الصادق، وبقلبه الخافق القريب والبعيد...

تعوّدت كلّ صباح أن أجالسك وأمّي (عافاها الله ورعاها) لنشرب قهوة الصباح....وأصبحنا بعد رحيلك نشربها لذكراك... رائحة القهوة في الصباح تدلّنا عليك، وأسارير أمّنا تشي لنا بقلب جريح يأبى جاهدًا أن يبوح بجمر الذكرى، لأنّ أمّي تلفّ بجناحيها وجع السنين وعبق الحنين.

كنت تُحسن إلى الناس، وتساند الضعفاء والمُحتاجين، فتُقدم لهم ما استطعت...دون انتظار مقابل...

كنت جريئًا وصاحب موقف لا تخشى لومه لائم فى كلمة الحق..........

يا من ابتُليت بالمرض فصبرت، بنفسٍ راضيةٍ إن شاء الله تعالى، ولسانٍ شاكرٍ حامدٍ لله سبحانه...

لقد أكرمنا الله تعالى بشرف خدمتك ومُرافقتك والقرب منك طول مدّة مرضك، لتقرّ أعيننا بك في آخر أيّامك في الحياة الدنيا.... كنّا نعرف أنّنا سنفترق، لكنّنا كنّا في مطلع كلّ شمس حامدين شاكرين لأنّ يومًا آخر سنتحدّث فيه إليك ونأنس بك ونخفّف من قلقنا الذي كنّا نؤجّله، ونجمّل خوفنا الطفولي بنظرة واثقة ترمقنا بها وأنت طريح الفراش. ما أكبر الآباء يظلّون أقوياء وإن خارت قواهم، ويظلّون حكماء يسندون بدفء صوتهم أبناءهم.

ما أصعب الفراق بعد اللقاء، غير أنّ أحاسيس المحبّة الأُسريّة، ومعاني الروابط الإنسانيّة التي جمعتنا تجعلنا لا ننسى فضلك بعد فضل الله علينا، وتؤكّد علينا دوام الاستغفار لك، والدعاء الصادق لك....

غفر الله لك يا والدي وتجاوز عنك، وتغمّدك بواسع رحمته وفسيح جناته وجزاك الله عنّي وعن والدتي، إخي وأخواتي، زوجي وبناتي خير الجزاء. يا من كُنت لنا بحقّ الأب الحنون والصديق الصدوق....
وختامًا، نسأل الله أن يُنزلك منازل الصالحين والشهداء جزاك الله عنّا خير الجزاء، وأن يجمعنا بك في مستقرّ رحمته، وعلى حوض نبيه الشريف محمد (صلعم)، إنّه على كل شيءٍ قدير وبالإجابة جدير.

إنا لله وإنا إليه راجعون