استضاف ملتقى فلسطين الثقافي-رام الله ، مساء الثلاثاء الموافق 17/6/2014  الدكتور سمير فوزي حاجّ ،في ندوة أدبية حول" الموسيقى في أعمال الكاتب الفلسطينيّ الرّاحل جبرا إبراهيم جبرا " . افتتح الأمسية  رئيس الملتقى الكاتب فتحي البس مرحبا بالدكتور سمير حاجّ ، وتولّىعرافة الندوة الدكتور إبراهيم أبو هشهش ،المحاضر في جامعة بير زيت، مقدّما ومعرّفا بأبحاث وإصدارات الدكتور سمير حاجّ ، الخاصّة في الأدب الفلسطينيّ.

وتحدّث الدكتور سمير حاجّ ، عن ريادة وتميّز جبرا إبراهيم جبرا ، في توظيف  الموسيقى داخل العمل الأدبيّ ، بدءا من روايته صراخ في ليل طويل (1946 )  التي  وظّفت فيها الموسيقى قطعة أثاث ،في بيوت سكان المدن ،فالموسيقى في فترة حكم الأتراك لفلسطين ،

من خلال نصوص جبرا ، هي ابنة المدينة ، بينما  ينظر إليها بازدراء في المجتمع القروي .وفي  مجموعته القصصية  عرق وبدايات من حرف الياء (1956) ،المكوّنة من اثنتي عشرة قصّة ، تستخدم الموسيقى في  ثمان قصص. ويصل توظيف الموسيقى ذروته في قصّة الرجل الذي كان يعشق الموسيقى ، التي تحكي قصّة رجل  عاشق للموسيقى ،اغتنى وبنى دارا على رأس قمّة شاهقة،ونقل إليها رزم اسطوانات لا تحصى ،ووضع مولّدا للكهرباء،لاستعمال غرامفون آلي،وفي أحد الأيام ،وضع في الغرامفون الآلي،أسطوانات كثيرة للموسيقار يوهان

سباستيان باخ ، وأعمل المكبّرات الصوتية كلّها على أعنف ما يكون،وراح يركض بين الحجارة ،ثمّ ألقى نفسه في أخدود  عميق ومات ،بينما بقيت الموسيقى الصاخبة  تعزف مدّة طويلة، مجسّدة مبدأ وحدة الوجود Pantheism،الذي يشير إلى فلسفة دينية تقرن وجود الآلهة بالطبيعة.ففي هذه القصّة العامة،التي لا تخصّ مكانا أو زمانا ،سوى أنّ الرجل  عاش في فترة الموسيقار باخ أو بعده ، تجاوز دور الموسيقى الوصف الخارجيّ ، وتعدّاه إلى انسياب داخل الوعي والنفس،وبعث القلق والاتحاد مع الطبيعة والخلود .

وبيّن الدكتور سمير حاجّ ، أنّ النضوج في توظيف الموسيقى في أعمال جبرا ،  يتجلّى في رواياته السفينة (1970) ،و البحث عن وليد مسعود (1978) ،و الغرف الأخرى (1986)،

حيث تؤدّي الموسيقى  وظيفتين ،الأولى تقنية،تنبش الذاكرة وتقدّم لسيل من الارتجاعات ،فترد

الشخصية إلى وعيها ،عن طريق العودة إلى الطفولة وذكر أسماء الأماكن والأشخاص  في الوطن.

والثانية دلالية وتفسيرية للنصّ، تساهم  في كشف الثيمة والتعريف بالشخصيات.كما أنّ جبرا يكثّف في أعماله  توظيف الموسيقى الغربيّة ، خاصّة موسيقى باخ ذات الطابع الدينيّ،وهذا عائد إلى تأثر جبرا بالموسيقى الكنسية لخلفيته السريانية وتنشئته الكنسية.كما بيّن الدكتور سمير حاجّ اعتمادا على مقاربة ومقارنة نصوصية ، تأثّر أعمال جبرا بنصوص الكاتب الإيرلندي- الإنكليزيّ جيمس جويس ، خاصّة Dubliners(1914) و Ulysses (1922).

وفي نهاية النّدوة جرى نقاش وتقديم مداخلات من كتّاب عرفوا  جبرا شخصيا ، منهم

الشاعر محمود أبو الهيجا ،والكاتبة ميسر أبو علي ، والكاتبة روز شوملي.