X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
فنجان ثقافة
اضف تعقيب
07/08/2023 - 12:39:22 pm
نوستالجيا الزمكانية في المجالس النصراوية بقلم: خالد عوض

نوستالجيا الزمكانية في المجالس النصراوية*
بقلم: خالد عوض


 أبدأ مداخلتي بتعريف بسيط عن طبيعة علاقتي بالكاتب ناجي ظاهر، الذي نشأ وترعرع في مدينة الناصرة بعد تشريد أهله، وتهجيرهم القسري من قريتهم سيرين عام النكبة.  هذه القرية التي كانت تقع في قضاء بيسان، وهو السبب الأول الذي جمعني بالكاتب ناجي الظاهر حيث تعود جذور عائلة والدي لمدينة بيسان التي أيضًا تم تهجيرها قسرًا عام النكبة لتصبح العائلتان لاجئتين في المدينة ذاتها، وفي الحي ذاته وهو الحي الشرقي الذي استوعب عددًا من اللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا من قراهم وتجمعوا في مركز الحي في الموقع الذي أطلق عليها الحرش، وذلك لكثرة أشجاره بعد أن تحولت الناصرة مركزًا لاستيعاب اللاجئين . . .  ما سمعته عن هذه الأشجار أنه تمّ اجتثاثها لضرورة استخدام أرض الحرش، التي آوت عائلات كثيرة من اللاجئين الذين وفدوا من قرية صفورية، والمجيدل ومعلول وسيرين وزرعين وطبريا وبيسان.. وغيرهم ممن نزحوا عن قراهم عام النكبة.  
في ذلك الحي عشت طفولتي وهو الحي الذي عاش فيه ناجي طفولته وريعان شبابه ؛ من ذلك الحي كانت البداية، بداية  الكتابة  عند ناجي، ومن هناك  رشحت القطرة الكتابية الأولى لتصبح فيما بعد غيثًا يحمل في طيّاته  مجموعة كبيرة من المخزون القصصي والأدبي متأثرًا  بتلك القصص الشعبية التي سمعها في طفولته وبداية صباه، وهذا ما أشار إليه  في مجلسه القصصي الأول حين قال: الآن وأنا أنظر إلى الخلف، أرى أن حياتي كانت سلسلة من الصالونات والمجالس، وكان المجلس الأول في بيتنا الدافئ في الحي الشرقي  من مدينتي الأثيرة  الحبيبة على قلبي الناصرة. يومها وكنت في بدايات الطفولة الأولى، تعرّفنا على جارة كفيفة البصر، وكان واحد من أبناء أسرتي، يتبرّع ليكون لها دليلًا يقتادها من غرفتها الصغيرة الملاصقة لبيت أخيها – مدير البوسطة حينها، ورغم أن الكاتب ناجي ظاهر لم يُشر لعائلة الجارة الكفيفة إلا أنني ونحن أبناء الحي ذاته يمكنني التخمين، أن عائلة المرأة الكفيفة التي كانوا ينادونها باسم "آدو" (واصل الاسم – قادرية) هي من عائلة المُلّا التي سكنت الحي منذ عقود طويلة. 
اعتقد أن في المجلس القصصي الأول اكتسب ناجي المضامين الأولى لكتابة القصة من ملهمته التي اعتبرها معلمته الأولى، كونها وكما أشار في ص 9 من الكتاب أنها فتحت أمامه خزانة الأدب والفن، وأرشدته إلى " ما في الحياة من ثراء قصصي، يختلف بالطبع عن الثراء المادي . . . " في المجلس القصصي الأول فُتح أمام الكاتب صاحب الحسّ المرهف، الباب على مصراعيه ليحلّق بعيدًا في عالم الكتابة والأدب. 
 أما مجالسه الأخرى وهي كثيرة ومتنوعة ومرتبطة بأسماء شخصيات نصراوية غادرت في غالبيتها الحياة الدنيا، لكنها لم تغادر مخيّلة كاتبنا، ولم تغادر رونق حياته الشخصية، جعلته يعيش في حالة من الحنين المستمر، وهي باعتقادي حالة مرتبطة بنوستالجيا المكان والزمان؛  وكلها تعود إلى الماضي وهي كما أشار في مقدمة الكتاب:  تفسير لظاهرة العودة إلى الماضي التي كثرت فيها الاجتهادات والتفسيرات، فمنها ما رأى في مثل هكذا عودة احتجاجًا ورفضًا لحاضر ممقوت، ومنها ما هو نوع من الحنين إلى أيام مضت وحقّ لها، بحق ، أن تتواصل وتستمر . . . 
في هذه المجالس، الأدبية الرسمية وغير الرسمية الأدبية والسياسة منها، يكشف لنا الكاتب من خلال اجنحة الذاكرة، ذكريات مؤثّرة عاشها مع كتاب راحلين مثل: طه محمد علي، جمال قعوار، فوزي جريس عبد الله، احمد حسين، فاروق مواسي، محمود غنايم، فيصل علي عبد المعطي، ادمون شحادة وغيرهم.
لمجلس طه محمد علي، يشير الكاتب قائلا إن له خصوصية، كونه كما أشار ينفرد عن سواه من المجالس التي ضمّته مع آخرين وكان قد ترك أثرًا عميقًا في حياته حيث أن هذا المجلس إضافة للكتاب والأدباء ضم أيضًا الشعراء بشقيهم شعراء الشعر الشعبي وشعراء الفصحى. كذلك ضمّ شخصيات سياسية ومحبي الأدب والفن مع ذكر أسماء كل الذين كانوا يتوافدون على مجلس طه، وكلّهم مرتبطون بحب وعشق هذه المدينة وزواياها الخفية التي لا يعرفها إلا قلة من طالبي المعرفة والأدب والسياسية، يبحث عنها يستكشفها ويحاول سبر أغوارها.
 في أجنحة الذاكرة ومجالسها النصراوية الأدبية هناك مجالس أخرى، وهي ذات طابع سياسي وفي هذا السياق يشير إلى مجلس المطعم الشعبي، الذي كان يضمّ شريحة من الشخصيات  السياسية التي تعرّف كاتبنا عليها،  وفي كتابه يصنفهم بين  شخصيات سياسية أدبية وأخرى سياسية،  كان البعض منهم يفد إلى الناصرة من خارج المدينة،  وقد توافدوا اليها حين كانت الناصرة مركزًا للإشعاع الثقافي والسياسي في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي؛ في هذا السياق يُشير الكاتب أن القاسم المشترك بين هذه الأسماء والشخصيات  وأن اختلفت آراؤهم شيوعيين كانوا أم قوميون، الهم الوطني الواحد،  نذكر منهم:  الكاتب السياسي عفيف سالم، ( الناصرة) ، أحمد حبيب الله - أبو هشام (عين ماهل ) ، محمد أبو حسين- أبو علي (قرية رمانة)،   عمر السعيد  (كفر كنا)، احمد أبو سيف (المشهد) ،وصاحب المقهى مصطفى اسعيد - أبو نضال (قرية رمانة)، وقد انضمّ اليهم فيما بعد من قرية الرينة منصور طاطور، محمد نواطحه، جودات راشد ، صبحي خميس والأخوين موسى وجميل حنا إبراهيم وغيرهم.
  حول هذا المجلس يشير ناجي ظاهر أن المجلس المذكور، كان قد ساهم في تفتيح مداركه الأدبية والإنسانية حيث أنه شكّل ملتقى لآراء وعقول متنوعة من مختلف الأعمار والأطياف المجتمعية والمشارب. في الكتاب هناك مجالس أخرى يستعيد فيها المؤلف ذكرياته الشخصية نذكر منها: مجلس مكتبة ادمون شحادة، مجلس الفاهوم وصالون نهى قعوار.
مهما تحدّثنا عن كتاب أجنحة الذاكرة وحاولنا سير أغواره، ومجالسه المتنوّعة والذكريات لشخصيات مؤثرة كانت قد مرت في حياة الكاتب، إلا أن هذه الذكريات، وما تحويه من فكر وإبداع وتجارب للشخصيات الأدبية والفكرية تبقى كأجنحة الطيور التي تحلّق في السماء، لا تموت مع موت أصحابها وإنما تسبح وتطير في الفضاء الواسع. 
 تجدر الاشارة إلى أن الكتاب يقع في 146 صفحة من القطع المتوسط، وقد صدر بالتعاون بين منشورات الملّ التي أسسها الكاتب الراحل حسين فاعور- الساعدي وبين مكتبة براديس القائمة في كفركنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
*كلمة القاها الكاتب خلال حفل اشهار كتاب اجنحة الذاكرة.

 




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت