واجهتني مشكلة كيف اشرح للمجتمع والعائلة انه عندنا ولد معاق!

*ابني البكر فراس ولد مع إعاقة عقلية وجسدية صعبة*تغلبت وزوجتي على مخاوفنا فيجب أن نقوى حتى يقوى ابننا*في الناصرة (350) عائلة مع أولاد ذوي إعاقة عقلية*اتحادنا قوة*

*أنا أمير (كريم ) يزبك، ولدت في الناصرة عام 1971، بعد عام من ولادتي، توفى أبي وعشت في ظروف صعبة، بسب الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي مرت بها عائلتي والمجتمع العربي بشكل عام.

أنهيت دراستي الثانوية في مدرسة "اورط" في الناصرة، تطوعت وخدمت في الكشاف الإسلامي لمدة (15) عاما وكنت مسؤولا عن الكشاف في الناصرة ووطدنا أواصر العلاقات مع الكشافات العربية واليهودية. التطوع وخدمة الغير هي من أهم مبادئي في الحياة. تطوعت في شبابي في مدرسة في طرعان وهي مدرسة للتربية الخاصة لأولاد مع متلازمة دوان.

تزوجت عام 1998، وولد لي ابني البكر فراس مع إعاقة عقلية وجسدية صعبة، عندها، تخبطت مع نفسي وذاتي.. لم ارض بهذا الوضع ورفضته ووضعت رأسي في الرمل كالنعامة،  لن اخبر احد ،وفقط بعد مرور (3) سنوات، عرفت مشكلة ابني واعترفت لنفسي.. ابني معاق، وهو أول معاق في العائلة. مرت علينا أيام حالكة وظروف صعبة أنا وزوجتي أمل، كان صعب جدا عليّ أن نرى ردة فعل الناس من حولنا صوب ابني، يتساءلون ويسألونني لماذا ابنك لا يمشي؟ لماذا لا يتكلم مثل أبناء جيله، وبعدها عرفت عن طريق مركز تطور الطفل في العفولة بأنه مع إعاقة عقلية مؤكدة ولا رجعة بذلك واتضح أنه يعاني من مشكلة في الدماغ وإعاقته العقلية صعبة جدا.

**كيف أشرح للمجتمع والعائلة انه عندنا ولد معاق؟!

كل الوقت رددت: لماذا أنا؟؟ لماذا في بيتي ورفضت كون ابني معاق، لم اصدق ذلك، فأنا اخدم وأتطوع من اجل الغير وارزق بابن معاق!! حاولت أن اخفف عن نفسي بأن ابني فراس حالة من بين مئات الحالات التي تشبهه، لكن المشكلة الأكبر التي واجهتني، هي كيف اشرح للمجتمع والعائلة انه عندنا ولد معاق، ولم انجح بذلك..

في البداية، جاءوا أصحابي ليباركوا لي بولادة ابني فراس، أخفيت الولد في غرفته، خوفا من أن يصيب فراس بهذه الرجات الكهربائية (بيركوسيم) أمامهم ويبدأ بالاهتزاز بشدة حتى يزرق لونه، وكنت ادعي أمامهم بأن الولد نائم.. أجريت لفراس عمليات كثيرة وفحوصات كثيرة وركضنا أنا وزوجتي فأضنانا التعب.. كان فراس يصاب بالرجات الكهربائية بشكل دائم. وبعد (3) أعوام تركته هذه الرجات ثم عادت الرجة  من جديد بعد خمس سنوات.. بعدها رزقنا بابننا الثاني محمد وكنا أجرينا أنا وزوجتي كل الفحوصات قبل ولادته، ومع الولد الثاني أصبح وضعنا أفضل وارتحنا نفسنا.

**قررت وزوجتي ان نتغلب على هذه المشكلة

وصلتني رسالة من مركز الخدمات الاجتماعية في الناصرة تدعوني للانضمام إلى جمعية أكيم في الناصرة وكتب في الرسالة مكتوب " أكيم- جمعية للنهوض بالأشخاص المتخلفين عقليا".. لم أتقبل هذه الجملة، ما زالت عندي مخاوف من المجتمع الذي أعيش فيه ويرفض المختلف، قررت وزوجتي أن نتغلب على هذه المشكلة، فبدلا من أن نهرب منها علينا مواجهتها، فقصتنا  ستبقى تلازمنا طول العمر، يجب أن نقوي حتى يقوى ابننا، وحتى يستمد  الاخرون القوة منا بيتعاملوا مع أولادهم مثل ابننا فراس..

بداية، لم افهم ما هذه جمعية أكيم، ولكن بعد أن بدأت أتطوع في أكيم رأيت الكثير من الأهالي الذين عندهم أولاد مع إعاقات أصعب من ابني، كان صعب جدا على زوجتي الانضمام إلى الجمعية معي، بدأنا كـأهالي لأولاد مع إعاقات عقلية متنوعة، نلتقي ونتحدث عن مشاكلنا، وشعرت بأنني لست وحيدا بهذا العالم، فمن رأى هموم غيره هانت عليه همومه، ومن يملك روح التطوع والعطاء يشعر بالانفراج والسعادة.

**مُركز وحدة للمتطوعين في الجمعية

بدأت اعمل في أكيم كمُركز للمتطوعين في الجمعية، وخلال عام التقيت مع أهالي يهود وعرب. فمعرفتنا بمشاكل ابناءنا وكيفية تجنيد الموارد من اجل خدمتهم قوى اللقاء بيننا، ورأيت أن مشكلتنا واحدة عربا ويهودا، فنمت بيننا علاقات اجتماعية بحتة وقدمنا مساعدات لبعضنا البعض، وهذا قوى من عزيمتنا، وشاركت في أيام دراسية ذات مواضيع مختلفة في الناصرة مثل: زواج المتخلفين عقليا، موضوع الإجهاض، المؤسسات الخدماتية المتنوعة التي تخدم ذوي الإعاقات العقلية، وزرت مدارس عدة وشرحت لهم عن أولادنا وزرت مدرسة يهودية في طبعون ورأيت عن كثب كيف يؤسسون مراكز متطورة لذوي الإعاقات العقلية.. بيتي في الناصرة محاذي  للمدرسة وانزل ابني كل يوم وانتظر السيارة التي تقله إلى المدرسة والطلبة ينظرون إلى ابني ويحيونه كل صباح، وأنا اعمل أي شيء من اجل دمجه في المجتمع ولينظر إليه المجتمع كأي إنسان عادي فيمد يد المساعدة له.

**انتخبت كرئيس فرع لأكيم الناصرة قبل ثلاث سنوات

في الوقت الذي أصبحت به رئيس فرع  أكيم الناصرة عملت على زيادة انتساب  الأهالي ذوي الأولاد مع تخلف العقلي لأكيم الناصرة، فأنا أود أن أقدم المساعدة لهذه الشريحة، وانضم إلينا ما يقارب الستين عائلة جديدة إلى فرع الناصرة. وبما أن قسم من الأهالي العرب ما زال يخبأ ابنه بسبب مخاوفه- وأنا كنت واحدا منهم- لذلك أقمنا في الفرع سلسلة من المحاضرات مع الأخصائي النفساني مصطفى شلاعطة لتقوية الأهالي بمواجهة المجتمع والعمل على دمج ابنهم به. أقامت البلدية كرنفال الطفولة فتوجهت للبلدية وشاركت في الكرنفال ومشينا مع ابناءنا مع كراسيهم المتحركة وطلبت ان يكونوا في بداية الكرنفال فوافقت البلدية على مطلبنا، ولبسنا بلوزات عليها شعار أكيم وسرنا في المسيرة.. كان صعب على الأهالي وأولادهم المشاركة في الكرنفال، لأنه خلال المسيرة، سمعنا الكثير من الكلمات من الأهالي العاديين: هذا المكان ليس للأولاد ذوي الإعاقات!! عندها عملت على تهدئة خواطر العائلات وأولادهم ذوي الإعاقات، وسارت المسيرة من مركز البلد للعين، مشينا ما يقارب واحد ونصف كم، وأولادنا فرحوا كونهم يسيرون بين الناس العاديين!!

**الجنود المجهولين وراء فرع اكيم الناصرة

الهيئة الإدارية لفرع أكيم في الناصرة مكونة من سبعة أشخاص وهم: (عايشة ابو رحال، نعامة ابو احمد عايدة احمد، غازي احمد، جهينة زعبي، اعتدال ابو الزامل، فاطمة شحادة ، هناء بربور.

قمنا برحلة جماعية لايلات بصحبة العائلة كلها مع ابنهم المعاق ونزلنا في فندق مناسب للأولاد وأخذنا باص مخصص للمعاقين يرفع كرسي الولد حتى داخله. سافرنا في باصين وكان معنا (18) عائلة، أخذنا العائلة كلها مع الاولاد وهناك عائلات كانت هذه اول رحلة لهم خارج البيت مع ابنهم المعاق وشاركت مع عائلتي في الرحلة ولكنني لم املك الوقت لاقضيه مع عائلتي، عملت من اجل راحة الاعائلات الاخرى المشاركة في الرحلة، ، زرنا مدينة الملائكة، وعملنا بجهد انا والمتطوعات لانجاح اي مشروع نقوم به. هناك برامج دورية كل عام في الفرع منها المحاضرات والايام الدراسية والزيارات الاجتماعية وبرامج فنية وامسيات رمضانية، احتفالات الأعياد المسيحية والإسلامية، وتوزيع هدايا للعائلات وهناك الكثير من الناس العاديين الذي حاولوا التقرب منا ودعمنا عندما يرون نشاطاتنا، طلبنا من مصنع عليت ان ناخذ هدايا شوكلاطة بسعر رخيص ونحصل على الهدايا بسعر رمزي زنقدمها للعائلات.

**برامجنا المستقبلية في الفرع:

 بمساعدة مركز الخدمات الاجتماعية في الناصرة ومركز أكيم ، احلم باقامة وتأسيس عدة دور مستقلة للسكن المحمي لذوي الإعاقات العقلية  في الناصرة يعيش أربعة أشخاص في كل بيت برعاية مسؤولين مهنيين يساعدوهم على إدارة حياتهم بشكل الخاص، الدور المحمية موجودة بالعشرات في المجتمع اليهودي وحتى الآن لم أرى دار واحدة في الوسط العربي، في الناصرة 350 عائلة مع اولاد لهم اعاقة عقلية تطويرية، املي ان تنضم جميع هذه العائلات الى فرع اكيم لنعمل معا لان الاتحاد قوة