X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أدب وشعر
اضف تعقيب
06/02/2017 - 08:58:53 am
سليمان جبران: كيف أتدبّر بعدها ؟!

سليمان جبران: كيف أتدبّر بعدها ؟!

قبل أكثر من ثلاث سنوات، مرضتْ منيرة، فكتبتُ لها:

"كم أنا عاجز !

لا أعرف من الحياة غير قلم وكتاب

لكنّ الحياة، كما تبيّن، أكبر

أكبر بكثير من قلم وكتاب"

مرضتْ ثمّ عادت إلى البيت

ظننتُ واهما خروجَنا دونما خسائر

لكنّ المرض اللئيم عاد إلينا

فكانت عودته إنذارا برحيل لا لقاء بعده !

نعرف كلّنا أنّ كلّ ما له بداية له نهاية

فلماذا نفاجَأ، مع ذلك، إذْ تأتينا النهاية ؟

لماذا ننساها ؟

لماذا تُغرّر بنا الحياة فننسى ؟

أكثر من أربعين سنة قضيناها معا

ركْضا وعرقا

أنا في عملي خارج البيت

وهي في البيت صاحبة البيت

الملكة المطلقة في البيت

فتحنا بيتنا معا

ربّينا أولادنا معا

وإذ حسبنا أنّا وصلنا محطّة الِاستراحة،

هاجمتْنا الأوْصاب من كلّ جانب

لماذا

لماذا ؟!

أفتح الخزانة في غرفة النوم عرَضًا

أرى ملابسها هناك كلّها

أقف مشدوها

تضربني الدهشة

تشرد بي الأفكار

ماذا أفعل بملابسها هذه كلّها ؟

بعضها لبستْه

وبعضها لم يُمهلْها حظّها

تأخذني رجفة فرهبة

أغلق الخزانة خوفا وهربا !!

كانتْ في البيت كلّ شيء

وأنا لا أعرف من البيت سوى غرفتي

دلّوني كيف أتدبّر في هذا البيت الواسع بعدها ؟!

وقعتُ قبلَها

نمتُ في المستشفى أيّاما

لماذا أسرعتْ فسبقتني في الخروج من هذا العالم

لماذا تركتْني وحيدا ؟

في الصباح الباكر أنهض كعادتي

أعدّ القهوة

أقلّ من نصف ملعقة صغيرة من السكّر

هكذا صارتْ تشربها في الفترة الأخيرة

وكانت حلوة تحبّها

أضع على الصينيّة فنجانيْن

ثمّ أفطن متأخّرا

الفنجان الثاني ليس معي من يشربه !

لماذا تركتْني، وهي تعرف أني لا أعرف من الحياة حولنا شيئا؟

حتّى غرفتي كنتُ أحتاجها إذا ضاع فيها أحدُ محتوياتها

ألستُ أكبرَ منها سنّا ؟

لماذا سبقتْني إذن في هذا الطريق

لماذا ؟

أنزل إلى السوق

إلى الدكاكين

أمرّ بها كما كانتْ ..

لا أحدَ يعرفني إلّا بالإضافة إليها "

زوج منيرة، أمّ جبران، أنا

منيرة ألله يرحمها ! "

يهزّون رؤوسهم معزّين

يعترفون بي مرغمين

راحتْ منيرة

لن تأتيهم بعد اليوم

أنا من يأتيهم بعدها

مضطرّين يعترفون بالعهد الجديد !!

سنوات عشناها لم يدخلِ الدواء بيتنا

كيف انقلبت الحال فجأة

كيف غدا بيتنا صيدليّة

حافلة بالزجاجات و والمغلّفات والعقاقير؟!

أكثر من أربعين سنة ونحن على الطريق معا

كيف لي السير وحدي الآن

لا دليل ولا رفيق ؟!

كلّ إنسان مصيرُه الموت

مغادرة هذا العالم. أعرف

لماذا إذن ضربتْني المفاجأة

فلا أعرف كيف أتدبّر بعدها ؟!

(كلمة الكاتب في أربعين زوجته منيرة يوم 3/2/2016)




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت