دروس من الهجرة النبوية 
المحامي علي أحمد حيدر 

يحتفل العالم الإسلامي والعربي اليوم بأول أيام السنة الهجرية الجديدة 1445 هجرية. والهجرة النبوية ليست مجرد حدث تاريخي مضى واحتفال بعام جديد يأتي، تعد وتحسب بحسبه الأيام والشهور والسنوات.   
إن الهجرة النبوية من مكة المكرمة  الى المدينة المنورة؛ تجربة مليئة بالدروس والعبر: هي درس في القيادة والهوية وبناء الثقافة والتميز. 
هي درس يجسد الايمان العميق بالرسالة والقدرة على تحمل الصعاب ومواجهة العقبات والنضال والتضحية من أجل النجاح والإنتصار. وهي درس في الصمود وتحمل التعذيب والتنكيل والإهانة والإستضعاف.  هي درس في الاخلاص والتواضع. 
الهجرة درس في عدم الرضوخ للعجز والتباكي وإنما المبادرة والبحث عن بدائل من أجل تحقيق الاهداف. هي درس في الاخوة الصادقة والمساواة التامة. هي لحظة مؤسسة للحضارة والأمة والثقافة الانسانية الجامعة هي درس في الاتفاق مع المختلفين عنك بالعقيدة وصياغة تفاهمات وترتيبات تحكمها قيم إنسانية وأخلاق عالية من أجل العيش المشترك والشراكة الحقيقية. هي درس في الحرص والحذر من المتربصين والحاقدين والكارهين. هي درس في التخطيط والتنظيم وفهم الظروف وتغيير الواقع وليس الانصياع له. هي درس في المشاركة والتحدي. وهي درس في الخصوصية الثقافية واحترام الوقت. هي درس في الحراك والدافعية والاتقان والمثابرة. هي درس في الحب والحياة. 
لقد خرج الرسول (ص) من مكة ليس راغبا وبمحض إرادته وإنما مكرها، فهي وطنه ومسقط رأسه وأحب بقاع الأرض إلى قلبه عام ٦٢٢ من ميلاد السيد المسيح عليه السلام وعاد إليها فاتحا رحيما عام ٦٣٠ م. 
وقد كان الخليفة العظيم، والقائد الكبير عمر ابن الخطاب هو الذي أقر التقويم الهجري، بعد التشاور مع صحابة رسول الله(ص) بعد ١٧ عاما من الهجرة وقال:"الهجرة فرقت بين الحق والباطل، فأرّخوا بها". 
ما احوجنا الى استبطان القيم المذكورة و والتعلم من الدروس وترجمتهما الى ممارسات عملية وفعلية. وما أحوجنا ان نهجر ونهاجر من عوالم العنف والكذب والقطيعة والانتهازية والفساد والكسل والتخاذل والغيبة والنميمة والظلم واللامبالاه والكراهية الى صدق الحديث وأداء الامانه وصلة الرحم وحسن الجوار وعمل الفضيلة وحفظ واحترام حقوق الضعيف  وعدم الاستقواء وتعزيز الثقة بين القائد وجمهوره ووضوح الرؤية وعدم الانصياع للاوهام والنظر للمستقبل وعدم التنازل واحترام الذات والاخر والتفكير والربط بين القول والعمل والتغيير والاصلاح واخذ المسؤولية. 
علينا تذكر اللاجئين الفلسطينين والعرب والاخرين  الذين هُجروا من أوطانهم والمهاجرين الذين يغرقون في أعماق البحار واللاجئين المتدفقين على حدود الولايات المتحدة ودول أخرى،  الذين تمنعهم السياسات العنصرية من اللجوء. 
كل عام والأمتين العربية والإسلامية والعالم أجمع بخير وحرية وأمان متمنين أن  تُترجم القيم الإسلامية والإنسانية ودروس وعبر الهجرة إلى واقع معيش.