تواصل معنا عبر الفيسبوك | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الحمامة وشجرة الزّيتون 22 تشرين الأول 2019– أدلين أسعد-زهران
حطّت حمامةٌ بيضاءُ على شجرة الزّيتون الكبيرة فوجدَتْها بائسةً حزينة.
فَسألتها الحمامة: "ما بالُكِ أيّتها الشّجرة الـمـباركة؟"
تنهَّدت الشَّجرة وقالت: اُنظري إليَّ ألا تَرَيْن، الكلُّ يمرُّ من فَوقي وأمامي، ولا أحدَ يرى أحزاني.
واسَتْـها الحمامة قائلة: "اِنتظري يا عزيزتي فالله قادرٌ على تغيير الأحوال، وهُمومُك ستتبدَّد وهذا أكيد".
وبينما هما تتحدَّثان إذْ بسِرْبٍ من الطُّيور يحلِّقُ عاليًا فوقهما. فَنادت عليها الحمامة بأعلى صوتها: "أيّتها الطّيور إلى أين وِجهتِكِ؟
ردَّ القائدُ: "قد حلّ الخريف وعلينا الذَّهابِ إلى مَناطقَ دافئةٍ قبل مجيء الشّتاء".
فقالت الشّجرة: "أووووه هذا خبرٌ مُفْرحٌ، فالشّتاء في الطّريق وسأتخلَّص من غبار الصّيف الجاف".
في هذه الأثناء مرّت غيمة في السَّماء، وإذ بالرّيح تلحَقُها من بعيد وما هي إلا لحظات حتّى اجتمعَت أعدادٌ من الغيمات، وبدأ بينَها صِدام وشِجار، فصَمتت الحمامةُ من شدّة الـخوف، عندها دَعَتْها الزّيتونةُ للبَقاء والاحتماءِ في أحضانْها.
وأخذت الرَيح تدفعُ الغيماتِ أكثر حتى تضاربَت بقوّةٍ أكبر إلى أن هطلَ الـمطرُ وغسلَ الزيتونةَ ونفضَ عنها الغبار. لم يَسْتمرّ الوقتُ طويلا، اِنقطعَ الـمطرُ والشّمس على الفورِ سَطَعَت وتوهَّجت من جديد.
وبعد أن هدأَ الـمكان أطَلَّتِ الحمامَةُ من مَخبَئِها ونفَضت قَطرات الـمَطر عن ريشاتها،
وأردَفَت ضاحكة: "أرأيْتِ، أولُّ هَمٍّ زالَ عنك يا صديقتي". فابتسمَت الشَّجرة وشكرت الغيمات.
لم تترك الحمامةُ الشّجرة حينَها وباتت عليها، وما أن طلعَ النَّهار إذ بثرثرةٍ تعلو من حولِهِما، أيقَظَت الحمامةُ والشّجرةُ من نومِهما. وفي الحال ابتعدت الحمامةُ وتركتها.
وبدون تمهُّل باشَرَ الجميعُ، الصّغير والكبير بنزع الأشواكِ من حولِها. أمّا أبو سعيد فأخذَ مِقَصَّهُ الجَديد وقَلّمَ الأغصانَ وأزالَ اليابسةَ منْها.
بعد ذلك مَدّ الأبناء الـمَفارِشَ وبدأوا بقَطفِ حبّات الزّيتون، سَعيد حملَ آلة القَطف الكهربائيّة، نجيب قطفَ بيديه، أمّا الأم والأحفاد فجمعوا حبّ الزيتون عن الأرض والـمَفارش ووضعوها في الأكياس. وبعد الانتهاء جلسَت العائلةُ في ظلِّها، تناولوا وجبةَ الغَداء، وصارَ الصّغار يتأرجحونَ على تلك الأرجوحةِ التي ربطها الجدُّ أبو سعيد بالشّجرة، وأخذ يقُصُّ عليهم ذكرياتِهِ عندما كان صغيرا.
وعندما مالت الشّمس إلى الـمَغيب جمعَتِ العائلةُ الأدواتِ وأكياسَ الزّيتونِ وتَحضّروا للرحيل. وبعد أن جلسَ الجميعُ في السّيارات والكلّ في طريقه ذهبَ وغادرَ الـمكان، عادَت الحمامة مرًّة أخرى، فوجدَت شجرةَ الزّيتون مبتسمةً مسرورةً.
فقالت الحمامة: "شاركيني فَرحتَكِ أيتّها الصّديقة".
فردَّت الزيتونة: اليومُ من أجملِ الأيّام سيرافقني في الأحلام، كم أنا الآنَ مسرورةً، فأصحابي زاروني، وخلّصوني من النباتاتِ التي خَنقَتني وضيَّقَت عليَّ عيْشي.
وهكذا لم تتوقّفِ الشَّجرةُ عن الكلام ووَعدَتِ الحمامةُ أن تبتعدَ عن الأحزان، وتهتمَّ بزيادةِ الثّمر فالكلّ من أجلِها تَجَمَّعَ وَحَضَر.