أنا إبنك المطيع والدي ولكن...  

المربي جاسر الياس داود

رن جهاز الهاتف، فقام الوالد الذي كان يتابع نشرة الأخبار من على الشاشة الصغيرة من مكان جلوسه، وتوجه نحو مكان وجود جهاز الهاتف  رفع السماعة، وإذ بصوت ضجيج نوعا ما، وقال هلو مين معي؟
فسمع صوتا ليس بغريب عنه يطرح السلام عليه، وعندما إنخفض أو خف صوت الضجيج، قال نعم يا إبني صالح: أين أنت، وما هذا الضجيج؟!!!
اجاب صالح: إسمعني يا والدي جيدا، أنا موجود بالمطار، إذ سأسافر ببطاقة إتجاه واحد، أي سأهاجر، لأنني أتممت العمل الذي طلبته مني، وهو مساعدتك ببناء مستقبل إخوتي أبنائك، قضيت أكثر من ١٧ سنة وانا أعمل، وأرسل لك.تعبي كي تضمن مستقبل إخوتي، وها هم يسكنون مع عائلاتهم بعد أن قمت ببناء بيوت لهم الثلاثة وعائلاتهم، وفتحت لهم مكاتب عمل، كله أو أغلبه من تعبي، وأسأل الرب التوفيق لهم ولعائلاتهم الكريمة آمين.
ثم طلب صالح من والده ان يكلم والدته أم صالح، فنادى عليها أبو صالح، وحضرت، وأخذت السماعة وقالت: نعم يا أمي ؟
فقال صالح: أمي أطلب منك أن تكوني راضية علي طول أيام حياتك، أنا تعبت يا أمي، عمري كله قضيته أساعد والدي، ووالدي نسي بناء مستقبلي، لهذا قررت الهجرة لخارج البلاد، لأنني أريد بناء مستقبلي بعيدا عن أبي، رضاك يا أمي، وأغلق سماعة الهإتف.
إرتجف جسد الأم بعد سماع قرار إبنها، وأخذت الدموع تنهمر من عينيها بغزارة، ثم جلست على الكنبة، وبعد دقائق من الهدوء، قالت لأبي صالح: نحن ظلمنا إبننا صالح كثيرا، وأنا مرارا تحدثت معك حول بناء مستقبله، ولكن لم تصغ إلي، وابننا صالح وصل به الوضع إلى حد اليأس، وها اليوم خسرناه.
بقي أبو صالح صامتا مذ كلمه إبنه صالح، ثم انفجر بالبكاء كالأطفال، وهو يقول أنا السبب بخسارة إبني صالح، سامحيني يا أم صالح.