وتبكي عبلّين
زهير دعيم
أشرقت اليوم شمس عبلّين حزينة ، دامعة ، عاتبة ، لائمة ، متسربلة
بالغيم الاسود الداكن، تنظر بمرارة الى زهرتين جميلتين قُطفتا قبل الأوان وديستا تحت سنابك
العُنف ؛ هذا العنف الذي يأبى الرحيل ويرفض الاستسلام..
زهرتان كانت الاحلام تطوف حولهما ؛ أحلام الأبناء والأهل والأحبّاء .
حقًّا الشمس غضبى والسّماء تشاركها الأسى قائلة : دماء أخويكما يصرخان اليَّ من الأرض.
ماذا دهاكِ يا عبلّين وأنتِ البلدة الهادئة ، الوادعة والعروس الغافية بغنجٍ على خدّ الجليل ؟!
ماذا أصابكِ يا بلدتي الحبيبة ، وأنت التي لطالما افتخرْتُ بانتمائي اليكِ والى أهلكِ البسطاء
بالرّوح ، الكرماء الطيّبين.
لا أقول سِرًّا ان قلتُ أنّني ومنذ مدّة وأنا أرى ، بل كلّنا نرى ، وفي كلّ المجتمع العربي في
البلاد أنّ تحت الرماد جمرًا ، وتحت الكثير من الوسائد مُسدّسات في أفواهها الشّرّ وفي حلوقها
فالعنف يعربد في كلّ يوم ...ننادم هادئين لنستيقظ صباحًا واذا بجريمة قتل هنا وأخرى هناك ،
فنصرخ قليلًا ثمّ نهدأ في اليوم التالي ، لنستفيق على جريمة أخرى مُدوّية ، فنصرخ ثم ننام
لقد بات الأمر مُقلقًا ، بات خطيرًا ، فالعنف أضحى سيّد الموقف: في الطرقات والبيوت
والحارات والمؤسسات والمدارس .
وعدو الخير يضحك ملء فيه....
لا مجال للوعظ اليوم ..أعرفُ هذا ، ولكنّ المسؤولية المُلقاة على اكتاف قادة المجتمع يجب ان
تكون كبيرة حقًّا وفعلًا ، والهروب منها جريمة لا تغتفَر .
دعونا نُلملم جروحنا اليوم في عبلّين ، ودعونا نقف مع رئيس مجلسنا المحليّ وقفة واحدة حتى
تمرّ وتعبر بسلام هذه الغيمة السوداء، ثمّ نعود من جديد لنبحثَ الأمر بعين ثاقبة ورويّة ، فنضع
الخطط ، ونستخلص النتائج ونتابع ... نعم نتابع ونبلسم ، ونُصالح ، ونغفر ، ونداوي ونعصب،
فبالمحبّة نداوي النفوس المنكسرة ونطبّب الارواح.
قلبي يدمع ويتفطّر حُزنًا كما كلّ قلوب العبالنة ..
انّنا مُطالبون اليوم أكثر من أيّ يوم مضى ، أن نكون شركاء في المصالحة والتعزية ، ودعم
رئيس المجلس في لملمة الجروح وتضميدها ، ناظرين الى غدٍ تُشرق فيه الشمس وفي اجنحتها
السلام والشّفاء للجرحى وللنفوس ؛ كلّ النفوس، سائلين الربّ المُحبّ أن يغمرنا جميعًا برحمته
عبلّين نحبّك رغم الألم...
عبلّين نَعِدكِ ان نُلوّنَ سماءَك بالأمل والسلام.