X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
فنجان ثقافة
اضف تعقيب
16/12/2022 - 11:18:14 am
الفرصة السانحة بقلم:ناجي ظاهر

الفرصة السانحة

بقلم:ناجي ظاهر

شرعت الدراسات الأدبية الاكاديمية الحديثة في بلادنا، خلال العقود الثلاثة الماضية تحديدًا، في تحقيق إنجازات حقيقية وملموسة، وقد ابتدأت هذه الإنجازات بدارسين ما لبثوا أن أضحوا أساتذة ومحاضرين مشهود لهم، أذكر منهم مثالًا لا حصرًا كلًا من المرحومين: فوزي جريس عبدالله، حبيب بولس، فاروق مواسي ومحمود غنايم، والأصدقاء الأعزاء: نبيه القاسم، سليمان جبران، عطاالله جبر، رياض كامل وإبراهيم طه، وقد ظهر في فترة تالية عدد من الدارسين المجتهدين الذين تتلمذوا على أيدي أبناء الرعيل الأول، وكان اللافت في هذا الجيل ظهور المرأة الدارسة، أمثال: كلارا شجراوي، جينهة خطيب، علا عويضة، رباب سرحان ولينا الشيخ حشمة، وعدد آخر من الدارسين، منهم: محمد هيبي ، محمد حمد، محمد خليل، ياسين كتانة ومحمد صفوري. سأتوقف فيما يلي عند واحد منهم هو محمود ريان وذلك لما امتاز به من عطاء مميّز، ونظرات لا تخلو من ثقابة وألمعية.

محمود ريان من مواليد بلدة كابول الجليلية، ولد عام 1973، تلقى دراسته بمراحلها المتتابعة حتى الثانوية في بلدته. حصل على اللقبين الجامعيين الأول والثاني، في موضوع اللغة العربية وآدابها، كما حصل من الجامعة ذاتها على إجازة مماثلة في موضوعي الجغرافية والتربية. عمل وما زال يعمل في سلك التعليم وأصدر منذ نهايات العشر الأولى من القرن الجاري عددًا من المجموعات الشعرية، إضافة إلى عدد من الكتب التي ضمّنها دراسات أدبية لافتة، في أنواع أدبية متنوعة مثل القصة والرواية والمسرح، إضافة إلى الشعر وقد تلقّى مؤخرًا رسالة من مجلة كويتية محكمة هي "المجلة العربية للعلوم ونشر الأبحاث"، تعلمه فيها أن هيئة تحريرها وافقت على نشر دراسة أدبية له عن "تطور أدب الحب والعشق في العصر الوسيط- الثقافة العربية الكلاسيكية"، وهو ما يُعتبر اعترافًا عربيًا واسعًا طالما هفا ورنا إليه دارسون سابقون، وأعلنوا عنه دون ان يكون لهم ما أرادوا.

ينتهج محمود ريان في دراساته بصورة عامة، منحى الدراسة السيميائية- الدلالية، ويظهر فيها ذلك الجُهد الذي تحتاج إليه كل دراسة جادّة وتريد أن تترك أثرًا ذا مكان ومكانة، ولعلّ القاء نظرة إلى عناوين مؤلفاته الدراسية تطلعنا من ناحية ما على هذا، فهو يدرس " جماليات في اللغة والادب- مقاربات نقدية"- كتاب صدر عام 2008، ويقدّم " دراسات سيميائية- في القصة القصيرة والرواية- مقاربات نقدية"، كتاب صدر عام 2016، كما يقدّم "دراسات في الرواية الفلسطينية والعربية- مقاربات نقدية"، كتاب صدر عام 2019، ويتناول بالدراسة " الشعر والإبداع- قراءة في نص القصيدة بين الاصالة والمعاصرة"، كتاب 2020، ويتوّج مجهوده البحثي أو النقدي هذا بـ " دراسات في المسرح المعاصر- نماذج نقدية" كتاب صدر في العام الجاري.

تتصف دراسات محمود ريان بعدد من النقاط أتطرّق إليها فيما يلي باختصار وذلك ضمن محاول للتعريف به وبمجهوده المميز الخاص.

*تُظهر عناوين مؤلفات ريان منذ عام 2008 حتى العام الجاري، ذلك التنوع والغنى في مواضيعها واتساع رُقعتها، فهو يكتب عن اللغة والادب، ويكتب عن القصة والرواية إضافة إلى المسرح، متناولًا نتاجات أدبية من بلادنا ومن العالم العربي المحيط بنا، ومنطلقًا من الماضي باتجاه الحاضر ضمن محاولة دائبة للتأصيل تمهيدًا للانطلاق نحو الحداثة المدروسة والمعاصرة. وهنا يُسجّل له أنه تحلّى بشجاعة الدارس الجاد الذي لا يهاب النص غير المعروف أو المشهور وإنما يُقبل عليه إقبال الواثق من نفسه ومن قدرته على الدراسة الريادية ولعمري فإن هذا إنما يذكّر بنقاد آخرين تجرأوا وكشفوا عن عبقريات روائية وهي لمّا تزل في بداية تفتحها، كما فعل رجاء النقاش عندما بشّر بالعبقرية الروائية السودانية العربية وأعني به الطيب صالح صاحب "موسم الهجرة إلى الشمال".

*تناول ريان في دراساته المتنوّعة العديد من الاعمال الأدبية المحلية التي أنتجها مبدعون من بلادنا، ولا يكاد يخلو واحد من مؤلفاته من دراسة في الإنتاج الادبي لهذا الشاعر أو ذاك الكاتب القصصي أو الروائي من أبناء بلادنا، وواضح من هذا أنه يود إضافة إلى ما تقدّم المشاركة في التأسيس لحركة أدبية جادة، ولعلّ ما يفعله هنا يشارك في الاعلاء من شأن الابداعات الأدبية في بلادنا ويقرّبها بالتالي من القارئ النافر منها، اعتقادًا منه أن ما يأتي من الخارج دائمًا أفضل وأكمل. وهذا يعني أن ريان إضافة إلى رهط مشهود له من الدارسين الجُدد في بلادنا، يسعون لإرساء معرفة أدبية ترأب الصدع الحاصل بين القارئ والمبدع المحلي، بالطبع لأسباب لا مجال لذكرها هنا خشية الاستطراد غير المستحب في مثل هكذا كتابات.

*يلفت النظر فيما قدّمه ريان من دراسات مُبشّرة أنه حاول وهذا واضح من معظم ما قدمه حتى الآن، دراسة ما أقدم على النظر فيه من ابداعات عربية ومحلّية من بلادنا، من الداخل وليس من الخارج، صحيح أنه استفاد من دراسته الجامعية ووسّع بالتالي دائرة معرفته غير أنه لم يغرق في النظريات التي درسها واطلع عليها، بقدر ما وظّفها في التعمّق في تفاصيل ما أقدم على دراسته والتغلغل إلى أغواره السحيقة، وهنا يحق أن أشهد له بثقابة الرأي وعمق الرؤية، عندما قدّم دراسته عن روايتي "حارة البومة"، فقد أشار إلى أمور تتعلّق بالموضوع والشخصيات والرسالة المبثوثة بعمق.. أعتقد أنه سيساعد الأخ القارئ ويأخذ بيده إلى قراءة أدبية واعية، مفيدة ومسلية، وهذا ما ينشده كل كاتب فيما يخيّل لي.

مُجمل الرأي أننا نقف أمام دارس جاد ومبشّر، ينتصب في محراب الكلمة بشجاعة وإقدام، ويُقدِم على دراسة الادب رواية، مسرحًا، شعرًا وقصة، مانحًا أدبنا العربي في البلاد مساحة لائقة من عطائه الدراسي، وهو للحق ما فعله دارسون آخرون سبقت الإشارة إلى بعض منهم، وغيرَ متجاهل بحر الابداع الادبي العربي الذي يُعتبر عمقنا الادبي والثقافي أولًا وقبل كل شيء.         

محمود ريان


Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت