X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أدب وشعر
اضف تعقيب
11/02/2017 - 10:46:06 am
سواليف الديرة- (2)

سواليف الديرة- (2)

خرا مَخْرِي!!

بقلم: ميسون أسدي

*سالم سلامة

كان سالم سلامة شخصًا مميزًا في قريتنا بهندامه وأفكاره،وهو ربّ أسرة طيّب السريرة،حتى بيته كان مختلفًا عن سائر بيوت القرية،فهو مصنوع من الخشب بشكل جميل وفني،وتحيط به الأشجار والأزهار الجميلة الفوّاحة،فالبيت رغم بساطته،إلا أنه كان يختلف كليًا عن الذوق السائد في قريتنا آنذاك. اعتدّت وأنا في المدرسة الابتدائية،زيارة ابنته زهرة كل يوم تقريبًا،وكنت أحبها حبًا عظيمًا،فهي صديقتي المقربة داخل المدرسة وخارجها وتعرّفت على عائلتها عن كثب. يعود الوالد سالم سلامة إلى بيته مرّة واحدة في نهاية الأسبوع مرتديًا ملابس تشبه كثيرا زي الشرطي وقبعته العسكرية على رأسه.. لم أعرف حينها ماذا كان عمله بالتحديد ولم يهمني ذلك كثيرًا،ولكنّي لم أخل من خبث الأطفال في ذلك الوقت،فحين دخوله إلى البيت أراقبه بشغف،وترتسم على شفتيّ ابتسامة ناعمة صامتة مجبولة بالسخرية والإعجاب،لأنه كان يُقبل زوجته ويضمها إلى صدره ضمة طويلة مليئة بالحب والحنان،وهذا المنظر كان بالنسبة لي إباحيًا وغير معهود لطفلة نشأت في قرية محافظة. استمتعت وخجلت من هذا المنظر في ذات الوقت،ولكن المتعة غلبت الخجل عندي،وأصبحت أنتظر هذا المنظر كل أسبوع،فبالنسبة لي كأنّه مشهد من فيلم إباحي- مع أنني لم أعرف في ذلك الوقت ما هو الفيلم الإباحي- وكم استغربت هذا التصرف بين الزوجين،لأنني لم أره إلا في بيت سالم سلامة.

* خرا مخري!

حدّثنا "أبوزيد" مختار البلد،بأنّه في أحد الأيام قصد مدينة عكا لقضاء بعض الأشغال في إحدى الدوائر الحكومية هناك،وهي أمور ضريبية وغيرها تتعلق بدكانه. وقال أبو زيد، انه بعد أن سلّم أوراقه للموظّفة في مكتب الضريبة، طلبوا منه أن يغيب ويعود بعد ساعتين من الزمن حتى ينتهوا من فحص وإتمام معاملاته. لم يدر المختار أبو زيد ماذا يفعل في هاتين الساعتين،فأخذ يتجوّل ويتمشّى على سور المدينة العظيم،ثم ذهب إلى الميناء وشاهد البحر الجميل والمراكب الراسية وهي تتمايل يمينًا ويسارًا من ضربات الموج،فأخذ يتأمل الصيادين وهم يخلّصون غنائمهم من السمك المتعدد الأشكال والأحجام من الشباك ويضعونها في الصناديق البلاستيكية الخضراء. في طريق عودته من الميناء،تذكّر أبو زيد بأنه قريب جدًا من المكتب الذي يعمل به جاره سالم سلامة،فقرّر أن يزوره ويقضي ما تبقى له من الساعتين عنده،دخل عليه فوجد بجانبه شابّة يهودية جميلة،فياضة العافية مورّدة الخدين مضيئة النظرة وكما يقول الشباب "فرفورة"،وعلى رأي أهل بلدتنا فهي "تحل عن حبل المشنقة".. فأخذ أبو زيد على الفور يقبل سالم سلامة،قبّل كتفيه ثم يديه وأخذ يرفع من شأنه أمام تلك الشابة،فسَعدَ سالم سلامة لهذا التعظيم وعلى مرأى من الشابة التي تعمل سكرتيرة في المكتب،وطلب من الشابة أن تشتري من الدكان القريب ثلاث زجاجات من المشروبات الباردة.. مرّ ما تبقّى من الساعتين كلمح البصر،والمختار أبو زيد أمتعهم بأطيب الأحاديث،إلى أن قضى ما تبقّى له من الوقت،عندها اعتذر أبو زيد من سالم سلامة وعاد إلى الدائرة الحكومية ليكمل ترتيب أوراقه ومعاملاته. بعد أسبوع من ذلك الحادث، عاد أبو زيد مرّة أخرى إلى عكا ومرّة أخرى قرّر زيارة سالم سلامة في عمله وفعل ما فعله في السابق مزقزقا.. فقبّله وأخذ بتمجيده قائلا: يا شيخ البلد.. يا أشرف ناسها وأكرم أهلها.. يا صاحب النخوة والشهامة والصراحة.. يحلفون ويستشهدون باسمك في كل مكان وزمان، أنت كذا وأنت كذا.. ويا ويا ويا... في هذه المرّة، تقبل سالم سلامة المديح بفتور، فقد سمع هذا الموال في الأسبوع الماضي،وكان لسان حاله يقول: "ما عدا مما بدا"،وبشكل متواضع طلب سالم من السكرتيرة شراء ثلاث زجاجات من المشروبات الباردة.. لاحظ المختار امتعاض سالم سلامة،لكنّه كان فرحًا بما فعله به،فهو كعادته يتحيّن الفرص لمناكدته ومشاكسته مرارًا،مثل ما يفعل مع أشخاص آخرين.. عندما قام أبو زيد بزيارته للمرّة الثالثة،لم يكد يطأ باب مكتبه حتى وقف سالم وجابهه أنفًا لأنف وصرخ به: "أنا لا مختار ولا شيء.. أنا خَرا مَخْرِي.. أنا خرا ابن خرا.. ولا تعود إلى هنا مرّة أخرى". عندما لاحظت الشابّة اليهودية التي تعمل سكرتيرة في نفس المكتب طريقة استقبال سالم سلامة الفجّة لصديقه أبو زيد، استغربت واستفسرت عن ما يجري بينهما، فترجم لها أبو زيد كل ما قاله سالم سلامة وقص عليها ما حدث معه منذ الزيارة الأولى.. ضحكت الشابّة وقرّرت أن تدعوه هذه المرّة للمشروب على حسابها، وهكذا شرب أبو زيد الزجاجة الأخيرة في مكتب سالم سلامة. وينهي أبو زيد حديثه: بعد هذه الحادثة،لم التق بسالم سلامة إلا بعد عدة سنوات،وعندما التقينا وجها لوجه،ضحكنا كثيرًا وهو الذي لا يضحك إلا لمامًا.




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت