تواصل معنا عبر الفيسبوك | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
أيّوب الجليليّ يعود إلى الورد
إدغام - الشّعر: د. فهد أبو خضرة
النّثر: وهيب نديم وهبة
أيّوب الكرمليّ يتقمّص جسد القصيدة.. يسمو، فوق البحر وحيفا/ يعلو، فوق صهوة خيول نجدية والسّيوف اليمانيّة ترقص في الرّيح/ من "ساحة سيّدنا أبو إبراهيم إلى دير المحرقة "إلى" أمّ الزّينات" و.. ويهتف عابرًا إلى "مرج ابن عامر" إلى أوّل "الجليل" عندها تكتب الرّيح هذا زمن رحيل الأمكنة/ الآن يبدّل قميصًا كرمليًا بقميص الورد/ يصيرُ أيّوب الجليليّ ويعود..
واحتفى كلُّ حبيبٍ بحبيبِهْ)
لهذا الرّجوع حكاية العناق والجرح والورد.. والسّيف المعاد ووطن الأنبياء/ هي عودة الرّيح كمثل الرّمح ما بين العينين و"هيام القلب".
كلُّ الزّمانِ الّذي مرَّ في النّارِ
وَهْجٌ منَ الحبِّ،
سِرٌّ منَ الحكمةِ الخالدةْ)
أبدَ الدّهر صامدة، يدخل أيّوب الجليليّ من البوابات السّبع للشّعر: الله والوطن - المحبة والغضب - النّصر والحياة - الموت.
يدخلُ حاملًا مفاتيح المدينة.. عائدًا من أقصى الصّوت إلى أدنى السّوط - في يد الجلّاد.
وكنتِ بهِ الحبَّ والدّفْءَ للعاشقينْ
وللسّاهرينَ وراءَ البحارْ
يمدّونَ أشواقَهمْ لهفةً
تتوّجُ بالنَّصْرِ وَجْهَ النّهارْ)
يرتاح أيّوب الجليليّ في صلاة ممتدّة من آخر الجليل إلى أيّوب الكرمليّ.. يتنفس عشق امرأة مسيحيّة سجد لها ملاك الرّيح وترك في كفّيها عبق الورد وأريج روح العشق وبقايا ذكريات.
تُرسلُ أنفاسَها/ صلاةً/ وأَناتِها/ دُعاءً/
إلى واهبِ العفْوِ والمغفرةْ)
أبصرني "أيّوب الجليليّ" في الزّمن الغابر.. في ساحتي الكرمليّة/ أرنو إلى تمثال سيدنا الخضر "النّبي إيليّا" – شاهرًا سيفا، وقدمه اليمنى فوق رقبة إبليس/ تتشابه الصّور ويسكن التّاريخ عمق المأساة.
عشرينَ ذِراعًا، مرمرًا أبيضَ،
في يُمناهُ سيفٌ،
وعلى يسراهُ رأسٌ بشريُّ.
حدّثَ الرّاوونَ قالوا:
إنَّ هذا رأسَ سفاحٍ أثيمْ)
وإيليّا النّبي يسافر من ديرٍ كرمليٍّ إلى أفقٍ جليليٍّ ناصع البياض/ تعزف الآن أضلعي.. نشيدكَ الممتد من البحر إلى الصّحراء.. وينبتُ السّؤال:
قَدَّمَ وَردًا؟
مَنْ إذا أخطأْتُمُ بارَكَ،
مَن يَعفو عنِ الضَّعفِ ولا يحمِلُ حِقْدًا!)
و.. وأحاول أن أصرخ مع أيّوب صرخة القيامة/ كنتُ قد مررتُ على درب الآلام وقلتُ: الرّجل الماحق، يصنع لي مشنقة، وأنا أزرع له وردة.. يصنع لي مشنقة.. وأنا أصنع له جنّة من كلمات/ وأقول اللّيلة: يمتد الكرمل من قلبي حتّى آخر الدّنيا.
حتّى يأتي الصّوت الصّارخ في ثياب الصّمت.
فُصولًا منَ الدّمعِ موصولةً،
وأسرابَ سُهْدٍ تُغَطّي السّماءْ.
يُطالعُك الحُلمُ أعمى وأبكمَ،
والأمنياتْ
مضرّجةً بالدَّمِ المستباحْ.
وتغرَقُ في الصّمتِ أسرارُ نبعِكِ حتّى الغِيابْ.
وأصرُخُ ملْءَ رِمالِ البراري
فيصدأُ صوتي،
ويَهدأُ/ يَهدأُ/ يَهدأ.)
وتنتهي الفصول ويبعث كما الأسطورة حيّا.
إنَّ الوزيرَ المسمّى قراقوشَ
بَعدَ انتهاءِ الأجلْ،
وبعدَ المراسيمِ والدَّفْنِ،
قد عادَ حيّا.)
أجمع من زنبقة روحكِ عطر روحي.. يا رفيقة الحلم القديم.. أغار عليكِ وأنتِ بين أصابعي سجينة القصيدة.. قلنا.. كتبنا.. سهرنا ليلنا المعشوق في قبضة المحال.. افترقنا.. احترقنا.. على شرف شرق أوسطي عتيق العقيدة..
والبحرُ سِجْنا
وقفزْنا فوقَ هذا النّهرِ
منْ جُرحٍ لجُرحِ.
ثمَّ عُدْنا،
وكبرْنا كالعصافيرِ
بِأقفاصِ الرّصاصْ
وغداةَ انطلقَتْ أجنحةُ الحُبِّ
إلى الشَّمسِ
احترقْنا.)
وأعود مع أيّوب الجليليّ.. على صهوة الخيول النّجديّة.. وأختم سفري على الجرح والملح المسكوب على درب المسيح.. كلما تناديتُ عشقكِ.. تعدو أمامي الخيول.. تجول.. تصول، وصوتي يقول.. يزرع سماء الكلمات بالقلوب الخاشعة للعشق.. كلما قلتُ أحبّكِ.. علقوني على خشب الصّليب.. انتظريني. أعود حيًا ميتا انتظريني..
وأنتَ أمامي يا أيّوب الجليليّ تناديني.
ردّدَتْ نَجْدٌ صدى أَشعارِهِ
أنا ذاكَ الطّائرُ الفردُ الّذي
تَغْزِلُ القُدْسُ هوى أسفارِهِ
وأنا المَهديُّ والهادي، ومَنْ
يَدْرُجُ الدّهرُ على آثارِهِ
وأنا..
يا نشوةَ الحُبِّ إذا
جَسّدَ الحبُّ رُؤى أَوتارِهِ.
كنتُ في أَرضي فكانتْ غُربةً
تتحدّاني وكانت كَفَنا
وعلى بيروتَ طَوَّفْتُ فما
وَهَبتْ عُمْرِيَ إلاّ سُفُنا
وعلى الرّملِ فما قالَ سِوى:
لستَ لي فارحلْ وَجَدّدْ وَطَنا.)
المصادر:
القصائد من ديوان- عائدون إلى الورد – صيف 2012. للشّاعر الدّكتور: فهد أبو خضرة