تواصل معنا عبر الفيسبوك | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
تمطّى صديقي في كنبته
بُعيْدَ عودته من رحلة قصيرة إلى عمّان، العاصمة الاردنية ، تمطّى ضاحكًا وقال :
لقد اكتشفت يا صديقي انّ للسُمنة ضريبة ما عرفتها من قبل ، فقد عرفت ضريبة ضغط
الدم المُرتفع والدّهنيات و...و... أمّا
انّ هناك ضريبة البنطلون فما عرفتها الا في الايام الاخيرة –ربما كانت وانا ما
جرّبتها- ...نعم عرفتها وتعرّفت عليها في عَمّان. فقد بحثتُ طويلاً في حوانيت
العاصمة الاردنية حتّى اهتديت الى بنطال
يلائم مقاسي ، وفوجئت حين طلب البائع سعرًا أعلى بكثير من سعر البنطلون العادي ،
مُتذرّعاً بأنني لن أجد هذا المقاس في كلّ
حانوت ، فاضطررت لشرائه .
غرقت في الضحك وقلت
لصاحبي : "كان عليك ان تفعلَ كما فعل فارس الخوري قبل عشرات السنين .
-
من هو فارس خوري هذا وماذا فعل؟
فارس خوري يا صاحِ أشهر من نار على علم ، أنه
رجل قانون وأدب وسياسة سوري تولّى رئاسة الحكومة السورية من سنة 1945- 1954 وابنته
الكاتبة المُبدعة كوليت خوري ، كان رحمه الله رأساُ كبيراً في كلّ شيء!!
كان رأسًا كبيرًا في
الحجم وفي السياسة وفي الادب وفي الحقوق...اهترأ طربوشه او كاد ، فارتأى ان يشتريَ
طربوشًا اخر َجديدًا ، فبحث في دمشق وفي كل حوانيت سوق الحميدية لعله يجد طربوشًا
بمقاس رأسه إلى أن اهتدى أخيرًا الى
ضالّته المنشودة لدى احدهم ، فحدثت مساومة جميلة بينه وبين البائع ، فقد طلب هذا
سعرًا عاليًا قائلاً : " انصحُكَ
بشرائه بالثمن الي اطلبُ ، فلن تجدَ في السّوق كلّه طربوشًا بهذا الحجم .
فرد الخوري ببسمته
الحنطية المعهودة : " بل نصيحتي لكَ
ان تعطيه بالثمن الذي اعرضُ ، فانك لن تجد في سورية كلّها رأسًا بهذا الحجم
!!".
غريب امر هذه الايام ، فالكل يريد ان ينتهز
الفرصة وان ينقضّ على "فريسته" دون ان يفكّر في طينة هذه الفرصة، وما
مدى حلالها، ومن هي الضحية ، فيُخيّل اليك ان ميكيافيلي الجديد يتربّص بكَ في كل
ركن وفي كل زاوية ، تارةً في الحانوت واخرى في المصرف ، وطورًا في المدرسة والمكتبة
والكلّية والشارع ، وعن طريق الهاتف ، الذي يُزعجك خمسًا في اليوم الواحد وعلى
الطرف الآخر ، صوت أنثوي ولا أحلى، يُخبركَ بأنك فُزْتَ-هكذا-بالقُرعة برحلة الى
اسبانيا ، او انك مدعو ٌللانضمام إلى عائلة تأمين
الحياة وتأمين الدراسة الجامعية لاولادكَ.
الكلّ يريدُ ان ينتهز
الفرصة ، وان يربح بأهون السُّبل وبالطريقة الأمريكية ...بطريقة أنت الساذج تدفع
ونحن نتدبّر،انت تدفعُ ونحن نتظلّل افياء النعيم ، وبعدنا الطوفان !!
لقد بات الأمر مُزعجًا ، ويدعو الى اليقَظة
والانتباه والحيْطة، ويُحتّم علينا ان نصحوَ ونتيقظَ خاصةً في هذا الظرف
الاقتصاديّ العصيب نوعًا ، والذي
ُيشجّع على أعمال الاحتيال والنصب والربح السريع، البعيد
عن بذل الجُهد ، كما ويُشجّع على الركون الى مُخصصات البطالة ، تاركين النشاط
والمُثابرة جانبًا ، ملتجئينَ الى الذّل نشربه بإرادتنا من كأس التأمين الوطني!.
انّ في العمل حياة وحياة وكرامة، وفي الكسل
مهانة ما بعدها مهانة ، وفيها ايضًا جريٌ حثيث ٌ خلف أساليب ملتوية ٍيمقتها الله
والحِسّ وينهى عنها الضمير الحيّ ...وقديماً قالوا التدبير نصف المعيشة، وامّا
اليوم فنقول ان اليقظة اكثر من نصف المعيشة!!.