X أغلق
X أغلق

تواصل معنا عبر الفيسبوك
حالة الطقس
عبلين 27º - 14º
طبريا 28º - 12º
النقب 30º - 10º
الناصرة 28º - 14º
القدس 27º - 5º
حيفا 27º - 14º
تل ابيب 26º - 12º
بئر السبع 30º - 12º
ايلات 32º - 12º
مواقع صديقة
أراء حرة
اضف تعقيب
15/04/2015 - 09:54:58 pm
نداؤنا "للمشتركة": وقل اعملوا وتوحّدوا

سميح غنادري

لم تحقق القائمة "المشتركة" النتائج الانتخابية كما توقعتها قيادات أحزابها المكوّنة الأربعة. لم ترفع تسبة تصويت الناخبين العرب بِـ 10-15% ولم ترفع تمثيلنا البرلماني الى 15 حتى 17 عضواً. ولم "تمنع اليمين المتطرف والفاشي من العودة الى الحكم" ولم "تغيّر الخارطة السياسية بشكل جوهري في البلاد". ولم تصبح لا "كتلة صادّة" ولا "كتلة مانعة". رغم هذا يواصل بعض قادتها الحديث عن كونها "حدثاً تاريخياً" صنع "تاريخاً جديداً" على صعيد البلاد عموماً والمواطنين العرب خصوصاً.

إضفاء مقياس "التاريخية" على أي حدث ما ليس المقصود منه تاريخ حدوثه، وانما مدى تأثيره على إبطال واقع تاريخي سابق ومدى تأثيره على صناعة تاريخ جديد. لكن هذا لا يجري تحقيقه وإثباته بمجرد تشكيل القائمة المشتركة وانما بمدى قيامها حقاً، عملياً وممارسة داخل البرلمان وعلى الصعيد الميداني الجماهيري، بالتأثير على الأحداث وبصناعتها، على مدى السنوات القريبة القادمة.

يقلقني هذا الرضى والتفاخر المبالغ به لغالبية القادة الاوائل "للمشتركة" كما تنمّ عنه تصريحاتهم. من الأجدى بهم ولنا نحن عموم ناخبيهم، ان يقرأوا النتائج الرقيمة للانتخابات وأن يقارنوا التوقعات والأهداف الموضوعة بما تحقق. الشعوب لا تحيا وتتقدم وتنتصر بتعداد منجزاتها المتخيّلة وحتى الحقيقية وتعظيمها، وانما بمدى مقدرتها على تشخيص النواقص والسلبيات ومن ثم معالجتها والانتصار عليها.

لا، لم يكن الإنجاز الانتخابي "كبيراً وعظيماً" ولا "ممتازاً" ولم "تحقق المشتركة توقعات وتطلعات الجماهير"، ولم "يأتِ العزم على قدر اهل العزائم". "المشتركة" لم تنتصر، لكنها لم تفشل. وإذا أردنا تدريج تحصيلها الانتخابي بين علامتي النجاح والسقوط – الممتاز وغير الكافي، أختار علامتي يكاد يكفي وجيّد بالتقريب. ولا بأس ان يُقيِّم البعض النتيجة بأنها "إنجاز".

ولكني شخصياً أرى أن النجاح والإنجاز الحقيقي للقائمة وحتى انتصارها غير مرهون بالنتيجة الانتخابية اولاً واساساً. لقد زرعنا بذور الانتصار بمجرد تشكيلها قائمة مشتركة موحدة لشعب يُراد تفسيخه وشرذمته وتهميشه دينياً وطائفياً وحمائلياً وجغرافياً وقبلية حزبية. هذا هو الامتحان النهائي الاصعب الذي من واجب المشتركة ان تجتازه بنجاح، ليس برلمانياً فقط وانما اولاً جماهيرياً وميدانياً.

هذا صوْتنا ... ولهذا صوّتنا

ليس البرلمان الصهيوني هو النهاية. ولم يكن هو البداية. في البدء كانت معركة البقاء في الوطن ومن ثم معركة الصمود والتصدي والتحدي واستلال المكاسب. وما من مطلب حققه شعبنا الا وكان بفضل وحدة الصف والكفاح الميداني الجماهيري. من هنا نبدأ والى هنا ننتهي. ولا يعني هذا الكلام أي تقليل لوجوب استغلال البرلمان لطرح قضيتنا القومية العامة وقضايانا المدنية المطلبية والمعيشية.

لا يعزّينا ولا يطمئننا كوْننا قد اصبحنا "الكتلة الثالثة" من ناحية الحجم في البرلمان. وليس هذا مدعاة للتفاخر. اصبحنا قوى ثالثة بفضل تفسخ وتكاثر احزاب الوسط وهبوط تمثيلها البرلماني لصالح الكتلتين الأكبر – حزبي الليكود والعمل. ثم زيادة العدد لا يعني بالضرورة زيادة التأثير، خصوصاً في ظل حكومة يمين متطرف.

ولا يثير فخرنا أن مندوباً عن كتلتنا قد يصبح رئيساً للمعارضة في البرلمان. علماً ايضاً بأن هذا مرهون بإقامة حكومة وحدة قومية بين الليكود والعمل، والا سيكون مندوب حزب العمل هو رئيس المعارضة. لكن أقول حتى لو قامت حكومة وحدة قومية وبقيت كتلتنا كتلة المعارضة الاكبر في البرلمان... لن ترأس المعارضة. لأنه لا يوجد نص قانوني يُلزم ذلك، وانما هذا كان اجراء وتشريعاً متعارفاً عليه ومتبعاً. لن تعدم احزاب الصهيونية في الحكومة والمعارضة عن وسيلة لإلغاء هذا بسن تشريع وحتى قانون جديد يُبطل القديم. هذه هي دولة صهيونييها وعنصرييها ويهودها، و"الأمن" حاكمها والعداء للعرب ولليسار نهجها.

رئيس الحكومة ملزم بعقد لقاءات دورية مع رئيس المعارضة يقدم فيها تقاريراً عن امن الدولة وقضاياها الحارقة محلياً ودولياً، ويرد فيها على اسئلة رئيس المعارضة. وضيوف اسرائيل الرسميون والكبار، بمن فيهم رؤساء الدول، يجتمعون برئيس المعارضة ايضاً حين يزورون البلاد ويُسْمعون ما عندهم ويسمعون منه ما عنده. فكيف تسمح الدولة ان يكون العربي ورئيس الكتلة المشتركة رئيساً للمعارضة؟ لقد اصبح مجرد قيام العربي بحقه الاولي بالاقتراع بصفته مواطناً مؤامرة "كميات" لتقويض أسس الدولة! وحمدنا الله الذي لا يُحْمد على مكروه سواه لأن الدولة لم تعلن عن امكنة صناديق الاقتراع مناطق عسكرية محظورة ولم تُقم الحواجز الحربية لمنع وصول "العربوشيم المخربين" إليها...

أما الوهم بأن نكون "الكتلة المانعة" في الكنيست لتشكيل حكومة يمينية متطرفة، فلقد أطاحت به نتائج الانتخابات. لكن حتى لَوْ لم تطح به ما كان هذا سيحدث. كنا كتلة مانعة من خمسة أعضاء فقط عام 1992 في حكومة رابين. الزمان اليوم غير الزمان والظروف غير الظروف واسرائيل انحدرت اكثر فاكثر نحو الابرتهايد والفاشية. وهرتصوغ ليس رابين، والتحديات التي امامه ليست بعظم وأهمية تلك التي كانت امام رابين. ودولة القومجية واليودينزا زاتسيا (اليهودية النازية) تغلغلت ليس في المؤسسات الحاكمة فقط وانما بين الناس في الشارع.

لا، ليس لهذه الاوهام – (الكتلة الأكبر ورئاسة المعارضة والكتلة المانعة) – إقترعنا للمشتركة. وانما لأحداث تغيير نحو الافضل بكل ما يخص قضايا القومية والمعيشية في هذا الوطن الذي ما من وطن لنا سواه وفيه باقون مهما جار الزمن الصهيوني علينا. صوّتنا للمشتركة لأننا نريدها ان تكون صوتنا الصارخ والمكافح في برّية صهيون. فيا قائمتنا المشتركة لا تغذينا بالاوهام ولا بالانتصارات الوهمية. ولسنا مخزناً للاصوات لك بل انت صَوْتنا الذي نريده ان يأخذ بأيدينا نحو امل الانتصار بأن نكون أسياداً في وطننا وأن نحيا فيه بحرية وبكرامة قومية وبحياة ومعيشة كريمة إقتصادياً وإجتماعياً.

إقرأوا الأرقام ولا تُمَكْيجوها

حصلت "المشتركة" على 13 عضو برلمان وليس على 15-17 كما توقعت وأملت. بهذا تكون قد زادت تمثيلها بعضوين عما كان في الانتخابات السابقة عام 2013 حين خاص العرب الانتخابات بثلاث قوائم. والحقيقة انها زيادة بعضو واحد من ناحية كمية الاصوات لأنه في الانتخابات السابقة نقص "الموحدة" 200 صوتاً فقط لتحصل على عضو خامس وبقي عند "التجمع" فائض 8000 صوتاً احترق. اي قوتنا الانتخابية كانت 12 عضواً من ناحية كم الاصوات.

بلغت نسبة تصويت العرب 64%، وليس ما يقارب ال 70 كما نشر البعض. هذا يعني ارتفاعاً بنسبة 8% عن الانتخابات السابقة. لكن نسبة التصويت العامة ارتفعت ايضا 8,4% عن السابقة وبهذا جرى عملياً تآكل تأثير ارتفاع نسبتنا. لقد اخطأ من اعتمد على رفع نسبة تصويت شعبه لاحتساب عدد تحصيله لنواب اضافيين لأنه لم يأخذ بعين الاعتبار ما كان متوقعاً ومؤكداً من ان نسبة تصويت اليهود سترفع حدة المعركة بين معسكري الليكود والعمل واستقتال احزاب الوسط للحفاظ على تمثيلها. ثم فارق 7% الى 10% في تصويت العرب لصالح النسبة العامة هو معطى دائم في آخر اربع انتخابات شهدتها اسرائيل منذ انتخابات 2003  حتى انتخابات 2013، حين كانت تخوض الانتخابات ثلاثة قوائم تمثل الوسط العربي. وها هو الفارق يكون نفسه في انتخابات 2015. وفي انتخابات سنة 2013 التي خضناها متفرقين ارتفعت نسبة تصويتنا عن التي سبقتها بـِ 3% .

ومن الجدير التنويه هنا، لا لجلد الذات وانما لمعرفة الحقيقة ولبناء الاستنتاجات الصحيحة، ان عدة جمعيات محلية وعالمية وبتمويل سخي نشطت في هذه الانتخابات بفعالية لرفع نسبة تصويت العرب. ولهذا عملت السلطة الفلسطينية ايضاً محطات بثها التلفزيونية والاذاعية. ولا ننسى الحركة الاسلامية بقيادة الشيخ رائد صلاح، والتي اكتفت في هذه الانتخابات، بعكس السابقات، على اعلان – مجرد اعلان ودون تكرار – موقفها المبدئي بمقاطعة الانتخابات. اعلنت لكنها لم تفعل. بل تتوفر لدينا المعطيات الاكيدة بان كوادرها انتخبت. واليكم مثالاً واحداً فقط: بلغت نسبة التصويت في عرينها وقلعتها ام الفحم (71%)! لذلك التجني، امام هذه الحقائق التي اوردناها في هذه الفقرة، تجيير ارتفاع النسبة بـِ 8%، لخوضنا الانتخابات في قائمة مشتركة واحدة فقط.

وليس صحيحاً ان "المشتركة" حصلت على اكثر من مائة الف صوت عما كان سابقاً. الصحيح الدقيق ان زيادة الاصوات بلغت 96 الف صوت. والأهم ان طريقة حساب قوة التمثيل وميزان النجاح يجب الا تعتمد على الارتفاع المطلق بعدد الاصوات. لان عدد اصحاب حق الاقتراع يرتفعون بعشرات ومئات الألوف بين انتخابات واخرى. ويرتفع بناء عليه بالاف الاصوات العدد اللازم للعضو الواحد.

ومن المعيب السخيف ان يبرّر احد الكتبة عدم ارتفاع عدد الاصوات للمشتركة بسبب احتراق الاف الاصوات لتصويت خاطئ معطوب، ولحصول قائمة عربية انسحبت من الانتخابات على 4000 صوت ظنّ اصحابها انهم يقترعون للمشتركة. الأخطاء تحدث في كل انتخابات. في انتخابات 2013 مثلاً جرى حرق 3546 صوتاً عربياً على مذبح قائمة "دعم" التي لم تعبر نسبة الحسم. لذا، رجاءً، لا تبحثوا عن اسباب عدم الانتصار في سفاسف الامور.

اما تصريحات بعض قادة "المشتركة"، بمن فيهم عضو كنيست لا اشك بانه قرأ النتائج الانتخابية لكل بلداتنا، بأن الشراكة "قضت على اوكار الاحزاب الصهيونية" بين العرب، فهو قوْل يعرف قائله انه قول غير صادق. لقد نهشت الاحزاب الصهيونية 18% من اصوات العرب، بمن فيها الاحزاب الاكثر يمينية وعنصرية. ولذا تكون "المشتركة" قد حصلت على 82% من اصواتهم وليس على اكثر من 90% كما تقوّل البعض. وقضية تحصيل الاحزاب الصهيونية ل 18% من اصواتنا ليس جديداً ولا "إنجازاً كبيرا" للمشتركة غير مسبوق. إذ في آخر سبع انتخابات شهدتها البلاد بدءً بانتخابات 1999 وانتهاءً بانتخابات 2015 كان يحوم تحصيل الاحزاب الصهيونية من الاصوات العربية حول نسبة ال 20%.

مَنْ لبّى نداء مَنْ؟

لم يصدّق شعبنا ما جهدت "المشتركة" بتسويقه له من أنها تشكلت تلبية "لإجماع شعب" و "لإرادة شعب" و "لمطلب عام للشارع"، و "لمصلحة وطنية عليا". لذلك من لا يلتزم بها ويدعمها يكون قد "سرق الإرادة والوحدة الوطنية" و "خان الأمانة" و "سيُعاقبه الجهور". والاحزاب "لبّت نداء الناس أن توحّدوا" امام تفاقم "التهويد والتمييز العنصري المستشري وخطر الفاشية الداهم" ... الخ.

تساءل الناخب العادي، لا النخبة المثقفة فقط: كل تلك الآفات والأخطار قائمة منذ عقود، فلماذا لم تلبوا نداءنا يا أحزبانا بأن توحدوا إلا اليوم؟ وُلِدت "المشتركة" في عملية قيصرية بسبب رفع نسبة الحسم للتمثيل البرلماني، الأمر الذي هدد بموت ابناء – نواب – الأحزاب الاربع. خطر الانتحار التمثيلي هو الذي فعل فعله. لذلك المشتركة كانت بمثابة "قارب نجاة" و "وحدة كراسي" لا وحدة طريق ومواقف ونهج.

أصلاً كل عملية "الولادة" اثارت استياء الناس. اربعون يوماً من المفاوضات والتهديدات وتمثيل مسرحيات الانسحاب لضمان عدد الكراسي – النواب – لهذا الحزب او ذاك. وكانت ايضاً انسحابات "لأحزاب" موجودة في الأساس على الورق وقام قادتها حتى بتشكيل قائمة خاصة بهم لخوض الانتخابات بعد ان لم تسفر المشتركة عن تخصيص اماكن مضمونة لهم في القائمة التي تتشكل. ثم تراجعوا أمام نجاح ابتزازهم بالتعويض. ووقعت مهزلة – عار – اجتماع الناصرة لكل المستائين الزعلانين بمن فيهم الخصوم للمشتركة وحتى بعض مركباتها. شعرنا لاسابيع اننا متواجدون ليس في عرس وحدوي وإنما في بازار فارسي او سوق مضاربات في البورصة.

لم يُثر "السوق" حماسنا ولم يرفع من معنوياتنا. لذلك كانت حملة الانتخابات للمشتركة من اشد الحملات فتوراً. ولم يخرج الشعب عن طوره في التجنّد والتجنيد لنصرتها. وكذلك فعل حتى نشطاء غالبية (ولا اقول جميع) الاحزاب المكوّنة لها. لقد ضمنت الاحزاب كراسيها في قارب النجاة وكفى المؤمنين شر القتال.

والظريف – السخيف ان يصرح عضو كنيست وان تنشر الصحيفة الناطقة باسم حزبه انه كانت عند حزبه الامكانية لخوص الانتخابات في قائمة ثنائية وضمان مقاعده. وانهم ضحّوا وآثروا الوحدة على الكرسي. ولذا هو يطالب الذين "يجترون" ان رفع نسبة الحسم هي السبب الاساسي لتشكيل المشتركة ان يكفوا عن هذا الهراء بتفضيل تشكيل قائمتين.

لن نعاتب زميلاً على استعماله فعل يجترون، لأننا مشغولون بالفضح والتصدي لنتنياهو على وصفنا بالكميات – بالبضاعة وبالحيوانات. ولكن نقول لذاك الزميل ان حزبه نعم تفاوض على امكانية تشكيل قائمة ثنائية لكن مطالبه الاقصائية هناك وتخصيص فقط مقعدين مضمونين لتمثيله لا ثلاثة حسمت إفشال المفاوضات في بداياتها. ثمّ عن أية تضحية يتحدث زميلنا وبعض قادة بعض الاحزاب؟ لقد ضمن كل حزب من خلال المشتركة كامل تمثيله البرلماني الذي كان عنده زائد نصف عضو، إذ ستكون مناوبة على مقعدين بين الجبهة والتجمع وبين الاسلامية والحركة العربية للتغيير في نصف الدورة البرلمانية.

لذلك ليست الأحزاب هي التي لبّت نداءنا بتشكيلها للمشتركة، وانما نحن الناخبون من لبّى نداء الواجب لصالح قضيتنا القومية والمدنية بتصويتنا لشراكة احزابنا. فهل تكون المشتركة أمينة على هذه الثقة التي منحناها اياها؟ كلنا امل وثقة بأن هذا الذي سيحصل وإلاّ... نعوذ بالله من إلاّ هذه.

وكاتب هذه السطور كغيره من "المجترين" كان قد دعا قبل تشكيل القائمة المشتركة في اكثر من مقال لتشكيل قائمتين كل مع الاقرب اليه سياسياً وايديولوجياً. ليس من باب رفض المشاركة والوحدة وانما لضمانها على أسس اسلم ومن باب القناعة المنطقية بان من يقول انه يقدس الوحدة من الطبيعي ان يقدسها ويضمنها في قائمتين تتفقان اتفاقاً الزامياً بينهما على اتفاق فائض اصوات وعلى حملة انتخابية تعاونية ضد الاحزاب الصهيونية، وكل قائمة تدعو من لا يريد الاقتراع لها لاسباب ايديولوجية او سياسية ان يقترع للقائمة الثانية – التوْأم. وسيكون هذا كفيلاً بتسخين الحملة وزيادة النشاط ومن ثم يرفع نسبة الاقتراع والتمثيل البرلماني.

لا نستطيع الان اثبات هذه الامور اعلاه بالتجربة الانتخابية. لكن تجربة "المشتركة" اثبتت، بالممارسة، انها لم تكن ناجعة بالشكل الكافي والمتوقع. ما علينا ... الانتخابات من ورائنا وتجربة النجاعة وترسيخ وتعميق المشاركة والوحدة من امامنا. ونريد ان نكون كلنا ثقة بان المشتركة لن تخيّب الآمال، والبرهان – الامتحان - لديها ومن واجبها...

الانتصار الحقيقي

أصبحت قضيتنا اليوم وجوب المحافظة على "المشتركة" وتجذير ما زرعته من بذور ايجابية. وأخيراً لم تعد حملاتنا الانتخابية حروباً داعسية غبرائية، ووهنت حزبيتنا القبلية وقبليتنا الحزبية. وثبت انه بإمكاننا أن نتصرف ليس كفرائط واورطة شعب، ولا كفدرالية طوائف وأديان وحمائل ومناطق جغرافية. وتعرّفنا على بعض بالممارسة واكتشفنا ان الذين امامنا ليسوا غيلانا يريدون نهش اجسادنا، وأنه لا يحق لنا ان ننهش أجسادهم ونخوّنهم. وانه بامكاننا تغليب التناقض الاساسي بيننا وبين السلطة الصهيونية في دولة يهودها على التناقضات الثانوية فيما بيننا كشعب باق في وطنه تخرجه اسرائيل خارج حدود المواطنة وتحتل بقية أرضه وشعبه في الضفة والقطاع.

الشيخ النشيط السياسي الاسلامي يخطب انتخابياً في حي مسيحي ويُستقبل بالحميمية والتصفيق. والمرأة الشيوعية الجبهوية تخطب في حي هو معقل للإسلامية وتُستقبل بالمثل. ويتعانق الشيوعي الجبهوي والقومي ويتعاونان حقاً على هزيمة الصهيوني لا على هزيمة احدهما للآخر. هذا هو انتصار القائمة المشتركة الحقيقي الكبير والممتاز العظيم. ولَوْ حصلت المشتركة على 11 عضواً فقط لا على 13 لكان ذاك، مع ضمان ما ورد سابقاً في هذه الفقرة، الإنجاز الافضل والانجع للمشتركة لنا كشعب عليه ان يتصرف كشعب حتى يحقق حقوقة كشعب.

بهذا المعنى، "الانتخابات" أمامنا لا ورائنا ليس لضمان الكراسي وانما لضمان الطريق وتعبيده. والمطلوب اليوم من "المشتركة" ان تنتخبنا وتصون ندائنا لها أن اعملي وتوحّدي حتى نصونك ونعمل ونتوحّد. قومي بهذا داخل البرلمان وفي الميدان، دون اهمال وجوب التعاون والمشاركة مع قوى يهودية ديمقراطية.

المطلوب من المشتركة، برلمانياً، ان تنتهج خطاباً قومياً ومدنياً بعيداً عن الخشبية والشعاراتية والزعيق والتسعير لاثبات البطولة والنجومية. لا نريدكم "أبطالاً" وهميين ومنفرين تستدعون العزلة والحظر. ولا نريدكم مجرد خطباء يثرثرون بل نواباً نشطاء ومبادرين وفاعلين وفعّالين في مختلف لجان الكنيست واجتماعاتها. أرونا بطولتكم بخطاب ديمقراطي وواقعي مقنع ومدعوم بالحقائق والمعطيات ويتعذر دحضه وقادر على اختراق اسوار اسبارطة الصهيونية وتجنيد مؤيدين. خطاب لا يتنازل قيد أنمله عن طرح الحل العادل للقضية الفلسطينية وإدانة جرائم الاحتلال واستمراره، لكنه في الوقت نفسه يركّز اكثر ويبرز القضايا المدنية المطلبية لنا في المستنقع العنصري الخانق لحياتنا. نريد لخطابكم ان يخترق، قدر ما هذا ممكن، الاعلام المحلي والعالمي ايضا وان يلفت نظر للعالم لقضايانا.

والمطلوب من "المشتركة"، ميدانياً وجماهيرياً، أن تعي أن تعزيز المشاركة والوحدة لا يتم من خلال البرلمان وإنما في ساحاتنا وشوارعنا وبيوتنا. تباً لوحدة كرسيولوجية لا تعمل على بناء وحدة جماهيرية في مؤسساتنا التنظيمية او لجاننا وجمعياتنا وهيئاتنا الثقافية، وفي كل ما اصطلح على تسميته بأطر المجتمع المدني – بدءً بلجنة المتابعة ولجنة الرؤساء والاطر القطرية وانتهاء بأصغر أي اطار محلي او قطري موجود او يجب ايجاده وبنائه.

هكذا تنتصر "المشتركة" حقاً. هكذا ننتصر نحن الشعب بها. هكذا معاً، قائمة مشتركة وجماهير ننتصر ببعض وينصر بعضُنا البعض. قولوا ان شاء الله واضيفوا لدعائكم – لدعائنا - كثيراً من القطران وأطنانا من العمل المثابر والخلاّق.

وما هو المطلوب من شعبنا الفلسطيني عموماً ومن قيادته، ومن أحزابنا وأطرنا المحلية في اسرائيل، وأي خطاب – نهج – يجب ان يعتمد الآن على ضوء النتائج العامة للانتخابات البرلمانية؟ هذا هو موضوع المقال الرابع والاخير في هذه السلسلة. لا اعد بكتابته قريبا لأني مضطر للسفر الى امريكا لمدة اسابيع لسبب عائلي وللمشاركة في نشاطات ثقافية وسياسية دُعيَت اليها. لنا عودة، والعودة لكم وانتم وشعبنا على موعد بالانتصار ... أحمدُ.




Copyright © elgzal.com 2011-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع الغزال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت