ندوة في كابول حول كتاب "في الدين والدنيا والإسلام السياسيّ" للكاتب وليد الفاهوم

غصّت القاعة الكبرى في نادي الحزب الشيوعيّ في كابول، يوم الجمعة الفائت، وبدعوة من فرعيّ: الحزب والجبهة بالعشرات من رفاق الحزب والجبهة وأصدقائهم، وعدد كبير من المثقّفين في كابول، للمشاركة في الندوة الثقافيّة الفكريّة حول كتاب "في الدين والدنيا والإسلام السياسيّ" للكاتب الرفيق وليد الفاهوم.
 وشارك فيها الرفيق فتحي هيبي سكرتير فرع جبهة كابول الديمقراطيّة، عريفًا ومقدّمًا ومتناولًا جوهر الأفكار المطروحة في الكتاب، وكذلك شارك بالمداخلات النقديّة والفكريّة البروفيسور إبراهيم طه ابن كابول والمحاضر في جامعة حيفا، وأستاذ التاريخ المربّي إلياس خليل نصر الله من شفاعمرو، وحضر الندوة عدد من الرفاق من فروع الحزب والجبهة في طمرة وشفاعمرو والناصرة وعبلّين. برز من بينهم الأمين العامّ السابق للحزب الرفيق محمّد نفّاع، وسكرتير منطقة شفاعمرو للحزب الرفيق صبري حمدي والشاعر مفلح طبعوني ورئيس مجلس عبلّين السابق الرفيق يوسف حيدر. 
وكان مؤلّف الكتاب بالطبع الرفيق وليد الفاهوم، وهو محور هذه الندوة على رأس المشاركين.
وبعد استهلال العريف بالمقدّمة حول الموضوع والتمهيد للمداخلات والترحيب بالحضور الكريم، كانت المداخلة الأولى والمفصّلة للبروفيسور طه، وقد تضمّنت تحليلًا علميًّا ونقاشًا هادئًا للقضايا الفكريّة والدينيّة التي تناولها المؤلّف، ومن خلال أقواله طرح طه الكثير من التساؤلات، والتي برأيه تنطوي على بعض من التناقض، مشيرًا إلى القيمة العلميّة العليا للكتاب عامّة، وقد ناقش بشكل مطوّل موضوع العلاقة بين الدين والدولة والسياسة، والتي يؤمن بها المؤلّف بشكل كبير بضرورة فصلها، الأمر الذي لا يعني فصل الدين عن الحياة والإنسان. وتطرّق طه في حديثه عن التطوّرات السياسيّة في منطقتنا، مشيرًا إلى دور الأنظمة العربيّة في تدمير حياة الإنسان العربيّ، من خلال الإسلام السياسي الأسود المتمثّل بالحركات الإرهابيّة كداعش وغيرها.
أمّا المداخلة الثانية فقد كانت من نصيب الأستاذ إلياس خليل نصر الله والذي يعمل مدرّسًا للتاريخ في المرحلة الثانويّة، وقد أشار في مستهلّ حديثه عن المتعة التي شعر بها عند قراءة الكتاب، وأشار إلى بعض مراحل التاريخ الإسلاميّ والتي فيها تعرّض الإسلام للامتهان، وكُرّس كسلطة قامعة، وفي تحليله ذكر أنّ السلطة الدينيّة عادة تسعى إلى الاستبداد وظلم الآخر، وهذا ينطبق على سائر الديانات والمعتقدات العلمانيّة أيضًا، وقد تناول موضوع العلمانيّة والفرق بينه وبين سائر المصطلحات الروحانيّة والدينيّة، مشيرًا إلى الدولة الأمويّة في تاريخ الإسلام وإلى الثورة الفرنسيّة في التاريخ الحديث.
وقبل أن يردّ الكاتب الفاهوم على ما طُرح، حيّا البروفيسور طه والمربّي نصر الله على اهتمامهما في القراءة والتحليل، خدمة للعلم والمعرفة والثقافة، وشكرهما على الأخذ بطروحات الكتاب ونقاشها وتحليلها ومعارضتها أو قبولها، صيانة لروح الديمقراطيّة والشفافيّة وحفاظًا على لغة الحوار وقبول الرأي الآخر، التي يجب أن تسود في أوساطنا الثقافيّة والشعبيّة كذلك، كما شكر فرعيْ: الحزب والجبهة في كابول على هذه الأمسية الناضجة والطافحة بالفكر وحبّ العلم، كي تصل الأفكار إلى سائر الشرائح الاجتماعيّة، كي لا نتحوّل إلى قطيع مجرور وراء المتظاهرين بالدين والظلاميّين، وكي نستطيع الخروج من عنق الزجاجة الإرهابيّة التي تعاني منها وتحترق بها مجتمعاتنا وإنجازاتنا تحت شبح الإرهاب والظلاميّة والذي جاءنا من صناعة الغرب "المتنوّر" والصهيونيّة والفكر الوهّابيّ والإخوانيّ.
وقد اُختمت الندوة بنقاش شارك فيه الرفيق محمّد نفّاع والرفيق وليد طه والرفيق مروان هيبي، وقد أثرى هذا النقاش الندوة بمجموعة من الأفكار المستنيرة، والتي في مؤدّاها خدمة الفكر النيّر وحياة الإنسان بشكل
اجتماعيّ وأخلاقيّ وسياسيّ سويّ، ما يضمن له حريّة العبادة والمعتقد وحريّة التعبير عن آرائه وأفكاره بشكل شفّاف وديمقراطيّ.