X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
اجتماعيات
اضف تعقيب
05/01/2024 - 02:56:16 pm
مروان نفّاع شمسنا المشرقة كلّ يوم

مروان نفّاع شمسنا المشرقة كلّ يوم

بقلم: إياد الحاج 
أحد المتيقّنين بحضور مروان الثّابت فينا 


(إلى روح الباقي فينا قدوة وحبًّا واعتزازًا، الذي غادرنا، دون أن يتركنا، يوم الإثنين 2/1/2024، الرّفيق الشّيوعيّ العنيد، والأب الرّؤوم، والأخ الحنون، والقريب العزيز، والصّديق الوفيّ، والجار الكريم، الفلسطينيّ الشّامخ كتلال شفاعمرو العصيّة على المعتدين، والإنسان الخيّر، كريم النّفس والأصل)


      ما زال مروان بيننا، فكيف نصدّق أنّنا نسير بجثمانه، بموكب مهيب، إلى مثواه الأخير؟! ما زال يبصق على حكّام العرب وهو يتابع، بانفعال، أخبار غزّة ومقاومتها، وما زال يهدأ، حينًا، فيداعب أحفاده بكفٍّ مُبتسمة ناطقة بالمحبّة، وهي تتأنّى بانسيابها لفظةً أخذت حقّها بمبادئها ومخارجها، فكيف لا يغار الكلام من الصّمت النّاطق بعبارات يعجز عنها الكلام؟!
      تركناه في البيت، يعتني بالنّباتات المفروشة في صدره وعَجُزِه، يزيل ما خلّفه الخريف من اصفرار، ويفسح المجال لشمس الرّبيع القادم بالعطور والألوان والدّفء المندّى بالألحان، ومضينا في جنازته مُطأطئين رؤوسنا صامتين واجمين، أنزلنا جثمانه بحذر إلى حفرته الأبديّة، عزّينا بعضنا، وعدنا للبيت، لكي نشرب من يديه قطرة من القهوة "السّادة"، عن روحه الطّاهرة. 
      ها هو يزورنا مُثقلًا بالشّوق والمحبّة والهدايا، فتهشُّ زوجتي وتبشُّ، وتفتح ذراعيها لتضمّ شفاعمرو بأهلها وأقربائها وأصدقائها وأحبّتها، فقد اختزل عمّها مروان كلّ الطّفولة والذّكريات وحضن العائلة الدّافئ، اختصر حضور مروان عمق الانتماء وصدق الحبّ وكبرياء الاعتزاز، كان مروان البهجة التي تُؤذن بقدوم العيد، وتقرع الأجراس احتفاء به. 
      لا أَنفكُّ أراه يشمّر عن ساعديه ويبني من الحديد بيوتًا تضجّ بالحياة والفرح، تُدهشنا عصاميّته، فلا تقاعد من قيمه السّامية وأخلاقه الكريمة، يظلّ يبني ويطوّر ما بناه، فلا عجب أن تبهر أعيننا ما صنعت يداه، بيوت عامرة بأهلها الطّيّبين تحذو حذوه على طريق الخير، طريق البقاء الكريم في أرض الآباء والأجداد، طريق الوفاق والوئام والسّلام. 
      رضع مروان حليب الوطنيّة والرّجولة من "حُرّة تموت ولا تأكل بثدييها"، الكريمة أنيسة، فشاب على ما شبّ عليه، فكان امتدادًا ناصعًا لعمومته بهجت وحميد وحسين، وابنًا عزيزًا لسعيد دانيال، الّذين شاركوا في ثورتنا العربيّة الكبرى، عام 1936، ولاحقهم الإنجليز إلى مضجعهم في بيت أختهم الحَصان الرّزان الشّجاعة، بهجة، وبيت زوجها النّبيل الجليل الأصيل، نايف، في كفرياسيف، وسجنوهم، وفجّروا بيتهم انتقامًا، بخيراته وخوابيه وأوانيه، ولم يرمش لهم جفن. 
      سينشر آذار القادم أزهار البرقوق الحمراء، على امتداد سهولنا وهضابنا وروابينا وجبالنا، وعلى ضفاف أوديتنا وجداولنا وأنهارنا، لتزيدنا هذه الحُمرة يقينًا أنّها انعكاس لحُمرة خدّيك، وأنّها صورة لسحر حضورك فينا، وفي وطننا، وأنّها تتجدّد في كلّ عام بحضور أجمل. 
      تقاطر الأحبّة من كلّ كبد مشتاق، وقلب محبّ، ليكونوا جزءًا من العائلة المُصابة، توجّعوا كثيرًا، وما زالوا غير مصدّقين رحيل مروان نفّاع، كان يمشي معهم في موكبه الجنائزيّ، فكيف يصدّقون النّبأ؟! شارك الأحبّة في مواراة الجثمان ثرى شفاعمرو التي أحبّها، صورة الوطن في أبهى تجلّياتها، عانقوا بكثير من الدّفء والحبّ خلفه الصّالح، الأزهار الشّذيّة النّديّة التي خلّفها مروان: فداء، نهال، رزان، نضال وأدهم؛ وارتبكوا أمام شريكة حياته الأبيّة الوفيّة عفاف، فماذا يقولون لها برحيله وهو ما زال حاضرًا بيننا وفينا؟! 
      لقد ترك مروان نفّاع من الإرث الاجتماعيّ والوطنيّ والأخلاقيّ ما يجعل حياتنا غنيّة بالعبر والحكم المواعظ، وقد خلّف ثمارًا متنوّعة تعود لشجرة واحدة، وهو ما يدلّ على وجوده الخالد فينا، وهو ما يرجّح شعورنا بحضوره، على نبأ غيابه. مروان نفّاع (أبو نضال) شمسنا المشرقة علينا وفينا كلّ يوم. 


كفرياسيف 5/1/2024 




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت