تفاعلت في الساحة الشفاعمرية في الأيام الأخيرة قضية انتخاب مدير مدرسة جديد لمدرستنا العريقة الثانوية البلدية (ب) على نحوٍ غير صحيح، استغله البعض لاعتباراته الشخصية ومصلحته الذاتية لمناكفة البلدية برئيسها وإدارتها، مشوهاً حقيقة ما حصل حتى أن البعض وجد ضالته في هذه القضية ليُخرج ما في داخله من إساءة لشخصي يضمرها لأسباب انتخابية صرفة لا علاقة لها باختيار المدير.

وقد لامَني البعض على نشرنا مناقصة لمنصب المدير في "سنة انتخابات" وقالوا لنا بالحرف الواحد: "ما لكَ وللمدرسة في سنة كهذه..ليبقَ الوضع فيها على حاله سنة أخرى". بكلمات أبسط، لاموني على تفضيلي مصلحة مئات الطلاب على مصلحتي الانتخابية الخاصة. وكان جوابي الواضح بأنه لا يمكن ترك المدرسة بوضعها الحالي وضائقتها الإدارية الممتدة لعشر سنوات وأكثر، لكن أمام عيني مثُل أكثر من 500 طالب ومستقبلهم ولم أسأل عن "المردود الانتخابي".

 اخترت اتخاذ الخطوة الجريئة المطلوبة من رئيس بلد وضع نصب عينيه قضية التربية والتعليم في رأس أولوياته. نشرنا مناقصة لاختيار الأفضل لنكون جاهزين لافتتاح السنة الدراسية الجديدة بشكل سلس. في قضية التربية والتعليم لا مجال للمساومة والاختيار المهني البحت لما فيه مصلحة أبنائنا هو ما يرشدنا.

 طبقاً لهذه الرؤية تعاملتُ مع مدارسنا، ووفقاً لاستراتيجية واضحة المعالم عملنا مع قسم التربية والتعليم لرفع شأن مدارسنا، وها نحن نقطف ثمار عملنا هذا، طبعاً بهمّة المديرين والمربين وجدية أبنائنا الطلاب، بارتفاع نسبة التحصيل في البجروت بأكثر من 30 في المئة، إلى جانب نجاحات ترفع الرأس في امتحانات "ميتساف" وحصول عدد من مدارسنا على جوائز تربية وتعليم، وتطبيق مشروع "رمز لكل تلميذ".

 لقد ارتأى أعضاء اللجنة الفاحصة لاختيار موظفين، التي ضمت أيضاً ممثلين مهنيين عن وزارة المعارف ومنظمة المعلمين ونقابة المعلمين، أن تختار المربي أشرف جبور مديراً للمدرسة الثانوية (ب)، بعد أن رأوا أنه يملك كل الكفاءات والمؤهلات، من دون انتقاص لا سمح الله بمؤهلات باقي المتنافسين بل مشيدين بها.

وقع الاختيار المهني على شخص ذي تجربة غنية مثبتة تبعث على تفاؤلنا بقدراته للنهوض بمدرستنا، "أم المدارس" وهي التي تضم خيرة المربّين الذين لم يبخلوا يوماً بإعطاء ما عندهم من أجل أبناء هذه المدينة، لتخرّج الآلاف من الأكاديميين ورجال الأعمال.

 اخترنا مديراً هو ابن هذه المدينة الذي منحه الوسط اليهودي الفرصة لإثبات قدراته وكان على قدر التوقعات وكتبت وسائل الإعلام العبرية عن نجاحاته، فكيف لنا أن لا نمنح ابن بلدنا فرصة مماثلة في مدرسة شفاعمرية عريقة فيكون فخرناً مضاعفاً!.

كانت مصلحة الطلاب، وفقط مصلحة الطلاب لا الاعتبارات الغريبة أو الانتخابية، هي النبراس الذي اهتدينا به في الاختيار. لم أكن أنانياً بل عملت بضمير مرتاح وأعتز بذلك. عملت من منطلق المسؤولية التي يجب على رئيس البلد أن يتحلى بها من اتخاذ القرار الحكيم والمناسب في الوقت المناسب، لما فيه مصلحة أبنائنا ومستقبلهم التعليمي وبهدف العودة  بمدرستنا العريقة إلى سابق عهدها.

 لقد صدرت بعض ردود الفعل على هذا الاختيار حاولت دق الأسفين بيني وبين البعض من أبناء عشيرة السواعد في هذه المدينة وهي العشيرة العريقة التي تربطني بقادتها وأبنائها علاقات متينة ومتميزة، علاقات تقوم على الاحترام المتبادل، انعكست على مدار أربع سنوات بتعاون مثمر مع ممثليهم في إدارة البلدية. كما انعكست في مشاريع عمرانية وتربوية في الأحياء المختلفة (وادي الصقيع والخروبية والمطلة والبرج وحي أبو شهاب ونحن بصدد مشروع ضخم مستقبلي في حي عصمان). خلال السنوات الأربع الماضية أوليت الاهتمام المستحق لهذه الأحياء التي عانت سنوات طويلة من الإجحاف والإهمال.

 أحترم اجتهادات كل شفاعمري ورؤيته، لكن من المؤسف أن البعض القليل حاول تجيير هذه القضية لمآربه، فتخلى عن الضوابط ولعلع بخطاب بغيض يسمم الأجواء في هذه المدينة ضارباً عرض الحائط بالنسيج الاجتماعي متعدد الأطياف، وكأن لسان حاله يقول: "هذه هي المناسبة لمناكفة الرئيس حتى بثمن تغذية هذه إشاعة التفرقة.. هكذا أحقق مآربي الذاتية الأنانية".

 الحياة مواقف. هذا هو موقفنا الواضح. لكن الصمت الذي انتهجه آخرون لم يستطيعوا التحرر من نزعة مصالحهم الذاتية، أو أنهم شاركوا غيرهم، خلسةً أو علناً، في تعكير الأجواء بدل العمل على تحجيم القضية ووضعها في نصابها الصحيح، سيرتد إلى نحر أصحابه. ولن ينجح كل المتربصين في زعزعة استقرار بلدنا ووحدة أهله..

كلنا شفاعمريون، أبناء هذه الأرض نعيش تحت سمائها مصممين على أن يبقى بلدنا سليماً معافى من أمراضٍ خبيثة. وهكذا سيبقى.

 نتمنى لمدرستنا، بمديرها الجديد وإدارتها ومعلميها وطلابها وأولياء الأمور، النجاح في المسيرة وأن نتكاتف معاً من اجل تحقيق النجاح المرجو.

والله ولي التوفيق

ناهض خازم

رئيس بلدية شفاعمرو