X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
فنجان ثقافة
اضف تعقيب
09/08/2023 - 04:41:20 pm
اغاثا كريستي في الريف السوري بقلم: ناجي ظاهر

اغاثا كريستي في الريف السوري
بقلم: ناجي ظاهر


تُدخلنا الكاتبة الانجليزية اغاثا كريستي، في كتاب مذكراتها في سوريا والعراق "تعال قُلّ لي كيف تعيش"، إلى الريف السوري وبعده العراقي في أواسط الثلاثينيات من القرن الماضي، مقدّمة لنا صورة كوميدية سوداء لأوضاع المواطنين العرب هناك، وتَوجههم المستسلم السلبي للحياة من وجهة نظرها. 
تروي كريستي في كتابها هذا يومياتها خلال مرافقتها زوجها عالم الاثار البريطاني مالون ماكس، وبحثه يرافقه آخرون من أبناء جلدته ومن السُكّان المحلّيين، عن الآثار التاريخية القديمة، عبر القيام بحفريات في المواقع الاثرية.
تقول كريستي في تقديمها لكتابها هذا، إنها لا تقدّم فيه بحثًا في الآثار وإنما هي تسجّل ذكرياتها اليومية المعيشة في بلاد قامت بزيارتها في واحدة من فترات حياتها. 
تستمدّ كريستي عنوان كتابها من مقطوعة أدبية للكاتب لويس كارول، صاحب قصة "اليس في بلاد العحائب"، المعروفة لدى الملايين من الاطفال في مختلف أصقاع العالم، وتفتتح كتابها بالتحدّث عن الاستعداد للسفر إلى سورية برفقة زوجها وفريقه البحثي الاثري، وما يَتطلّبه هذا السفر من ملابس احتياطية خاصة تتلاءم مع سُمنتها ومع مع الاجواء الجديدة التي ستكون ضيفتها خلال عامي 1935- 1937، بعدها تنطلق في سرد مذكراتها أولًا بأول، مسلطةً الاضواء على أحداث يومية لا تخلو من غرائبية وشخصيات عجائبية فريدة.
من الاحداث الغرائبية تتوقّف كريستي عند توقف السيارة المرافقة كوين ماريا، بعد أن تورّطت في مياه موحلة، وكيف تمكّن الفريق المرافق من إنقاذ الموقف ودفع السيارة إلى الامام رغم افتقاده- الفريق- للأدوات المُساعدة. كريستي تتوقّف مُطولًا عند لا مبالاة القرويين السوريين، إبان تلك الفترة، واكتفائهم بالقليل وعدم ميلهم لتحسين أوضاعهم المُزرية، تقول إنهم بالكاد كانوا يقنعون الفلاحين السوريين، بصورة عامة طبعًا، بالعمل معهم في الحفريات الاثرية في هذا الموقع أو ذاك، وان هؤلاء الفلاحين ما إن كانوا يتلقّون رواتبهم، مُضافةً إليها حوافزهم المالية، حتى يغادروا ولا يعودون للعمل الا بعد صرفهم ما تلقّوه من رواتب، وتوضّح أن المنتدبين الفرنسيين تغلّبوا على مثل هكذا مشكلة، بأنهم أبقوا دائمًا جانبًا من الرواتب المترتب عليهم دفعها لهؤلاء العمال، ليعودوا مضطرّين، الامر الذي رفضه زوج كريستي عالِم الآثار قائلًا إنه من حق هؤلاء العمال أن يتلقَوا رواتبهم كاملة كما يقتضي الواجب. 
تتوقّف كريستي في كتابها عند أماكن عديدة منها نهر جغجغ ونهر الخابور، وتتحدّث عن عشوائية الفلاحين وعن استخفافهم بالحياة كونهم سيموتون ذات يوم، كما تتحدّث عن شيخهم الذي يَعد بأن يكون كلّ شيء على ما يُرام بمشيئة الله.. إلا أن شيئًا لا يكون كما يَعد، وعندما يسألونه عن سبب تقصيره.. يتذرّع بأسباب واهية وغير مقنعة.
تميّز كريستي بين الناس في سورية، هذا البلد الذي تناهبته في اواسط الثلاثينيات، الاهواء والامزجة المختلفة لدى سكانه من عرب وأرمن ويزيديين وغيرهم، متنبئة بما ستصير عليه الاحوال السياسية السورية من تشرذم.. وربّما تضييع للبوصلة في بدايات الالفية الثالثة.. الفترة الجارية، ومن الطريف أنها تتحدّث عن شخص عمل ضمن الفريق المرافقة له كريستي، شكا من ألم لا يُحتمل في سن له. بعد ان اشتد الألم عليه لم يكن أمامه من مفرّ سوى أن يزور طبيب الاسنان. الطبيب يطلب منه مبلغًا لا يُريد أن يدفعه لأنه يراه باهظًا.. المريض يحاول أن يقنع الطبيب بقبول مبلغ أقل.. وينتهي الامر بأن يوافق المريض مع اشتداد الألم في ضرسه، على أن يدفع ما وافق على قبوله الطبيب.. لكن مقابل أن يقلع ثلاثة أسنان أخرى معافاة إلى جانب السن المريض، وعندما يسأل الرجل الموجوع عن سبب ذلك التصرّف الارعن، يُجيب المريض قائلًا إنه اقتلع اسنانًا ستؤلمه ذات يوم!!!
يُشار أن كريستي كاتبة روايات بوليسية مشهورة في العالم أجمع، غير أنها لا تشير إلى صفتها هذه في كتابها إلا مرّة واحدة، اما اسمها فلا يُذكر داخل هذه المذكرات سوى مرة واحدة، وعلى لسان آخر. 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*"تعال قُلّ لي كيف تعيش"، تأليف اغاثا كريستي. ترجمة اكرم الحمصي. منشورات دار المدى السورية 2015.

 




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت