X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
فنجان ثقافة
اضف تعقيب
18/04/2012 - 08:46:04 pm
من قرى حيفا المنسية (الحلقة الثانية) قلعة كفر لام تشهد على وجودها -جوني منصور
مريم خطيب

يرى المسافر من حيفا جنوبًا باتجاه يافا وعلى بعد سبع وعشرين كيلومترًا بقايا قلعة صغيرة إلى يمين الطريق الساحلي باتجاه البحر الابيض المتوسط. وتحيط بالقلعة(قلعة كفر لام) اشجار الصبّار الشاهد الأبدي للتاريخ الفلسطيني لهذه القرية وسواها من القرى الفلسطينية التي دمرتها يد الغدر في عام 1948 أو بعض منها قبل هذا العام المشؤوم.

القرية التي نحن بصدد الحديث عنها تحمل اسم "كفر لام". ولسنا بصدد نقل معلومات فحسب، بل التأكيد على عراقة هذه القرية ودورها التاريخي في مختلف العصور من حيث النشاط الاقتصادي فيها ومساهمة ابنائها في العمل في حيفا على وجه الخصوص لما بدأ نجم هذه الميدنة بالظهور.

بالنسبة للتسمية هناك وجهة نظر تقول إن الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك (724-743م) قد أمر ببنائها لتكون موقعًا حصينًا يراقب بواسطته طرق التجارة ويحافظ على أمن المنطقة. حيث كتب ياقوت الحموي في معجم البلدان أن القرية سميت خطأ بـ"كفر لاب". وهي قريبة من قيسارية. وان فيها مقام مجاهد الكفرلابي. وبموجب وجهة نظر أخرى فإنها سميت بهذا الاسم نسبة إلى  عشيرة بني لام من طيء العرب التي وصلت من الحجاز إلى منطقة الكرك في شرقي نهر الأردن، ومن هناك وصلوا إلى موقع القرية في فترة الدولة العثمانية.

وكان علماء الآثار والمنقبون في عهد الانتداب البريطاني قد عثروا على أدوات منزلية وزراعية تعود إلى العصر الحجري. أضف إلى أنه تم العثور في المغائر المنتشرة على سفوح جبل الكرمل المحاذي على بقايا أدوات ومدافن ومعاصر تعود إلى عصور قديمة من الزمن، وكلها تؤكد على ان الانسان الكنعاني جد الفلسطينيين عاش في هذه المنطقة منذ القدم، وساهم بتطويرها ونموّها لما وفرته له من مقومات المعيشة.

وكان الفرنجة أثناء احتلالهم لوطننا قد أقاموا لهم في هذه القرية قلعة حصينة أسموها "كفرليه" وهو تحريف للاسم الأصلي. ولكنها لم تصمد في وجه هجمات جنود صلاح الدين الأيوبي، الذي هدمها. وعاد الفرنجة وسيطروا عليها إلى ان طردهم المماليك منها نهائيًا مع سقوط حكمهم عن الأراضي المقدسة.

وقد أشار الرحالة الفرنسي فيكتور غيرين  في سنة 1841 إلى أن كفر لام كانت تقع على قمّة تل صغير، ويقيم فيها 300 قروي، وأنها كانت داخل سور حجري يعود تاريخه إلى أيام الصليبيين. في سنة 1856 زارت ماري روجرز، شقيقة إدوارد روجرز (نائب القنصل البريطاني في حيفا)، قرية كفر لام وكتبت أن منازلها مبنية بالحجارة والطين، وأن الحقول المحيطة بها كانت زاخرة بالقمح الهندي والسمسم والتبغ والبساتين. 

ولأن أراضي القرية خصبة عرف سكانها كيفية الاستفادة منها، فحسّنوا مزروعاتهم وطوروها ونموها بصورة جيدة، مما ساهم في تحسين ظروفهم الاقتصادية وبالتالي الاجتماعية. فعمل الأهالي على بناء بيوتهم من الحجارة التي قطعوها من سفوح الكرمل المجاور، او من بقايا بيوت قديمة وجدران ساقطة. أما في الثلاثينيات من القرن العشرين وفور البدء باستعمال الاسمنت قام المقتدرون ببناء بيوتهم من الحجارة والاسمنت معًا. واعتبر كل من بنى بيتًا من الاسمنت من الطبقة الغنية والمقتدرة.

وبلغت مساحة أراضي هذه القرية قرابة 6800 دونما. في حين بلغ عدد سكان كفر لام عشية النكبة قرابة 400 نسمة. واعتمد الاهالي على الزراعة ورعاية المواشي، وبعض منهم على صيد الاسماك، ولكنهم كانوا قـلّـة. ولما فتحت أبواب حيفا، هرع كثيرون من أهالي كفر لام إلى العمل فيها، خاصة في الميناء وسكة الحديد.

ومن مخاتير كفر لام في أواخر العهد العثماني الشيخ محمود بن أحمد السعيد. أما اشهر عائلات هذه القرية فهي: أبو خليفة، أبو غنّام، الحمدان، الأحمد، اسبيتان، البخوري، الجبعاوي(نسبة إلى قرية جبع المجاورة)، السعيد، الصالح، المصطفى.

وقد امتلك عدد من أهالي حيفا مساحات من أراضي كفر لام، ومن اشهرهم: شعبان بن مصطفى بن محمد العايدي. وكذلك امتلك أولاد الحاج عبدالله الحاج وهم: نايف ومصطفى وحسن وأديب وعبد الرحمن معظم أراضي كفر لام والمعروفة بالاسماء التالية: "الشقفات"، و "أبو القرعات"، و "رأس الطويل"،  و "الجزلات". وللاشارة هنا أن عبد الرحمن الحاج المذكور سالفًا أشغل منصب رئيس بلدية حيفا بين 1920 و 1927، وكانت له مساهمات جليلة في تطوير ونمو المدينة.

كما وامتلك الاخوان توفيق وابراهيم بك الخليل ولدا مصطفى باشا الخليل رئيس بلدية حيفا في نهاية القرن التاسع عشر، مساحات من أراضي هذه القرية. إلا أنهما قاما ببيع حصة كبيرة منها لليهود. ويشار هنا إلى ان ابراهيم بك الخليل اشغل منصب رئيس بلدية حيفا بين 1911-1913. واغتيل على يد ملثمين عرب في 1937 ارسلهم المفتي الحاج امين الحسيني في أعقاب انتشار اشاعة أو خبر أن آل الخليل باعوا مساحات من أراضي كفر لام للصندوق القومي لاسرائيل(قيرن قييمت). وكان لآل الخليل بيتا كبيرا ورحبا في كفر لام كانوا يمضون فيه أوقاتا للراحة ولتصريف أمور وشؤون أراضيهم واملاكهم.

كما واشترى خليل بن الياس محيشم وهو من أهالي حيفا ستة قطع من أراضي القرية وهي وفقًا لأسمائها التالية: "أرض المنايص"، "أرض ملسة"، "أرض الجزرية"، "أرض العرب"، "أرض في راس طويل"، "أرض جزيرة العمر". كما وانه اشترى نصف قطعة "أرض قلعة الملك".

من هنا نلاحظ أن عمليات بيع وشراء متواصلة قد عقدت بين أهالي القرية وبين باشوات ومقتدرين من حيفا خصوصًا. وفي الوقت ذاته، استمر أهالي القرية بالعمل في الأراضي بالرغم من اتمام مثل هذه العمليات أو الصفقات.

وكان في القرية مسجد، وأيضا مدرسة ابتدائية تأسست في عام 1883م، أي في نهاية القرن التاسع عشر، وبلغ عدد صفوفها حتى الرابع. ولكن لعدم دعم حكومة الانتداب للمدرسة فإنها قد أغلقت في أواخر الانتداب البريطاني.

ونفذت قوات من الجيش الاسرائيلي عدة عمليات عسكرية خلال الأيام العشرة بين هدنتي الحرب (8-18 تموز/يوليو 1948)، كان من نتيجتها احتلال سلسلة من القرى الواقعة إلى الجنوب من حيفا مباشرة. وقد شُنّت واحدة من صغرى هذه العمليات على كفر لام؛ وهذا الهجوم المحدود وقع في 15-16 تموز/يوليو، واحتُلّت من جرّائه كفر لام والطيرة والصرفند، وربما احتُلّت عين حوض خلاله أيضاً. واستخدم خلال الهجوم اسلحة نارية من القوات البحرية، مسنودة بسفينتين حربيتين صوّبتا نيران أسلحتهما الخفيفة في اتجاه قريتي كفر لام والصرفند. وقام الجيش المحتل بطرد سكان القرية أسوة بباقي قرى المنطقة. وباشر بهدم معظم بيوت القرية ما عدا القلعة التي ما تزال واقفة في مكانها، وبيتين واحد استعمل كمدرسة ثم مخزن، تعود ملكيته إلى احمد بك الخليل، وآخر كمنزل خاص.

وأنشئت حكومة اسرائيل على أراضي القرية مستوطنتين هما:"هبونيم" و "عين ايالا". وسكنهما مهاجرون يهود من جنوب افريقيا وبريطانيا.

وهكذا لم يبق من كفر لام إلا قلعتها الصامدة وصبارها ولكن حجارتها تشهد على وجودها، وأهاليها اللاجئين متمسكين كباقي ابناء الشعب العربي الفلسطيني بحق العودة.










Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت