تواصل معنا عبر الفيسبوك | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
قراءة في قصة المدلل للأديب صالح أحمد كناعنة
بقلم : سهيل ابراهيم عيساوي
قصّة المدلّل المعدة للأطفال (سن 10-13)، تأليف الأديب صالح أحمد كناعنة، ابن مدينة عرابة البطوف، رسومات وتنسيق الفنانة آلاء مرتيني، إصدار: أ .دار الهدى- كفر قرع، بإدارة عبد زحالقة، سنة الإصدار: 2019، تقع القصة في 26 صفحة من الحجم المتوسط، غلاف سميك مقوى.
تتحدّث القصّة عن فريد، طفل يتيم، توفي والده وهو مايزال طفلًا صغيرًا، لم يكمل السنة، فأصبح محل العطف والشفقة من كلِّ من حوله، كلٌّ يريد أن يدلِّلَه بطريقته. وكلما كبر فريد، زاد اهتمام الأقرباء به، وتدليلهم له، فبدأ يسمن حتى أصبح يبدو أكبر من سنِّه الطبيعي، كسولًا خاملًا، لا يتقن أي عمل ولا يتحمس للقيام بأي جديد، بسبب فرط الدلال، وأمه ميسورة الحال، يصله كل شيء دون جهد أو عناء، تنفق عليه بلا حساب، منذ أن كان فريد في الروضة وأمه تصحبه وتوصي عليه المعلمة قائلة: "هذا فريد معلمتي، اليتيم المدلل، لا تَدَعي أحدًا من الأطفال يقترب منه أو يزعجه.. أرجوك، لا تدعي أحدًا من الأطفال يقترب منه أو يزعجه.. أرجوك! لا أريده أن يتعب في شيء"
تحاول المعلمة جاهدة إقناع أم فريد بأنَّ هذا الأسلوب سوف يدمِّر حياته ومستقبله، لكن أم فريد تصر على دلاله وخوفها المبالغ به، تمنعه من اللعب مع أترابه، تجهز له الطعام والشراب، وترتب له فراشه، حتى أصبح منطويًا على نفسه.
فريد أصبح شابًا؛ لكنّه لم يكتسب خبرة في الحياة، أصبح جسمه رخوًا ومترهِّلا، بالكاد يقوى على الحركة، ولم ينجح في دراسته، ولم يتعلم مهنة يكسب رزقه منها.. كانت أمه تسمع همس الناس حول اتكاليَّة فريد، فكانت ترد: "إنهم يغارون من ابني ويحسدونه على النعمة والراحة التي يتمتَّع بها... "وتضحك في نفسها ساخرة من الناس، حتى زارتها أختها الكبرى، وشرحت لها بأنَّ السعادة ليست بالسيارة الفارهة، والبيوت الفاخرة، أشارت عليها أختها أن يتعلم مهنة ليعمل ويعتاش منها بكرامة، وبعرق جبينه، عندها سوف يكتسب خبرة التعامل مع الناس، وسوف يشعر بفائدة العمل والحركة والنشاط، وقيمة المال الذي يكسبه بجهده...
بحثت له الأم عن عمل لدى نجار، وافق فريد، لكنه لم يتحمس للأمر، سار فريد بملابس العمل بحسرة، فهو لم يعتد على هذه الملابس، استقبله النجار جاره بالترحاب والسرور، لكن فريد جرح يده بالمنشار، وبدأ الدم يتدفق من يده. جن جنون فريد وهو يشاهد دمه ينزف بغزارة، فرمى الخشبة والمنشار، وعاد مسرعًا إلى البيت... قال لأمه: "قلت لك لا أعرف أن أعمل بأي مهنة".
ذهلت الأم من جرح ابنها، لكنها وعدته أن تجد له عملًا آخر. وجدت له الأم عملًا لدى جاره الخياط ، ورغم بساطة العمل؛ لكنه في أول يوم جرح يد الخياط بالمقص، فرمى المقص والقماش أرضًا، وولى هاربًا، قص على أمه ما حدث، قالت له: الخياط معتاد على وخز الأبر وخدش المقص، ووعدته بالبحث عن عمل آخر.
في المساء استرجع فريد شريط حياته، حدَّث نفسه قائلا: "هذا جزاء من يعيش حياته اتكاليا يعتمد على غيره، سيظل كل حياته عاجزًا، لن أقبل أن أبقى هكذا، من هذا الصباح سوف أبحث بنفسي عن عمل، ولن أنتظر مساعدة من أحد، ولا حتى أمي، سوف أعمل، أتدرَّب حتى أنجح... سوف أطرد الظلام والخمول من حياتي إلى الأبد ..."
رسالة الكاتب صالح أحمد كناعنة في قصة المدلل
***
ملاحظات حول القصة :
خلاصة
قصة المدلل، قصة جميلة من حيث اللّغة والاسلوب، واقعية جدًا، تنبه الأهل من مخاطر الإفراط في الدلال، لأنه يجر الويلات على الطفل والأهل والمجتمع، يدمر شخصية الطفل، ويجعله منطويًا اتكاليًّا كسولًا، لا ينفع نفسه، ولا ينفع المجتمع، بل يصبح عبئًا على المجتمع، كذلك يسهم في تحطيم قيم المجتمع الإيجابية، واستبدالها بقيم سلبية بغيضة، على مقياس الأشخاص، مما يعزّز من الأنانية التي تفكك المجتمع وينتشر العنف، وتغلب المصالح الشخصية على حساب مصالح المجتمع... وفي النهاية يتم تغييب الفرد عن الحياة المؤثرة والفاعلة، فيصبح مجرد فرد ينعم لفترة زمنية بالمادة، دون يشعر بطعم الحياة وبريق السعادة، ويلمس بأنامله لون العطاء.
الكاتب صالح أحمد كناعنة له مساهمات جادة في المشهد الأدبي الثقافي المحلي، في مجال الشعر والنقد والبحث الأدبي... وأخيرًا دخل مجال أدب الأطفال... ساهم في اثراء أدب الأطفال المحلي بالعديد من قصص الأطفال النافعة، والتي تحمل في طياتها رسائل إنسانية وتربوية للطفل وللمجتمع في آن واحد، في قصة المدلل يضيف كاتبنا الكثير لأدب الاطفال المحلي .